لست على دراية بالعصر الذي أطلق فيه أجدادنا العرب القدامى مقولتهم "لا يرْمي بيوت الناس من كان بيته من زجاج"! ولعل في ذكر الزجاج، بوصفه مكوّناً من مواد بناء مستخدمة عند العامة في الزمن الغابر، مبطناً بإشارة خفية إلى وجود بعض المنازل المحصّنة المبنية من صخور ومواد صلبة منيعة! وفي هذه المفارقة تبرز حالة طبقية، تفرز المقتدر من البسطاء! وتمنحه أحقية رمي بيوت الآخرين "الزجاجية" طالما قد أمن على بيته من رمي مضاد ومضاعف، وأضرار محتملة، نتيجة مقاومة الحجارة بالحجارة! وإن استبعدنا جهل أجدادنا بحقوق الجار على مرّ العصور، إلا عصرنا! وتجاوزنا فوارق البناء، وأبقينا على المشهد بمنازل زجاجية فقط، فإن ترك الحرية لمن شاء ولأي سبب شاء أن يرمي منازل الغير ربما يُحدث رداً بالمثل، وربما أقسى، لا محالة! وبالتالي فإن أولى خسائر الطرفين منازلهما التي عادت لمكونها الأولي: ذرات تراب أساس صناعة الزجاج الذي تحطم! وهنا تكون قد حلّت بالقوم كارثة انتحار ـ اجتماعي ـ جماعي!