"الوسعان": رد مكتب سفير المملكة بالكويت على مقالتي كان صادمًا لي

​قال: كُتِب بلغة متعالية تقوم على الإرهاب لا الإقناع والتهديد لا المنطق
"الوسعان": رد مكتب سفير المملكة بالكويت على مقالتي كان صادمًا لي
سبق- متابعة: قال الكاتب "شافي الوسعان": إنه كتب مقالةً قبل أسبوع عن السفارة السعودية في الكويت عنوانها: "سفارتنا في الكويت.. من أنتم!"، فجاء الرد صادماً من مكتب السفير بتاريخ "٢٩/٤/٢٠١٥م"، لا بسبب أنه مُسْكِتٌ في تبيان الحقيقة وتوضيحها، ولا في لغته الراقية وأسلوبه الرفيع؛ بل لأن المقالة: "سارت مشرقة وسار مغرباً"، فالرد لا علاقة له بما ورد في المقالة، وبدلاً من أن يتعرَّض للفكرة تعرَّض للكاتب بشكل شخصي، وليته قال الحقيقة!، كما كُتِب بلغة متعالية جداً، تقوم على الإرهاب لا الإقناع، والتهديد لا المنطق، وبطريقة تحتاج معها إلى أن تعيد النظر في الرد أكثر من مرة لتتأكد أنه- بالفعل- صادر عن جهة رسمية!.. 
 
وأضاف: فهم قد قالوا: "إن مقالة الكاتب حملت الكثير من المغالطات وتشويه الحقائق"، ومع ذلك لم يردوا على أي شيء منها!؛ لأن هذا الكلام عامٌّ لا يمكن نفيه ولا إثباته، ولا تصديقه ولا تكذيبه، كما قالوا: "إن الكاتب رفض التصديق على التقرير الطبي من الخارجية الكويتية"، مع أنهم هم الذين صادقوا على التقرير، وأخذوا رسوماً على ذلك!، وكذلك قالوا: "إن الكاتب قد قال عن نفسه: إنه صحفي مهمته تصيد الأخطاء ونشرها".
 
 وأشار "الوسعان": بينوا "أن كونه صحفياً لا يعطيه أفضلية على غيره من المواطنين، ولا يجيز له تجاوز الأنظمة والتعليمات"، وما دروا أن اتصالي بهم كان بعد إنهاء المعاملة، كما أني رفضت المساعدة من أحد الموظفين في مكتب السفير، مبيناً أن اختلافي معهم مبدئي لا شخصي، وهذه المكالمة مثبتة، بتوقيتها وتاريخها ومدتها، فلا أدري من الذي منح الآخر الأفضلية أنا أم هم!، مع اعتقادي أن هذا الموظف الطيب كان سيعرض المساعدة على أي مواطن آخر، لكني أتيت به للتدليل على أني لم أكن بحاجة إلى مساعدتهم فضلاً على استغلال عمل الصحفي.
 
وأردف: كان من الممكن أن أُنهي ردي عليهم بهذه الأسطر القليلة، لولا إتيانهم على سبيل التشكيك في "شرف المواطنة" و"أخلاقيات المهنة"، فإن كنت– أخي القارئ- ليس لديك وقت للقراءة، فإني أنصحك بالاكتفاء بهذا القدر من الرد والمغادرة، أما إن كنت راغباً في التفاصيل، فإليك القصة كاملة...
 
وواصل "الوسعان": كنت أتمنى من الإخوة المسؤولين في سفارتنا في الكويت أن يكون ردهم على ما جاء في المقالة، وألا يكون الجواب على أسئلة لم تُطرَح أصلاً من أجل تضليل الناس وخداعهم، وصرفهم عن الحقيقة التي هم يشعرون بخطرها من خلال إحساسهم بحالة الحزم التي يعيشها الوطن هذه الأيام، وذلك بتسطيح الموضوع وتصويره على أنه شخصي، من أجل أن يغفل الناس عن المضمون، ويتجهوا نحو "جمال ردهم" غافلين عن الشيء الذي ينبغي عليهم وعيه وهو "التعمية".
 
 وأكمل: لم أكن أتوقع أن يستخدموا "شرف المواطنة" سوطاً يجلدون به كل من انتقد خدماتهم، فيلبِسونها من شاؤوا ويخلعونها عمن شاؤوا لأتفه الأسباب، وإذا كانت هذه التهمة هي الأولى عندهم، فماذا ستكون الأخيرة؟!.
 
 وقال: إن الوطنية أسمى من كل هذا التشويه والعبث والابتذال، وثقتنا في حكومتنا لا تزعزعها كل محاولات التزييف والتخويف والإرهاب الفكري، فوالله إن حزني على السفارة في ردها أكبر من حزني على ما تضمنه هذا الرد من إساءات، فباالله عليكم، هل يوجد إنسان عاقل من الممكن أن يتجاوز النظام بهذا الشكل ثم يتحدى الموظفين بأنه سيُنجز معاملتَه رغماً عنهم؟!،
 
 
وتساءل "الوسعان": هل من المعقول أن يقول صحفي عن نفسه– مهما كان تافهاً-: إن مهمته تصيد الأخطاء ونشرها؟!، المشكلة أن يصدر هذا الادعاء من مكتب السفير، ومن جهة يُفترَض أن تتمتع بأعلى درجات المصداقية واللباقة والدبلوماسية والذكاء، فمع أن جوهر نقدي لهم هو إغلاق السفارة أمام المواطنين، وطريقة التعامل مع المراجعين، إلا أنهم لم يكتفوا بإحاطة أنفسهم بأسوار عالية تحجبهم عن الناس، بل أطلقوا هذه الاتهامات الخطيرة وألصقوا هذه الأوصاف بحق كل من اختلف معهم، بهدف إرهاب الناس وتكميم أفواههم وإخراس ألسنتهم بطريقة تسلل مكشوفة.
 
 وقال: بلغة أعتقد أنها الأبلغ في التدليل على صدق الانطباع السائد عنهم، فهم قد أهملوا كل النقاط التي ذُكرِت في المقالة؛ من سوء التعامل، وتعتيم البوابات، والتعالي على المراجعين، والقصور الإداري، وإغلاق السفارة في وجه المواطنين، مع أن كلمات الملك سلمان– حفظه الله- عن سياسة الأبواب المفتوحة لا زالت مدوية ولم يغادر رنينها آذاننا إلى الآن.
 
 وبيّن "الوسعان": ليس معنى أن يكون لمعالي السفير جلسةٌ في الأسبوع أن تغلق بعض أقسام السفارة أبوابها أمام الناس، فالملك– حفظه الله– يستقبل الناس ومع ذلك لم يغلق أبواب الديوان الملكي في وجوههم، وولي العهد ووزير الداخلية يستقبل الناس ولم يغلق أبواب الوزارة في وجوههم!، ومن المؤسف أن إخوتنا في السفارة لم يجيبوا عن أيِّ سؤال من الأسئلة المطروحة عليهم في المقالة السابقة، بل أضاعوا البوصلة، وفقدوا الاتجاه، فكانوا على قول الأعرابي: "أقول له زيداً، فيسمع خالداً، ويكتبه عمراً، ويقرؤه سعداً".
 
 
وذكر: ومن المتعارف عليه أن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن ليس لديه إجابات مقنعة يلجأ دوماً إلى طرح أسئلة جديدة، لإغراق الناس في التفاصيل؛ لذا لم يكن مفاجئاً بالنسبة إليَّ أن يأتي الرد صادماً بهذا الشكل، صحيح أني لم أتوقع أن تختلق السفارة أشياء من عندها؛ لأن من الواجب عليها أن تكون باعثاً للأمن والراحة والسكينة في نفوس المواطنين، ويا لها من صدمة أن تكون الجهة المكلفة بالحفاظ على أمن المواطن تشكل خطراً عليه.
 
 
وتعجب "الوسعان" بقوله: ولا أدري كيف يكون الموضوع شخصياً مع أن محاولات اتصالي بهم في مكتب السفير كانت بعد إنجاز المعاملة، حتى إن أحد الموظفين في مكتب السفير "يدعى حسين" الذي تكرم بالرد عليَّ بعد كثير من الاتصالات المتكررة، وبعد رجاء وإصرار من موظف السنترال "غير السعودي" قد عرض عليَّ المساعدة في إنجاز المعاملة، فشكرته وأخبرته: أن الموضوع ليس شخصياً، والمعاملة قد أُنجِزت، وهي أتفه من أن أُتعِب نفسي في الانتظار على أبواب السفارة فأكون فرجة للداخلين والخارجين.
 
 
ولفت: إنَّ غاية ما كنت أتمناه هو أن أتحدث إلى أي مسؤول في السفارة - عدا العاملين في الصالة الجانبية لاستقبال المراجعين - عن ملحوظات وشكاوى يتداولها الناس في مجالسهم ورأيتها بعيني في هذه الزيارة آخذاً بعين الاعتبار سمعة الوطن، ومصلحة أكثر من "100" ألف سعودي يقيمون في الكويت لا مصلحتي الشخصية، متسائلاً: كيف تكون مقابلة مسؤولين في مكتب السفير أصعب من مقابلة مسؤولين يأتون على رأس قيادتنا العليا؟!، فقال مازحاً شبه جاد: "إنت وش قايل لهم؟!"، ثم أبلغني بانشغاله، ووعدني بالاتصال بعد خمس دقائق إلا أنه لم يفعل.
 
 وأشار: كان المقصد من ذلك هو فقط تبيان بعض الملحوظات واستنكار بعض التصرفات بشكل ودي فينتهي الأمر عند هذا الحد، غير أني لم أجد أدنى درجات التجاوب من قبلهم، بل لاحظت أني كلما انتقلت من موظف بسيط إلى أعلى، تعقد الأمر أكثر، حتى خُيِّل إليَّ أن هذا العمل مقصود وممنهج، مع العلم أن هذه المكالمة يُفترض أن تكون مسجلة وأتمنى الرجوع إليها لمعرفة الحقيقة، كما يُفترَضُ أن يكون كل ما يجري في أروقة السفارة وعند أبوابها مسجلاً عبر كاميرات.
 
 
وقال: أرجو من القارئ الكريم أن يعذرني وأنا أتحدث عن تفاصيل لا تهمه وفي أشياء لا تعنيه، لكنهم أثاروها ومن الواجب توضيحها، رغم أنَّ أكرهَ شيء إلى نفسي أن أتحدث بطريقة "قالوا" و"قلت"، لولا أنهم أجبروني على هذه اللغة الذاتية مع الأسف الشديد، فهم قد ذكروا أني رفضت تصديق التقرير الطبي الذي كان بحوزتي من الخارجية الكويتية، وتناسوا أنهم من صادقوا عليه!، بل أخذوا رسوماً مقابل هذا التصديق!، وأتحدى أن يثبتوا عليَّ أن طلبت من أحد في السفارة أن يتجاوز عن هذا الشرط باللين، فضلاً على تحديه بالقوة، كما أتحدى أن يثبتوا عليَّ أن أكون قد هددتهم بتشويه سمعتهم في سبيل إنجاز المعاملة؛ لأن أساس اختلافي معهم مبدئي لا شخصي، ويتعلق بأسلوب التعامل، وخروج الموظفين لا النظام، لكنهم حاولوا إقحام ذلك في الموضوع ككلمة حق أُريد بها باطل، ولتعتيم الرؤية على الناس، حتى يتراءى لمن يراقبهم من مراجِعِهم العليا أنهم حريصون على النظام والعدالة في تطبيقه.
 
 واستطرد "الوسعان": مشكلتي معهم التي لم أُشِر إليها في مقالتي السابقة عن السفارة - احتراماً لوقت القرَّاء-؛ بدأت حين دخلت إلى القسم المختص قبل نهاية الدوام بساعة ولم أجد موظفاً واحداً في القسم - وهذا يمكن إثباته من خلال الكاميرات المفترض وجودها - وحين استفسرت من أحد الموظفين قال بلا مبالاة: (الدوام ينتهي عند الساعة 12:30ظهراً، وجميع الموظفين قد غادروا)، ولما أخبرته بأني قد اتصلت قبل المجيء فأُخبِرت أن الدوام ينتهي عند الساعة الثالثة مساء، أشار إلى ملصق (خلف ظهري) للتدليل على صحة كلامه، مع أن المُلصقَ فيه استثناء للسعوديين، صحيح أنه مكتوب بلغة تشبه التفضُّل والمنة على الناس، وفيه إغراء للموظف بعدم التواجد، لكنه استثناء على أية حال.
 
 
 وقال: عندما ذكرت له ذلك، أجاب بما معناه أن هذا يدخل في باب المساعدة فقط، مضيفاً أنَّ (الموظفين قد غادروا، تبينا نجيبهم عشانك!)،  فقلت : (أنا لم أزرهم في بيوتهم ليكون الأمر اختياراً بالنسبة لهم، أنا جئت من السعودية مراجعاً لجهة رسمية ومن حقي أن أستفيد من الخدمة في هذا الوقت)، وبصراحة لو لم يتزامن دخولي مع دخول رجل آخر يبدو أنه موظف في السفارة؛ لما سمحوا لي بالدخول من البداية، كما أني استأذنت الموظف في مقابلة أي مسؤول في الصالة فحولني إلى أحدهم.
 
 
 وتابع"الوسعان": كان شاباً لا يبدو أنه قد تجاوز العشرينات من عمره، فقابلني متجهماً عابس الوجه معقود الحاجبين، فبدا كما لو أنه معترض على مجيئي في هذا الوقت، فقلَّب أوراقي بعنف ثم قال بغضب وبصوت عالٍ: استكمل معاملتك أولاً من الخارجية الكويتية، ولما طلبت منه أن يتكلم بطريقة مهذبة وبأسلوب لطيف متسائلاً فيما إذا كان هو المدير فعلاً؛ استشاط غضباً وقال: أنا مدير الصالة، واسمي فلان الفلاني، ورقمي الوظيفي كذا وكذا!، و(أعلى ما بخيلك أركبه)، إضافة إلى أشياء أخرى تتعلق بشخصيات غير سعودية لا أُريد ذكرها، وبشكل يُفهَمُ منه أن تطبيق النظام يخضع لرغبات الموظف الشخصية وحالته النفسية، لا أنه مجبر على تطبيقه.
 
 وأضاف: لحسن الحظ أني لا زلت محتفظاً باسم الموظف ورقمه الوظيفي، ولولا خشيتي من الإساءة إليه لعرضت ذلك الآن أمامكم!، فبالله عليكم: هل واجهتم سفارة تتعامل مع أبنائها بهذا الشكل المهين؟!، ولربما كنتم مثلي فتبادر إلى أذهانكم أن هذه تصرفات شاذة، والشاذ لا حكم له كما يقال، لولا أن شخصاً آخر حضر فادعى أيضاً أنه المدير الفعلي لهذا القسم – وأعتقد أنه كذلك - فبعثر آخر ورقة في دفتر حسن الظن لديَّ، بل قطع صلتي بهذا القسم قطعاً حاسماً، عندما ألقى باللائمة عليَّ نقلاً عن صاحبه، كما كان يتكلم معي واقفاً وبيننا فاصل زجاجي، إضافة إلى أن بعضاً من الذين تحدثت معهم في هذا المكان لا يختلفون كثيراً عن أصحابهم السابقين، فغادرت المكان وجئت في اليوم الثاني.
 
 وقال: بعد أن انتهت معاملتي حاولت الوصول إلى أيِّ مسؤول في غير هذا القسم، معتقداً أنه قسم يرزح تحت ضغوطات نفسية جعلت درجة تعامل موظفيه في حدها الأدنى، مع أنه شبه خالٍ من المراجعين حتى في اليوم الثاني من مراجعتي، وكان هدفي من الذهاب إلى البوابة الرئيسة للسفارة هو توضيح هذه الملحوظات والاحتجاج على هذه الممارسات حتى لا تتكرر مع غيري ممن لا حول لهم ولا قوة، وخصوصاً أن هناك انطباعاً سيئاً لدى أغلب المراجعين عن السفارة السعودية، وقصصاً موثقة أرجو ألا أضطر إلى سردها فيما بعد، إلا أني لم أتمكن من تجاوز البوابة شبراً واحداً، مع محاولات الاتصال المتكررة من الموظف الموجود عند المدخل، والذي لم أره بسبب تعتيم النوافذ إلا حين طلب البطاقة الوطنية من أجل تصويرها.
 
 وبلهجة ساخرة قال: المضحك أن المسؤولين في السفارة يحاولون التذاكي على الناس من خلال الإتيان باسمي كاملاً في ردهم عليَّ؛ لإيهام الناس أنهم يعرفون عني كل شيء، مع أنهم لم يسمحوا لي حتى من التواصل مع أي مسؤول في مبنى السفير ولو عن طريق الهاتف، عدا الأخ (حسين) الذي وعدني بالاتصال بعد خمس دقائق، لكنه لم يفعل حتى كتابة هذه السطور.
 
 
وأوضح: سأطرح سؤالين محددين على معالي السفير، متمنياً أن تكون الإجابة عليهما بشكل مباشر، وألا يقابلهما بأسئلة جديدة، واتهامات جديدة،  فكل ما أرجوه منك - يا معالي السفير- أن تشبع فضولي وتتكرم عليَّ بحل هذا اللغز: كيف عرفتَ أني رفضتُ التصديق على التقرير من وزارة الخارجية الكويتية، وأني أبلغتُ الموظف المختص بأني سأصادق عليه رغماً عنه؟!، وكيف علمت - يا معالي السفير- بقولي لنفس الموظف إني صحفي مهمتي تصيد الأخطاء ونشرها؟، مع أنك لم تسمح لي بالدخول إلى مبناك، ولم يقابلني أحد من موظفيك!، فإن قلت: إن الموظفين في المبنى الجانبي هم الذين أخبروك بذلك، فهل من العدالة أن تطير بردهم، وتلصقه فيَّ أمام عشرات الآلاف من الناس، بل تتهمني في شرف المواطنة، وأخلاقيات المهنة، مع أنه لا أنت ولا أحد من موظفيك استمع إلى ردي ولو بمجرد اتصال، فأي معيار في العدالة خوَّلك بإصدار هذا الحكم من خلال الاستماع إلى طرف واحد؟!
 
وختم "الوسعان": معالي السفير، إذا لم تفتحوا أبوابكم أمام الناس وتستمعوا إليهم في السر، فستستمعون إليهم في العلن، شجعوا الناس على انتقادكم، ولا تغضبوا حين تُهدَى إليكم عيوبكم، فلا فيكم "موسى"، ولا فينا "فرعون".​

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org