بناء الشخصية واللغة!

بناء الشخصية واللغة!
يتساءل كثيرٌ من الآباء قُرب بداية كل عام دراسي أي المدارس يُسجل ابنه وابنته! وكيف يجد البيئة المدرسية التي يطمئن إليها! ويُركز كثيرون على تعليم اللغة الإنجليزية، ويبحثون عن المدارس التي تهتم بتعليمها، ويغفلون عن بناء شخصية الطالب الذهنية التي تبدأ منذ السنة الأولى الدراسية!
 
إن التمكن من إجادة اللغة الإنجليزية أصبح مطلب الكثير من الأسر، فاللغة الإنجليزية باتت لغة الدنيا والمال، ولغة العلم التطبيقي والصناعة، ولغة السياحة والإعلام، لكن التعليم ليس هو التمكن من إجادة هذه اللغة الأجنبية، فكم من عامل وخادمة يتحدثون اللغة الإنجليزية، ولكنهم محددوي العلم والثقافة، فكانوا عُمالاً وخدماً.
 
إن التعليم ليس معرفة اللغة فحسب، إنما هو بناء الشخصية وتزويدها بالمهارات الأساسية المعرفية، أما اللغة فوسيلة، وشتان بين الوسيلة والغاية، وفرق بين استيعاب المادة العلمية، ومعرفة اللغة الثانية، ولهذا أرى الفصل بين الأمرين لكي لا يصبح الطالب تائهاً بين معرفة اللغة الثانية وبين استيعابه المادة العلمية، ومن ثم يكون كالمنبتّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.
 
إن إجادة اللغة الأم سواءً أكانت العربية أو أي لغة أُخرى أساس العلم وبناء الشخصية، فالفهم يكون باللغة الأم، واستيعاب المعلومة باللغة الأم، وسرعة الجواب باللغة الأم، والقدرة على الحوار والنقاش باللغة الأم، والتمكن من الخطابة والتحدث أمام الجمهور بثبات باللغة الأم...
 
كيف واللغة العربية تزدان بأنها لغة القرآن الخالدة المحفوظة: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنًّا لًهُ لَحَافِظُونَ}، بها نقرأ القرآن، وبالتمكن منها نتأمل ونتدبر الآيات، وبها يكون الخشوع والخضوع، وبها نعرف الفرق بين الفتيل والنقير {وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} و{وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً}، وبها نقرأ سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وسير الصحابة والتابعين، ونتعرف القدوات في تاريخنا الاسلامي المجيد، ونقرأ تاريخنا الوطني.
 
إن نصيحتي هي الاهتمام والتركيز على المدرسة التي تهتم بلغة الطفل الأم، وببناء شخصيته منذ الأسابيع الأولى، أما إجادة اللغة الإنجليزية، فهناك قنوات متعددة لإجادتها، بعض المدارس تعتني بتعليمها كلغة ثانية وتمنح وقتاً إضافياً بحصص زائدة، وبعض الآباء يُلحِقون أبناءهم بمراكز مسائية مُتخصصة في تعليم اللغات الأجنبية، وكذلك بمراكز صيفية داخلية وخارجية، والسنوات التحضيرية في الجامعات عالجت مشكلة ضعف اللغة لدى الطلاب الجامعيين. المهم لا تجعل اللغة الإنجليزية هدفك الأول، اجعلها الدرجة الثانية، أو الثالثة، وركز على لغته الأساس وبناء شخصيته، وتزويده بالمهارات المعرفية. 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org