براءة لِمَنْ؟! ومِنْ دمِ مَنْ؟!

براءة لِمَنْ؟! ومِنْ دمِ مَنْ؟!
الوطن الذي طالما تسابقت، تفاخرت، تنافست وتعاونت قطاعات الدولة كافة من أجل إسعاد مواطنيه، وتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم، وتوفير أسباب العيش الهانئ الكريم لهم، لا يرضى قادته الغيورون المخلصون بأن يأتي اليوم الذي يصبح السجال فيه بين أكثر من مسؤول وجهة حكومية، وقد احتدم فقط من أجل إثبات براءة من دم ابن الوطن! ومما يحل بالأفراد والعائلات من ويلات، سببها حوادث مرورية دامية ومأساوية، كالتي باتت تؤرق أهالي منطقة جازان، بعد أن سجَّلت الإحصاءات ارتفاعاً مرعباً لعدد وفيات وضحايا حوادث الطرق فيها! حتى أصبح السؤال عن مواعيد الصلاة على الموتى "ضحايا الحوادث" وعناوين مقار تقديم التعازي لذويهم سؤالاً تقليدياً نمطياً اعتيادياً ويومياً! بينما انشغلت الجهات المعنية بما يحدث بالتفتيش عن مبررات وذرائع لهدر الأرواح على الطرقات! 
مدير إدارة مرور جازان من خلال تصريح جريء إلى صحيفة "عكاظ اليوم" أرجع صراحة أسباب زيادة الحوادث في المنطقة إلى سوء أوضاع الطرق فيها، وإلى سوء تنفيذ المشروعات! وذهب باتهامه لأبعد من ذلك عندما قال: "إن مشاريع الطرق لم تواكب النهضة التي تعيشها المنطقة، وقد تكون المشاريع الأسوأ على مستوى السعودية"!
وعلى الجانب (الخاسر) الآخر، لم يكتفِ المواطنون بالتنقل بين بيوت العزاء والمستشفيات والمقابر! إذ بلغ بهم الحال حداً دعاهم لإنشاء موقع "حساب خاص" على الـ"فيس بوك"، حمل شعار "المطالبة برحيل مدير إدارة الطرق"! تعبيراً عن سخط جلي تجاه معاناة وأحزان طال أمدها، وتفاقمت تداعياتها، وما عادت مناديل المواساة والتعازي قادرة على تجفيف نزف دموع أدمت معها قلوب ومحاجر الآباء والأمهات والأبناء والصحب والأحبة!
إن وطناً قطع مليكه رحلة عمل رسمية إلى أوروبا، وعاد بطائرته الملكية إلى جازان؛ ليشارك أبناءه مصابهم، حين بلغه نبأ وفاة بضعة مواطنين بفيروس "حمى الوادي المتصدع"، الذي كاد يفتك بالإنسان والحياة والبيئة في هذه المنطقة الغالية! وطن وشعب كان هذا موقف مليكه الخالد في الذاكرة والتاريخ حري به وبشعبه ألا يحتمل مساجلات، وتبادل اتهامات، ومزايدات مسؤولين بأي حجم ومن أي مستوى لنيل "نوط استحقاق" البراءة من نزف الدماء! وفَقْد آلاف الأرواح! وإعاقة الأضعاف من الأبدان البريئة الغضة على الطرقات! بفعل حوادث سير، حملت معها الأسى لكل قرية ومدينة في هذه المنطقة! مثل هذا الملفّ "الأحمر" الموجع.. جدير بالتمحيص والتحقيق ومحاسبة المقصرين كافة ممن ضمتهم ثناياه الحزينة!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org