"الشمري" لـ "سبق": في "القديح" و"العنود" فشلت الطائفيّة وتفوّقت الوطنيّة.. وتماسك السعوديون

قال: هذه العلامات ​ الـ 10​ تفضح الانتحاري قبل القيام بعملية إرهابية.. وعند الشك عليكم بتبليغ الجهات الأمنية فورا​
"الشمري" لـ "سبق": في "القديح" و"العنود" فشلت الطائفيّة وتفوّقت الوطنيّة.. وتماسك السعوديون
- المتعاطفون مع الإرهاب هم الأخطر.. وشبكات التواصل الاجتماعي أصبحت تحت سيطرة إرهابيين مؤثرين
- "داعش" و"حزب الله" و"بوكو حرام" تخطف الأطفال وتستغلهم جنسياً ويدفعونهم للمخدرات باسم الدين
- القوة الأمنية السعودية الفائقة حدت من فوضى الإرهاب والإرهابيين
- بعض الكتّاب العرب يتعاطى مع الأحداث السعودية وكأنها هجوم نووي مثل "هيروشيما" و"ناجازاكي".
- أتساءل لماذا تحرير فلسطين ومحاربة إسرائيل لا يمكن أن يمر دون أن تتم محاربة المسلمين في السعودية؟
- السياسيون السعوديون وعلماء الدين والمواطنون رجال ونساء قدّموا أمثلة حيّة على المواطنة الحقيقية وتبرعوا بدمائهم لضحايا الإرهاب.
- وطننا مستهدف.. وتفجيرات القديح والعنود وقبلهما تفجيرات الرياض تؤكد على مقاصد هذه التيارات الإرهابية.
- التنكّر باللباس الباكستاني والعباءة النسائية يدل أن منفذي العلميات الانتحارية "سذّج".
- بعض النساء دخلن على خط الإرهاب للتحريض والتجنيد لصالح تيارات متطرفة.. ولا بد من قراءة ذلك بتمعن.
- السعودية تعتبر أقوى الدول استقراراً على جميع الأصعدة وهذا يغيظ أعداءها.
- الجماعات الإرهابية "تتصيد" الفاشلين في حياتهم وأرباب السوابق لتنفيذ التفجيرات.
أجرى الحوار شقران الرشيدي- سبق- الرياض (تصوير عبد المجيد العازمي): يؤكد د.منصور الشمري، المتخصص في الجماعات المتطرفة والإرهاب، أن الجماعات الإرهابية أرادت من تفجيرات "القديح" و "العنود" أن تكون طائفيّة لكنها انقلبت لحمة وطنيّة، فجميع المواطنين السعوديين واعو بأن الوطن مستهدف منذ سنوات طويلة وأن تفجيرات الشرقية والرياض سابقا، وغيرها كلها دلائل على مقاصد هذه التيارات الإرهابية. مشيراً في حواره مع "سبق" على أن الساسة السعوديين، وعلماء الدين، ونخب المجتمع، وأفراده رجالاً ونساءً قدّموا أمثلة شاهدة وحيّة على التلاحم والتماسك الوطني كان من أبسطها التبرع بالدم لضحايا العلميات الإرهابية. موضحاً تواطؤ بعض الكتّاب العرب مع الأحداث في السعودية، وتشبيهها، وكأنه مثل الهجوم النووي على "هيروشيما وناجازاكي". متسائلا عن كل النداءات التي تطلقها الجماعات المتطرفة مثل "داعش"، وحزب الله بمحاربة إسرائيل وأمريكا، واليهود والنصارى، وتحرير فلسطين، ولماذا لا يمكن أن تمر دون أن تتم محاربة المسلمين في السعودية؟ مشيراً إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي باتت تحت سيطرة الإرهابيين، ومطالبا بإعلام مضاد.
 
وتناول الحوار عدداً من المحاور المهمة عن الجماعات المتطرفة، وفكر المتعاطفين معهم، وعلامات الإرهابي الـ 10، وأسلوب خطف للأطفال، واستغلالهم عن طريق العنف الجنسي والمخدرات، واصطياد "الفاشلين" في حياتهم من أرباب السوابق لتنفيذ المخططات الإرهابية، وغيرها من المحاور. فإلى تفاصيل الحوار..
 
 
* ما الذي يدفع الجماعات الإرهابية في كل مرة الدعوة إلى نقل المعركة داخل جزيرة العرب، ولماذا تتمنى رؤية هذا البلد يعيش فوضى كما يعيشها بعض البلدان الأخرى؟
منذ الحرب الأفغانية السوفيتية كانت الأصوات التي تنادي بقتال الدولة السعودية مرتفعة، ومع انتهاء الحرب، وتوتر مناطق أخرى في العالم الإسلامي مروراً بالحرب البوسنية الصربية حتى الشيشان، وما تلاها تهديد صريح ومباشر لأهداف في السعودية ذهب ضحيتها الكثير من الأبرياء، كانت وما زالت "الماكنة" تعمل على توكيد أن الهدف الاستراتيجي هو سقوط السعودية، وجاءت الاضطرابات العربية وما تبعها من تحولات كبيرة ومؤثرة اجتماعيا، وفكريا، وسياسيا لتحرّك هذه الجماعات لتعمل بنسق منظم، فكانت كل النداءات التي تطلقها الجماعات المتطرفة مثل داعش وحزب الله بمحاربة إسرائيل وأمريكا واليهود والنصارى، وتحرير فلسطين كلها شعارات برّاقة لا يمكن أن تمر دون أن تتم محاربة المسلمين في المملكة العربية السعودية، لهذا السبب شهد العالم العربي والإسلامي أن التفجيرات في السعودية شملت جميع الأطياف، بل لحقت باغتيال رجال الأمن وأماكن العبادة. والدافع لهذه الجماعات القتالية بنقل المعركة لداخل السعودية تحديداً هو أن قيادات هذه الجماعات تعمل لمصالح دول، ومنظمات كبرى مثل إيران التي تهدد استقرار العالم العربي والإسلامي، فالمملكة العربية السعودية تعتبر من أقوى الدول استقراراً على جميع الأصعدة، وتمتاز بوجود القوة الدينية التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقيت هذه القوة الدينية قبولاً في العالم في حين أن دولاً كإيران تصنع لنفسها القوة الدينية بطريقة جعلت حتى المجتمع نفسه يرفضها لأنه قوة استغلال لا قوة حقيقة، وهذه الحيثية يجب أن ينتبه لها، ثم تأتي القوة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتي يمكن مشاهدتها، وملاحظتها بسهولة من خلال التعايش على ارض الواقع. لهذا تجعل القوى المؤثرة على هذه الجماعات السعودية تحدي لها. وفي كل مرة نتحدث عن جماعة متطرفة فإنني أقول إنها لن تعيش بمعزل عن بيئة حاضنة وراعية، وتعتبر إيران هي الدولة التي تستفيد من هذا التهديد وتقدّم له كل المساعدات للإضرار بالسعودية، ودول المنطقة، وهذا ما نشاهده من محاولات احتلال للبنان، وسوريا، والعراق، واليمن.
 
* تفجيرات مسجد القديح، ومسجد حي العنود في المنطقة الشرقية من السعودية؛ ماذا تعني لتنظيم "داعش" الذي أعلن مسؤوليته عنها؟
قتل رجال الأمن، وتفجيرات المساجد ليست هي مشاريع داعش التي تطمح لتنفيذها، فمشاريعها أكبر من هذه التصرفات التي يطلق عليها التصرفات المحدودة، وسبب محدودية مشاريعها هي القدرة الأمنية الفائقة والكبيرة في مكافحة الإرهاب بالسعودية والتي تستفيد منها دول العالم في هذا المجال. داعش تعمل لخلق الفوضى، ولتعطي نفسها زخماً من العظمة، وأنها قادرة على وصول أي بلد وتنفيذ العمليات، لهذا هي تقوم بالإعلان عن أي عمل يؤكد على أنها "موجودة" خصوصاً مع خطبة البغدادي الأخيرة والتي ذكر فيها بأن داعش ليست محتاجة للدعم، ونحو ذلك، وأرجع مرة أخرى على تأكيد أن أعمال داعش هي أعمال منظمات محترفة ترتبها قيادات داعش لتثبت قدرتها وتواجدها عن أتباعها حالياً خصوصاً في ظل معطيات الواقع في العراق وسوريا.. ورغم ذلك تظل محدودة.
 
 
* ما أبرز تأثيرات وتداعيات تفجيرات القديح والعنود على المجتمع السعودي؟
للأسف كانت الكتابات من بعض كتّاب العرب سلبية، وتعاطت مع الحدث وكأنه مثل الهجوم النووي على "هيروشيما وناجازاكي" ناهيك عن توظيف عبارات التحريض، والتي كانت لدى بعضهم قائمة دون حدث إلا أن الحدث قدّم لهم مادةً يستفيدوا منها، ولن أتحدث عن الإعلام الإيراني العربي، والفارسي، وكذلك الأقلام الإيرانية، فهذه تعمل على الدوام بالإساءة للمجتمع السعودي، والخليجي، والعربي، والإسلامي بصفة مستمرة. وتفجيرات القديح والعنود كانوا يريدونها طائفيّة لكنها انقلبت لحمة وطنيّة، فشبكات التواصل الاجتماعي، ومواقع الويب، والملتقيات العامة في المنطقة الشرقية كلها جاءت لتؤكد على أن الوطن مستهدف منذ سنوات طويلة، فتفجيرات الرياض، وغيرها كلها دلائل على مقاصد هذه التيارات الإرهابية التي لا تفرّق بين أطياف المجتمع السعودي، وإنما جلّ اهتمامها هو أراقت الدماء المعصومة من أجل تنفيذ مشاريعها السياسية. المجتمع السعودي كان واعياً، وفطناً ومدركاً لجميع التحديات التي تمر بها المنطقة العربية منذ سنوات، فكان متماسكاً، مهتماً بشأنه الداخلي، قلقاً على نسيجه الاجتماعي، عالماً بمقاصد هذه التيارات الإرهابية، ومشاهد ذلك على الواقع كثيرة، فالساسة، وعلماء الدين، ونخب المجتمع، وأفراده رجالاً ونساءً قدّموا أمثلة شاهدة وحيّة كان من أبسطها التبرع بالدم لضحايا العلميات الإرهابية. نعم فشلت الطائفيّة وتفوّقت الوطنيّة.
 
* تنكر الإرهابي مفجر مسجد القديح بزي باكستاني، وتنكر الإرهابي الآخر مفجر مسجد العنود بزي امرأة، كيف تقرأ ذلك؟
منفذو العلميات الانتحارية عادةً هم سذّج، لا يملكون قراراً شخصياً، لديهم اختزالات نفسية، لهذا يسهل التأثير عليهم للقيام بتفجير أنفسهم، وما يتعلّق بتغيير المظهر سببه سهولة التنكّر علاوة على ذلك عدم وضوح "الناسف" الذي يلبسه من خلال اللباس الواسع، والذي يكون اللباس الباكستاني والعباءة غطاءً له، وهناك 10 علامات تفضح الانتحاري، وتدعو للشك في من يقْدم على القيام بتنفيذ عملية إرهابية سواء كان محسوبا على تنظيمات إسلامية أو غيرها، وقد ينطبق بعضها أو كلها على الانتحاري، أن من تلك العلامات ارتداء ملابس غير ملائمة للمكان والطقس، طريقة المشي تكون غريبة عادة بسبب وزن المتفجرات التي يحملها، يبدو على الوجه انفعال، توتر، قلق، تعرق شديد، تشنج في عضلات الوجه، وتسارع التنفس، النظر للأمام، تحريك الشفاه، تجاهل النداء، التعطر بروائح كالمسك وغيره. وبالمناسبة فإن الدفاع بالنفس –أي تقديم الروح للموت– من أدبيات الخميني وثورته التي قضت على كل حياة في إيران، ويمكن القول بأن داعش هي من يحتل المرتبة الأولى حالياً بتنفيذ العمليات الانتحارية في سوريا والعراق.
 
* ألهذا السبب تركز الجماعات الإرهابية على استغلال صغار السن من المراهقين، الذين لا يتجاوز أعمار بعضهم الـ 15 عاماً، لتنفيذ العمليات الانتحارية؟
صغار السن يتم استغلالهم بسهولة، وهناك جهات كثيرة لهذا اليوم تستخدم صغار السن، علاوة على أن التيارات المتطرفة تعمل بشكل متسارع لخطف الأطفال مثل داعش، وبوكو حرام وذلك لتنفيذ مشاريعهم الإرهابية من خلالهم، أو يتم إقناعهم بالقيادة والقوة ونحو ذلك، ومما يشار إليه في هذا الصدد أن صغار السن يتعرضون للممارسات ليست بأخلاقية من بعض الجماعات القتالية المتطرفة مثل العنف الجنسي والمخدرات وذلك للسيطرة التامة، والكاملة على هؤلاء الصغار، ناهيك على أن صغير السن ليس مصدراً مقلقاً لتنفيذ عملية انتحارية، ويسهل تحركه، وهذا يدل على أن هذه التيارات المتطرفة لا تعمل بمنطلقات دينية أو إنسانية، ولقد تم استخدام صغار السن حالياً لدى عدة جماعات متطرفة منها حزب الله وداعش والحوثيين. وعلى الأسرة اليوم مسؤولية كبيرة لمتابعة أبنائها ومعرفة سلوكياتهم وتغيراتهم المفاجئة، ونوعية علاقتهم مع شبكات التواصل الاجتماعي، فإن المتابعة خير من أن تتلقى أسرة ما نبأ خبر قيام أبنهم بعملية انتحارية في مكان ما، أو هروبه لمناطق الصراع، أو أن يكون على لائحة المطلوبين أمنياً، إن تساهل الأسرة وعدم الاكتراث يعتبر سبباً في حدوث هذه المنزلقات الفكرية.
 
 
* كيف يستغلون الأطفال جنسيا (أولاداً وبنات)، ويدفعونهم لتعاطي المخدرات؟
الجماعات القتالية مثل داعش، وحزب الله تعمل على إنجاح مشاريعها دون النظر للأدوات والأساليب، فإيران من السهولة أن ترى بعض أنواع المخدرات تستخدم في شوارعها، وهناك فتاوى لمليشيات عربية تابعة لإيران في العراق تفتي بجواز تعاطي بعض أنواع المخدرات، فالموضوع ليس بجديد على الواقع، ما يتعلق باستغلال الأطفال جنسياً فإن هذا الموضوع أشمئز من تناوله، إذ أن هذه الجماعات تلبس ذلك صبغة إسلامية لتمرير مشاريعهم الإرهابية الاستقطابية الكثيرة، والتي تأتي فيها عملية الاستقطاب الفكرية بالدرجة الأولى. التيارات المتطرفة بعضها يستنكر ما تفعله داعش وحزب الله من استغلال الأطفال جنسيا أو دفعهم لاستخدام المخدرات، وهذا يأتي لبعده عما تؤكده الديانات السماوية، والحياة الإنسانية المستقيمة عن هذه الممارسات البشعة.
 
* لماذا التركيز على اصطياد الأشخاص الفاشلين في حياتهم من أرباب السوابق لتنفيذ مخططاتهم الإرهابية؟
الإنسان الذي ليس لديه ما يخسره لن يفكّر في حياته، فهو ينساق إلى ما يوهمه أنه يقدّم شيء جيد، أو يريد أن يتمرد على الحياة بحياة أخرى مختلفة، وعادةً مثل هذا السؤال سيفصّل فيه أهل الاختصاص في علم الاجتماع أكثر، لكن ما يتعلق بالتطرف الفكري فإن التيارات المتطرفة تبحث عما يشعر الإنسان بنقصه، فتقوم بمنحه ما يبحث عنه لتحقيق أهدافها من خلاله، وهؤلاء يسهل استقطابهم لكنه لا ينفي استقطاب غيرهم حتى من الناجحين في حياتهم لكن هؤلاء قلّة. لهذا السبب دائما أدعو لبناء البيئات التفاعلية والجاذبة في العالم الإسلامي، والنظرة للحياة بإيجابية، وصناعة إعلام تفاعلي يحاكي الشباب، والتركيز الشديد على شبكات التواصل الاجتماعي التي ما زالت بيئة خصبة للتغيرات الفكرية، وما زال التعاطي معها تقليديا، فتجد كلمات التحذير منها على منابر المساجد وبالملتقيات لكن ليس هناك مشاريع تحاكي الحراك الفكري في هذه الشبكات، وأصبحت قابعة تحت سيطرة مؤثرين يقودون الرأي حسب ميولهم في العالم العربي والإسلامي.
 
 
* هل للمناهج الدراسية، والبرامج الإعلامية، ودور العبادة.. دور في نشر الفكر المتطرف والتعاطف معه؟
الفكر المتطرف ينتشر بالبيئات الحاضنة، وهناك فرق بين فكر متطرف، وفكر يميل للتطرف، فالأول جاهز لتسويق ما لديه، وربما لو كانت لديه فرصة لتنفيذ عملية عنف فسيتحول إلى إرهابي، أما الآخر فهو يتماشى مع مؤثرات خارجية وداخلية، ولا يعني أنه متطرف لكن ربما يتطرف بسبب عوامل ساعدة لتغيّره الفكري، وهذا بالنسبة لي أراه أخطر من غيره، فهو لا يتحدث عن التطرف، لكنه يتعاطف مع قضايا فكرية أو سياسية معينة، فلا يمكن حصره بمنطقة ما والتغيير لديه سريع ومفاجئ. ما يتعلق بالمناهج والإعلام ودور العبادة وشبكات التواصل الاجتماعي، كلها بالعالم العربي والإسلامي يجب إعادة النظر فيها لا لوجود اتهام صريح ولكن من باب الاطمئنان إلى خلاصة عمل سنوات ماضية، والتطرف ينتقل من بيئات كثيرة لا يمكن حصرها في هذه الأمور، فعلاقة الإنسان بعائلته قد تكون سببا في نشوء فكر متطرف، وكذلك الشعور بالذنب والبحث عن الغفران سبب، ويجب أن ندرك دائما أن الفكر غير ثابت إطلاقاً، وتمر عليه متغيرات كثيرة قد يشعر فيها الإنسان بالتأرجح الفكري، لهذا أؤكد على ما ذكرته سابقا من إيجاد البيئات التفاعلية الجاذبة، ويجب أن لا تختص بفئات عمرية معينة، بل يجب أن تكون لجميع الأعمار، مع التركيز على الشباب لوجود أسباب فطرية يجب مراعاتها. وعلى الإعلام العربي والإسلامي أن يبتعد كثيراً عن تبادل الاتهامات حول الصراعات الفكرية ونشؤها، فهذا ساهم في خلق دوائر فكرية لم تكن لتوجد لولا تعاطيها بطرق ساهمت بانتشارها، فالعالم اليوم يعيش مشاكل التطرف، فهناك تقارير استراتيجية غربية تذكر بأن هناك قرابة 700 مواطن أوروبي توجه إلى مناطق الصراع للمشاركة مع الجماعات القتالية، وفي الولايات المتحدة هناك من توجه لمناطق الصراع. إننا نعيش تحديات عالمية، وقصرها على جهة دول جهة، أو دولة دون دولة، كله ليس بعلمي إطلاقاً.
 
* كيف تمكنت الجماعات المتطرفة من استغلال منابر التواصل الاجتماعي، والتقنية لاستقطاب المناصرين، وإعطاء نفسها قوة لا تمتلكها؟
داعش جماعة إرهابية خطيرة، لكنها ليست مثل الأساطير الأوروبية التي تحاك بطريقة خيالية، فهي تقوم عبر منافذها الداعمة بالتوجه إلى البيئات التي من المتوقع أن تكون حاضنة للإرهاب، فعملت على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف، ونجحت بسبب واحد ذكرته في إجابة سؤال سابق وهو غياب الإعلام المضاد القوي الجاذب في شبكات التواصل الاجتماعي، فيمكننا اليوم أن نشاهد الرايات السوداء على قنواتنا الفضائية يومياً بوطننا العربي والإسلامي، ويمكننا أن نشاهد مقاطع الفيديو التي تنشرها داعش في (تويتر – الفيسبوك- اليوتيوب...) بكل سهولة، ويمكننا بوطننا العربي والإسلامي أن نشاهد طريقة تصنع القنابل، والمعارك، وقطع الرؤوس بصورة مستمرة، ولذلك يأتي في ذهني السؤال التالي: لماذا لا تمنع مواقع التواصل الاجتماعي هذه المقاطع والصور وغيرها؟ وعلى أية حال داعش تقوم على نشر المقطع المرئي بالدرجة الأولى لأنه الأقوى تأثيرا وانتشاراً، خصوصا المقاطع القصيرة والتي عادة لا تتجاوز 30 ثانية، ثم تأتي المشاركات العامة والتي تحرّض على الحكومات والشعوب، أما المناقشات فعادة داعش لا تدخل في جدل مع المجتمع الافتراضي، وتقوم في حال التواصل مع الهدف عن طريق الهواتف ونحوها، ومن المحزن أن نقول أن هناك شباب بالعالم العربي والإسلامي قد تأثروا واقتنعوا وقاموا بعمليات إرهابية في أوطانهم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي فقط دون أن تكون له علاقة إطلاقاً بجماعات سابقة أو مشاركات قتالية لهذا على المجتمعات العربية والإسلامية إنشاء المشاريع التي تحاكي الشباب في شبكات التواصل الاجتماعي المتسارعة، والابتعاد عن العمل التقليدي كالخطب، والمحاضرات، والندوات، وتأليف الكتب الموجهة للشباب، فهذه الإقبال عليها ضعيف ومملّة، والعمل يستوجب فهم الواقع والنزول إليه لا أن يطلب منه الصعود للأعلى.
 
 
* كيف تصف العلاقة التي تربط الإرهابي بالحزام الناسف، وإلى أي مدى يقتنع بلبس الحزام الناسف، وقتل نفسه؟
العلاقة التي تربط الإرهابي بالحزام الناسف أنها علاقة معقدة فالانتحاري يمر بعدة مراحل حتى يصل إلى قناعة تامة بلبس الحزام الناسف ومن ثم يشرحون له قادته الذين جعلوه كبش فداء لهم بان الموت هو اللحظة التي لن تتقدم ولن تتأخر، وانه لن يشعر بألم الموت، وسيكون شهيدا، وانه بعمله هذا سيقدّم للأمة الإسلامية تضحية كبيرة في بقائها، ويستشهدون له بقصص السابقين ممن قاموا بالعمليات الانتحارية، وكيف أنهم يبتسمون بعد موتهم وتخرج من أجسادهم رائحة المسك، ومن ثم يقتنع، ويذهب لتنفيذ العملية مهما كلف الأمر، وهو متيقن أنه لن يستطيع أن يتراجع، فعادة الذي يملك ريموت التحكم شخص آخر، فهو في عداد الأموات منذ أن لبس الحزام الناسف. وكل ما يذكرونه له هو كذب ودجل.
 
* ما أسباب دخول بعض النساء على خط الإرهاب، واستخدامهن لغة التحريض، والتصادم مع الآخرين، والانضمام لهذه الجماعات المتطرفة؟
النساء لا يشكّلن عدداً كبيراً في العالم العربي والإسلامي، وعادةً اللاتي يقمن باستخدام لغة التحريض، والانضمام للجماعات المتطرفة لهنّ أقارب في الأسرة مشاركين بالقتال في مناطق الصراع أو مطلوبين للأمن، فهنّ نتاج تأثر من الأقارب، إلا أن بعضهن مؤخراً سعين في التجنيد لصالح تيارات متطرفة، وهذه خطوة يجب قراءة صورها لدى المتخصصين بصورة معمّقة رغم أنها حالات لا ترتقي للعمل الشائع.
 
* كيف يتم استقطاب وتجنيد أعداد ممن يحملون جنسيات غربية أو شرق آسيوية؟
ما زال هذا السؤال محل جدل طويل في الغرب والشرق إلى هذا اليوم، إلا أن أغلب الأصوات تتهم شبكات التواصل الاجتماعي بالتجنيد من خلال استغلالها من التيارات المتطرفة مثل داعش، ويؤكد هذا القول منسق ‏الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب جيل دي بأن هناك المئات من الأوروبيين ذهبوا لمناطق الصراع بسبب التأثر بشبكات التواصل الاجتماعي. إن شبكات التواصل الاجتماعي ما زالت بيئة حاضنة للأفكار أياً كانت هذه الأفكار ولهذا يتأكد العمل على بناء البيئة التفاعلية الجاذبة فيها وتغذيتها من خلال أن يكون المستهدف شريكاً بالمعلومة والإرشاد والتفاعل، لا أن يكون مستقبلا فقط، وهذه الفلسفة التي يجب أن يعمل بها، ولقد كانت هناك تجربة رائدة في هذا المجال من خلال حملة (كونوا بخير.. لحماية وسلامة المبتعثين والمبتعثات في أنحاء العالم) والتي جعلت فلسفتها تقوم على أن المبتعث هو الذي (يقدّم المعلومة يتفاعل معها يعلن عنها) ولقد حققت نجاحاً كبيراً ليس هذا موطن بسطها، لكنها إشارة إلى أن شبكات التواصل يجب أن تملأ بالبيئات الحاضنة، وإلا ستكون بيئة للتيارات المتطرفة التي تعمل بشكل مستمر إلى هذه اللحظة. وحمى الله بلادنا وكفاها شر الكائدين.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org