التجنيد الإجباري.. احذروا نعم ولا !

التجنيد الإجباري.. احذروا نعم ولا !
تكتسب دعوة فضيلة مفتي المملكة العربية السعودية سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ببحث التجنيد الإلزامي للشباب أهميتها من الأحداث المتلاحقة التي تدور في منطقة الخليج على وجه الخصوص وفي مقدمتها عاصفة الحزم, والعالم العربي على وجه العموم.
 
فالمنطقة تمور بتموجات عاصفة, من شأنها أن تغير خريطة المنطقة لسنوات قادمة, على المستويين السياسي والجغرافي, وهو ما يستدعي أخذ زمام المبادرة وتغيير إستراتيجيات التعامل مع تلك التهديدات.
 
فالخطر الرافضي لم يعد بعيداً أو خافياً بعد الذي حدث في كل من العراق وسوريا واليمن, بل بعد تصريحات بعض ملالي طهران التي لم تخف طمعها في الوصول إلى الأماكن المقدسة مكة والمدينة.
 
هذه التهديدات نظنها كانت في مقدمة الأمور التي فرضت على السلطات في عدة دول خليجية الأخذ بالتجنيد الإجباري, فالبرلمان الكويتي أقر الثلاثاء الماضي قانون التجنيد الإلزامي، ليطبق بعد عامين، كما بدأت الإمارات في الثلاثين من أغسطس الماضي تطبيق التجنيد الإلزامي، وذلك بعد نحو أربعة شهور من بدء قطر في أبريل الماضي تطبيق هذا النظام.
 
ومن الناحة التاريخية, فإن هذه الدعوة ليست الأولى, حيث إن مجلس الشورى كان صاحب السبق في الدعوة إلى تطبيق التجنيد الإجباري، وذلك عبر دعوات متفرقة من عدد من أعضائه، وتقديم أحد الأعضاء السابقين مشروع "خدمة العلم"، الذي لا يزال معلقاً منذ سنوات.
 
والتفكير في التجنيد الإجباري يحتاج إلى التأمل في مداخل متعددة, سياسية وعسكرية واجتماعية ودينية, وليس خبط عشواء, لأنه قرار حمال للأوجه, وتختلط فيه الإيجابيات بالسلبيات, ولذا فمجال البحث لا يدور الآن في فلك القبول أو الرفض, ولا في مجال التفاصيل الدقيقة عن سن التجنيد وضوابطه وآلياته, وإنما في مجال البحث عن المنافع والمضار.
 
نحن إذا نظرنا من الناحية العسكرية سنجد الجيش السعودي حسب الإحصائيات إن صحت يعد الثالث عربياً بعد مصر والجزائر، ويحل بالمرتبة 28 ضمن قائمة تضم 126 دولة، حيث يبلغ تعداده 233 ألفاً وخمسمائة جندي، كما يقدر تعداد قوات الاحتياط العاملة بنحو 25 ألف شخص، إضافة إلى مائة ألف عنصر بالحرس الوطني.
 
ومن حيث الإنفاق العسكري نجد أن السعودية احتلت المرتبة الرابعة عالمياً في الإنفاق العسكري عام 2013 متقدمة على دول مثل ألمانيا، ثم قفزت للمركز الثالث عالمياً خلف الولايات المتحدة والصين عام 2014.
 
وهذا التقدم في التصنيف, مع الزيادة في حجم الإنفاق يعكس رؤية القيادة السياسية في أهمية تكوين جيش قوي يحمي حدود البلاد ويزود عن الأماكن المقدسة, ويدفع عن عرض أهلها تآمر المتآمرين وتربص المتربصين.
 
وعلى ضوء هذه الخلفية العسكرية, نحتاج رأي الخبراء العسكريين, وأصحاب الرأي في هذا الشأن ليقولوا كلمتهم, ويجيبوا عن أسئلة تدور في الأذهان حول أهمية العنصر البشري في هذا الجيش؟, وهل سيضيف التجنيد الإجباري للجيش السعودي رصيداً جديداً؟ أم سيكون هذا التجنيد عبئاً تدريبياً ومالياً دون فائدة عملية كبيرة؟.
 
نحن لا نريد أن نغلق النقاش بإجابة افتراضية بنعم أم لا, فهذا يحسنه كل أحد, ولكن نريد نقاشاً مفتوحاً يثري هذا الموضوع الخطير الذي لاشك أنه سيترك تداعيات شديدة الأهمية على كافة المستويات الداخلية.
 
وللحديث بقية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org