(إللي اختشوا.. ماتوا)!

(إللي اختشوا.. ماتوا)!
من مصر الكنانة بلهجة ناسها، وما عُرف عنهم من ميل فطري للطرافة وابتكار النكتة برمزية ذكيّة ودهاء مبطّن! انطلقت تلك المقولة ملخصة نهاية مأساوية لحادث (حقيقي)، حريق وقع بحمّام بخار تركي، ترتاده النساء لمزيد من العناية التي تتطلب بقاءهن عاريات داخل الحمّام؛ الأمر الذي أوقعهن في مأزق قاتل حال بقائهن في موقع الحريق، وكان قرار الفرار من الموت للخارج دون ملابس أمام الملأ هو الذي اتخذته بعض من النسوة فنجين بأجسادهن العارية وأرواحهن من النيران التي حاصرتهن، فيما فضلت البقية منح الحياء أفضلية مطلقة على النجاة "عاريات"، حتى انتظار الموت الآتي إليهن! فمات من النساء من استحت "اختشتْ"، ونجت من فرّت "بلا حياء" بجِلْدها!
 
أستحضرُ هذه المقولة المصرية الشائعة (عربياً) وأنا أقرأ نفي المديرية العامة للدفاع المدني من خلال صحيفة "سبق"، ومن خلال حسابها على "تويتر"، ما تناقله بعض المغردين ومضمونه: اتهام الدفاع المدني بالتقصير بسبب التزام فرقه بتعميم يمنع دخولهم لمباشرة واجبهم في البيوت الواجب إنقاذ الناس فيها وممتلكاتهم إلا بوجود محرم! وأكدت المديرية أنه (لا صحة) لتلك التقوّلات التويترية التي تبنتها حتى سرت شائعة بين العامة، وكثير منهم قد أرجع تطورات بعض الحوادث لهذا السبب المختلق!
هنا أكاد أجزم بأن أحداً لا يقرّ بما تحمله مضامين بعض التغريدات!
 
ولنعدْ لبعض العامة، ومن تلقفوا مثل تلك الشائعة، وتبنوا ترديدها كالببغاوات! وقد أعاروا عقولهم وأذهانهم والمنطق لمنْ يبثّ في نفوسهم الرعب والشكوك في منظومة حكومية، يسهر رجالها لننام، وتحترق أجسادهم لتُكتب لنا أسباب نجاة فحياة!
 
هم المرجفون في المدينة، ومن يصدق عليهم قول الله تعالى {لئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا} (الأحزاب). ولا ينبغي لعاقل بكمال صحته وقواه التي وهبه الخالق الكريم إياها أن يسْلم سمعه وبصره وذهنه لآخر لا همّ له سوى إثارة البلبلة ولفت الانتباه إلى كيانه الأجوف إلا من الدسائس والإيذاء! أولئك من المغرّدين النشّاز في مكوننا الاجتماعي، وإلا لوظفوا تغريداتهم لحث الناس على عدم التجمهر وتحاشي إعاقة فِرق الدفاع المدني عن أداء مهامها الوطنية والإنسانية النبيلة! ولدعوا لإفساح الطريق أمام آليات الإطفاء للانتقال إلى حيث يجب أن تكون، وبأقصر مدة ممكنة! لم يتضمن نعيق من لا تروق لهم لحمتنا الوطنية وعيشنا الآمن شيئاً إيجابياً لهذا الوطن وشعبه، فاستحق أصحابها ألا نعير أراجيفهم بالاً، وقد صدق المصريون إذ قالوا في أدبياتهم الخالدة (إللي اختشوا.. ماتوا!!).

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org