التمريض وعنف آخر!!

التمريض وعنف آخر!!
"ثماني سيدات يكسرن قدم ممرضة أثناء تأديتها عملها". هذا ليس عنواناً لمقال – يا سادة - لكن هذا واقع مأساوي ملموس على الساحة التمريضية التي تعد من المهن السامية رغم افتقارها - مع الأسف الشديد - في مجتمعنا لبعض احترامها، إضافة لافتقاد منتسبيها جُل حقوقهم.
 
لم يكن الحادث الذي تعرضت له الممرضة "جميعة" أثناء قيامها بواجبها الذي أسفر عن كسر في قدمها هو الأول، وبطبيعة الحال لن يكون هو الأخير، طالما أن حقوق هؤلاء الممارسين للتمريض مغيبة من أجندة الوزارة، وهي من باتت تغض الطرف عن مطالب الكثيرين منهم واحتياجاتهم وما يتعرضون له، ملوحة لهم فقط بالعصا الغليظة تحت ذريعة حاجتهم الماسة لهذه الوظائف.
 
هذه الغلظة في التعامل مع هذه الفئة هي المسيطرة على المشهد دون الالتفات لما يعانيه أكثرهم؛ ليبقى عملهم المجهد بين سندان الـ 48 ساعة ومطرقة الضغوط النفسية.. بين وزارة تهدر حقوقهم، بداية من الحقوق المالية وسلاسة صرف بدلاتهم المشروعة، ونهاية برفع الجور الذي يتعرض له الكثير منهم من بعض إدارات التمريض غير المؤهلة والمتعسفة - بحسب ما يشعر به الكثيرون منهم. يضاف إليه غياب النظام الواضح الذي يكفل للممارس حقوقه الإنسانية قبل أي شيء، فضلاً عما يتعرضون له من اعتداءات وتعنيف نفسي قبل أن يكون جسدياً، مع غياب الحماية لهم في مقار أعمالهم. 
 
قدم الممرضة "جميعة" التي كُسرت دون ذنب فتحت ملف كسور أكبر وأكبر من ذلك الكسر الذي تعانيه وزملاؤها من ممارسي التمريض؛ فقد كُسرت سابقاً معنوياتهم وطموحاتهم ومجاديفهم بأدوات عنف إداري.
 
إن الغضب الذي يشعر به اليوم الكثير من ممارسي التمريض تجاه إداراتهم التي لا تعير أي اهتمام لمتطلباتهم وشكواهم يجعل الخدمة التمريضية على المحك؛ إذ أسهم هذا الاحتقان والفجوة بين الممارسين وإداراتهم المنحازة في الغالب لكرسي الإدارة في تدني جودة الخدمة التي عادت على مرضانا سلباً؛ ولا بد من وقفة صادقة من وزارة الصحة للحد من هذا التعسف أولاً، وفرض وتفعيل إدارات حقوق الموظفين، والاعتراف بحقوقهم وبدلاتهم المشروعة التي تتوافق وما يتعرضون له من مخاطر صحية وجسدية ونفسية، إضافة إلى تأهيل إدارات تمريضية أكاديمية متخصصة، وإشراك هؤلاء الممارسين في اختيار إداراتهم وتقويم عملها التي لا تتجاوز تكليفاتها العام الواحد؛ لتبقى عملية ضخ الدماء والأفكار الجديدة في هذه الإدارات هي المتسيد الأول.
أخيراً، نحن بحاجة فعلاً إلى إنشاء هيئة تعنى بحقوق ممارسي التمريض مستقلة عن وزارة الصحة، وتتابع كل ما يتعرض له هؤلاء المرابطون على سلامة مرضانا في المستشفيات والمراكز الصحية كافة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org