"عطا الله" لـ"سبق": لا أنسى الأب الذي قتل المهربون ولديه​ بـ"الجوال".. والفتاة التي أبكت العالم

قال إن ركوع المسلم "الروهنجي" للعلم البوذي وتغيير اسمه شرطان لدخوله المدارس البورمية
"عطا الله" لـ"سبق": لا أنسى الأب الذي قتل المهربون ولديه​ بـ"الجوال".. والفتاة التي أبكت العالم
- أناشد الملك سلمان الدعوة لمؤتمر دولي عاجل لحل أزمة "الروهينجا"
- "مراكب الموت" والمذابح الجماعية قضت على مليون "روهنجي" مسلم.. وحالياً 10 آلاف شخص مفقود في البحر.
- الرهبان "الموك" عصابات مجرمة تقتل وتغتصب المسلمات خوفاً من انتشار الإسلام بشكل سريع.
- منظمات الأمم المتحدة صوّرت بالأقمار الصناعية أماكن المسلمين وقراهم ومزارعهم التي تتعرض التدمير كـ"أراضٍ محروقة".
- يخافون من تحويل "آراكان" إلى ولاية مسلمة، وارتكبوا 23 مذبحة ضد المسلمين.
- "بورما".. تحوّلت لـ"قبلة البوذيين" في العالم؛ لوجود معابد بوذية قديمة كبرى وتماثيل آلهة البوذيين المزعومة.
- المسلمون لا يستطيعون النوم في بيوتهم في الليل؛ بسبب الاقتحامات والتفتيش واغتصاب نسائهم.
- وجود الآثار الإسلامية القديمة والمساجد يؤكد أحقية المسلمين "الروهينجا" في بورما.
- القوانين العنصرية تمنع المسلم المعتدى عليه من الرد والشكوى.. والحكومة لا تقبل شكاوى المسلمين.
 
أجرى الحوار/ شقران الرشيدي- سبق- الرياض (تصوير: عبد المجيد العازمي): يقول عطا الله نور، رئيس وكالة أنباء الروهينجا إن هناك تعتيماً إعلامياً خطيراً على أزمة شعب "الروهينجا" المسلم في بورما، الذين يُهجّرون قسراً فيما يسمى "مراكب الموت"، ويُقتلون في مذابح جماعية في غابات تايلاند، وتُغتصب نساؤهم، وتُحرق قراهم بمعرفة ورضا الحكومة العسكرية البورمية التي تساعد على اضطهادهم بسبب دينهم. مؤكداً في حواره مع "سبق" على أن العصابات البوذية قتلت مليون مسلم خلال الـ 60 عاماً الماضية، وأن ما يتعرض له المسلمون في بورما يدعمه البوذيون في العالم؛ لوجود معابدهم وتماثيل بوذا القديمة التي لها مكانة مقدسة لديهم، وخوفاً من الانتشار السريع للإسلام في تلك المنطقة. كاشفاً عن القوانين العنصرية التي تسنّها الحكومة البورمية، ومنها اشتراطها على المسلمين لكي يدخلوا المدارس الركوع للعلم البوذي، وتغيير الاسم الإسلامي إلى الاسم البوذي، وتغيير الملامح والانسلاخ من الهوية الإسلامية تماماً. متحدثاً كذلك عن المآسي الإنسانية، والقصص المحزنة التي تعرّض لها رجال ونساء "الروهينجا" على يد الجواسيس وتجار التهريب. مناشداً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الدعوة لعقد مؤتمر دولي عاجل في الرياض؛ لوضع حلول لأزمة "الروهينجا".. ويتناول الحوار عدداً من المحاور الأخرى المهمة.. فإلى تفاصيل الحوار.
 
** تظل أزمة شعب "الروهينجا" المسلم، وما يتعرضون له من اعتداء، وحرق، وتعذيب، وقتل غصة في حلق كل مسلم.. فما هي جذور هذه الأزمة وتداعياتها؟
"الروهينجيون" هم عرقية مسلمة، ينحدرون من عدة سلالات؛ منها العربية، والتركية، والهندية، والمغولية... وقد اجتمعوا قبل أكثر من 14 قرناً في منطقة يطلق عليها "آراكان" (بورما حالياً)، وسكنوا منطقة فيها تسمى بـ"الروهنج".. التي تؤكد الحكايات المتداولة أن أصل هذه الكلمة عربي، وأن سفينة لتجار عرب تحطمت قديماً في ذلك المكان، وكانوا يرددون باللغة العربية "الرحمة الرحمة".. فحُرّفت الكلمة عبر السنين من سكان المنطقة حتى صارت "الروهينج". والإسلام وصل لهذه المنطقة عن طريق التجار العرب قديماً، وقد دخل الأهالي في دين الله وأسلموا. وللعلم فالروهينج (بورما) هي آخر حد يصل فيه الإسلام من جهة جنوب قارة آسيا. والدول الأخرى التي بعد بورما كلها بوذية متشددة. وحكومة بورما العسكرية الحالية تعتبر شعب "الروهينجا" مهاجرين غير شرعيين دخلوا لها مع الاستيطان البريطاني، واستوطنوا منطقة "آراكان"، لذا تريد تحجيمهم، والضغط عليهم بشتى الطرق والأساليب لكي يهربوا وتتخلص منهم بأي طريقة. وقد صرح الرئيس البورمي الحالي بشكل رسمي بأن "الروهينجا" مهاجرون غير شرعيين، وإن أرادوا العيش في بورما فليعيشوا في مخيمات اللاجئين فقط.
 
 
 
** ما هي الأساليب "التعسفية" التي تتخذها الحكومة البورمية حالياً ضد مسلمي "الروهينجا"؟
لديهم خطط ممنهجة لذلك. وهناك تعتيم إعلامي خطير. ورغم أن عدد المسلمين في بورما حالياً في حدود مليون وثلاثمائة ألف روهنجي مسلم، إلا أن الحكومة البورمية والبوذيين قتلوا منهم خلال الـ 60 عاماً الماضية مليون روهنجي. وما زالوا يقتلون حتى الآن عبر "مراكب الموت"، و"المقابر الجماعية" في البحر، والغابات التي اكتشفت أخيراً في جنوب تايلاند وماليزيا.
 
** ما هي أسباب كل هذا القتل والاضطهاد ضد مسلمي "الروهينجا" في بورما.. هل السبب اختلاف الديانة فقط أم هناك أسباب أخرى؟
ما يتعرض له المسلمون في بورما له سببان، سياسي وديني؛ فـ"بورما" منذ 50 عاماً هي قبلة البوذيين في العالم كله؛ لوجود معابد بوذية قديمة كبرى لها مكانة لديهم، وتماثيل آلهة البوذيين المزعومة فيها، ولذا البوذيون في العالم متعاطفون مع حكومة بورما، ومؤيدون لما تفعله بالمسلمين. ويدعمونها "لوجستياً"، والدول الأخرى البوذية تقدم الدعم السياسي؛ إضافة إلى أن بورما تتمتع باقتصاد قوي، وثرواتها الطبيعية كثيرة كالأخشاب حيث يوجد أفضل أنواع الخشب في العالم وهو خشب "التيك"، وللعلم فالكعبة المشرفة بمكة المكرمة مسقوفة بهذا الخشب، وهناك كذلك الغاز الطبيعي، والبترول، والذهب، والأحجار الكريمة، والثروة السمكية والمائية، والقوى البشرية. وأغلب الدول الكبرى مقبلة حالياً على الاستثمار في بورما؛ لكثرة موادها الخام التي لم تستغلّ بعد.
 
 
** يتردد أن هناك تخوفاً من حكومة بورما أن تتحول ولاية "آراكان" غرب بورما إلى منطقة مسلمة بالكامل، وأنها ستطالب مستقبلاً بالانفصال عن الدولة.. ما صحة ذلك؟
السبب ليس هذا بل إن الرهبان البوذيين الذين يعدون مقدسين، وآلهة على الأرض، وكذلك بوذيو "الموك" هم عصابات مجرمة يضطهدون المسلمين في "آراكان" بدعم وصمت من الحكومة البورمية العسكرية، ويخافون من تحويل "آراكان" كلها إلى ولاية مسلمة، ولذا يمارسون ضد المسلمين التهجير القسري من قراهم، ومدنهم، ومزارعهم، والتضييق عليهم، وقتلهم، وتعذيبهم، وارتكاب المذابح الجماعية، ونحن نتكلم عن 23 مذبحة ارتكبت ضد المسلمين خلال الـ 60 سنة الماضية. ولذا يريدون تطفيشهم إلى بنغلاديش أو إندونيسيا أو ماليزيا. ولا يريدون للمسلمين أي وجود في هذه المنطقة بتاتاً، فالإسلام ينتشر بشكل سريع، وبعض البورميين يتحول للإسلام، وهم لا يريدون ذلك، حتى إن بعض منظمات الأمم المتحدة صوّرت بالأقمار الصناعية أماكن المسلمين، وقراهم، ومزارعهم تتعرض للحرق والتدمير كـ"أراضٍ محروقة".. والمسلمون لا يستطيعون النوم في بيوتهم في الليل؛ حيث تكثر الاقتحامات والتفتيش والاعتداءات على نسائهم. وتتخذ الحكومة البورمية أساليب وحشية كالإجلاء، والاغتصاب، والحرق؛ لتهجير المسلمين ودفعهم لمغادرة ولاية آراكان.
 
** كيف كان وضع "الروهينجا" قبل انقلاب الجيش البورمي عام 1962م على الرئيس المنتخب، ووصول العسكر للحكم؟
كان لهم تواجد في المجتمع البورمي، وكانت لهم برامج إذاعية، وصحف تصدر باللغة الروهينجية، ولديهم أوراق ثبوتية، ويعاملون كمواطنين بورميين، حتى إن الرئيس البورمي السابق كان يؤكد على أن الروهينجا مكون أساسي من مكونات المجتمع البورمي الذي يضم 140 عرقية. لكن في عام 1962م عندما انقلب الجيش البورمي على الرئيس المنتخب بدأ يقصي مجموعة من العرقيات حتى يتفرّد بالحكم وحده. وتأصيلاً لكلمة الرهبان التي يكررونها دائماً "بورما.. للبورميين"، وهم يقصدون أنفسهم فقط.. لذا يتعسفون حالياً في إصدار القوانين لتهجير المسلمين. ورغم وجود الآثار الإسلامية القديمة، والمساجد الأثرية، والمدارس الدينية، والآبار التي حفرها المسلمون من مئات السنين، وكذلك تأكيد المؤرخين، والوثائق البريطانية، والألمانية بأحقية المسلمين "الروهينجا" من أهالي المنطقة الأصليين.
 
 
 
** نسمع عن صدور قوانين غريبة ضد المسلمين في بورما.. فهل هناك قوانين عنصرية؟
هناك الكثير من القوانين العنصرية كقانون غريب يسمح للعائلة "الروهنجية" بالانتقال من الشرق إلى الغرب لكن لا يحق لهم العكس؛ لأنهم يريدون تجميعهم على الحدود مع بنغلاديش، وتركهم هناك ليتخلصوا منهم، وقانون آخر ينص على أن المسلم الذي يعتدي عليه بوذي "مواطن" لا يحق له رد الاعتداء، ولا يحق له الشكوى؛ فالشرطة والحكومة لا تقبل شكاوى المسلمين، كذلك لا يحق للمسلمين التعلّم في المدارس الحكومية، ولا العمل في أي دائرة حكومية، وبعد الضغوط الدولية سُمح لبعض المسلمين بدخول المدارس بشرط الركوع للعلم البوذي، وتغيير اسمه الإسلامي للاسم البوذي، وتغيير ملامحه وينسلخ من هويته الإسلامية. وكثير من المسلمين يرفضون ذلك. مما أوصل المسلمين إلى حالة اليأس والرغبة في الخروج من هذا المكان بأي طريقة، ويظنّ بعضهم أن هناك حياة أخرى أفضل لهم في الدول المجاورة كتايلاند، وماليزيا، وإندونيسيا. وهناك بعض الجواسيس، وتجار التهريب يرغّبونهم في الهجرة نحو الخارج، ويغرونهم بوجود العمل والحرية، فلم يجدوا أمامهم إلا الهجرة عبر ما يسمى "مراكب الموت"؛ للنفاذ بدينهم، وحياتهم، وأطفالهم من هول ما رأوه.
 
** لماذا تزايد في الآونة الأخيرة الحديث عن "مراكب الموت" التي يهرب بها الروهينجا نحو دول أخرى بحثاً عن فرص حياة أفضل؟
الخروج بـ"مراكب الموت" كما تسميها وسائل الإعلام الدولية بدأ منذ 2012م، وبلغ عدد الهاربين أكثر 120 ألف روهنجي مسلم بين رجال وشباب ونساء وأطفال، وكبار السن... والأزمة الأخيرة امتداد لهذا الهروب الكبير، لكن الأزمة تفاقمت بشكل خطير؛ لأن حكومات الدول المجاورة لم تعد تستقبل مزيداً من مهاجري "الروهينجا"، ووصلت حد الكفاية منهم، فقد وصل عددهم في بنغلاديش إلى أكثر من مليون روهنجي، وفي تايلاند 20 ألفاً، وفي إندونيسيا 15 ألفاً، وفي ماليزيا 60 ألفاً. وهم يُسكنونهم في مراكز إيواء تحت إشراف مفوضية اللاجئين، ويُمنحون بطاقات على دفعات متباعدة، وينقلونهم إلى بعض الدول الأوروبية، وأستراليا، وأمريكا التي تقبل بالمهاجرين للعمل والإقامة الدائمة. وهناك الكثير منهم لا يزال ضائعاً في البحر، ومراكب تائهة بالمئات، ونحو 10 آلاف شخص مفقود. وبعض الدول أرسلت فرقاً للاستكشاف كماليزيا، وتركيا، والفلبين.
 
 
** ماذا عن "الروهينجا" أو البورميين المسلمين في السعودية.. كيف هي أوضاعهم؟
السعودية قامت بتصحيح أوضاع "الروهينجا" البورميين منذ سنوات، ومنحتهم بطاقات للإقامة والعمل؛ لتسهيل شؤون حياتهم، والسعودية وقفت وقفات مشهودة مع البورميين المسلمين منذ عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وحالياً يبلغ عدد البورميين في السعودية تقريباً 250 ألف نسمة. منتشرون في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة، وهناك أعداد منهم في الرياض والشرقية.
 
** ما هو المطلوب من الدول الإسلامية للمساعدة في حل أزمة "الروهينجا"؟
الدول الإسلامية لم تقم بما هو مفروض منها القيام به تجاه البورميين المسلمين حتى الآن. المفترض تجتمع كلمتها في منظمة التعاون الإسلامي، وتتبنى هذه القضية كما تبنوا قضية سوريا، وقضايا المنطقة المختلفة، ويبدأون الضغط على حكومة بورما العسكرية عبر المجتمع الدولي، والأمم المتحدة لإيجاد حل لها. وهناك حلول أخرى يتم من خلال الضغط عبر رابطة دول جنوب آسيا "آسيان" التي في عضويتها بعض الدول الإسلامية كماليزيا وإندونيسيا، وبروناي، الذين يعتذرون بأن بينهم وبين حكومة بورما معاهدات عدم التدخل!! في حين أن أزمة "الروهينجا" أزمة عالمية. وأملنا في روسيا والهند وأمريكا التدخل بنفوذها الدولي للمساعدة في حل هذه الأزمة الإنسانية.
 
 
** ما هي الحوادث الإنسانية المحزنة التي تعرض لها "الروهينجا" ولا تنساها؟
هناك الكثير من المآسي التي تحدث لمسلمي "الروهينجا" حالياً فتجار التهريب يخدعونهم، ويخطفونهم إلى غابات تايلاند، وهناك يتصلون على أهاليهم طالبين فدية من المال أو يقتلونهم، والأهالي هم في الأصل فقراء لا يملكون شيئاً. ويقوم المهربون بضربهم وتعذيبهم أثناء الاتصال حتى يُسمعوا أهاليهم صراخهم، ويستعجلون في دفع المال، وقد قُتل بهذه الطريقة الكثير منهم. وهناك أسر تشتت، وقد التقيت برجل روهنجي في تايلاند حكى لي أن المهربين خدعوا وخطفوا اثنين من أبنائه من قريتهم، واتصلوا عليه من أجل دفع الفدية لإطلاق سراحهم، وحددوا مبلغ 5 آلاف دولار لكل واحد؛ لكنه أبلغهم بعدم قدرته على دفع المبلغ، فخفضوا المبلغ إلى ألفي دولار حتى وصلوا معه إلى مبلغ 1500 دولار، وعندما حوّل لهم المال قاموا بضرب وقتل أحد أبنائه، وهو يسمع صراخه على الجوال، والابن يقول: "يا والدي لا أستطيع التحمل أكثر"، ثم سقط ومات، والأب يسمع كل ذلك، وجُنّ جنونه، أما ابنه الثاني فلم يجد له أثراً حتى اكتشفت المقابر الجماعية الأخيرة في تايلاند. وهناك قصة أخرى عن فتاة روهنجية مسلمة أبكت العالم، فقد فرّقها المهربون عن أسرتها أثناء ركوبهم المراكب، وأهلها لا يعلمون عنها شيئاً وهي لا تعلم مكانهم. وأثناء وجود وسائل الإعلام الإندونيسية في تغطية وصول "مراكب الموت"، ودخولها مع اللاجئين للمخيمات أعطاها أحد الاعلاميين هاتفه الجوال لتتصل بالمهرب تسأله عن أهلها، فقال لها إن مركب أهلها غرق، وأفراد أسرتها ماتوا جميعاً، والحادثة موثقة ومصورة، وبُثت في مختلف وسائل الإعلام الدولية، وكان المنظر مؤسفاً جداً.
** كلمة أخيرة..
نناشد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك المسلمين، أن ينظر بما يمثله من نفوذ في العالم الإسلامي في أزمة شعب الروهينجا، والدعوة لمؤتمر دولي عاجل في الرياض بشأن هذه الأزمة الإنسانية بحضور الدول الكبرى، والمعنية؛ لوضع حلول عاجلة لها.
 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org