التأنيث والتعنيس..

 التأنيث والتعنيس..
أن تجد المرأة وظيفة عمل تناسب إمكانياتها العلمية, ومؤهلاتها العملية, ويحفظ لها خصوصيتها وخصوصية المجتمع السعودي, فهذا أمر لا غبار عليه, ولا يقف أحد في وجهه, فهو حق أصيل من حقوق المرأة, في ضوء الضوابط سالفة الذكر.
 
ووزارة العمل اتخذت في الفترة السابقة من التشريعات والقوانين والإجراءات ما يساهم في تمكين المرأة من بعض الوظائف لكسر البطالة المتنامية بين النساء في المجتمع السعودي, كان بعضها محل جدل واعتراض, وبعضها لاقى استحساناً وتأييداً.
 
وقد طالعت قبل أيام قائمة بالأنشطة التي تسعى وزارة العمل لتأنيثها, لتلحق بأخريات سبق تأنيثها هي الأخرى, وما زالت تعاني من صعوبات جمة, واضطرت أصحاب تلك الأعمال لتغيير نشاطهم بآخر, وأفرزت مشكلات أخلاقية وسلوكية تتنافى مع تقاليد وعادات المجتمع السعودي.
 
تلك القائمة المؤنثة تضم الصيدليات ومحال خدمات الطالب والقرطاسيات, وغير ذلك من الأنشطة, التي ترى وزارة العمل أنها قريبة الصلة بالمرأة, وتحفظ لها خصوصيتها, في حين أخرجت من حساباتها تأنيث العيادات النسائية وغرف الولادة والتمريض, على الرغم من أهميتها وشدة خصوصيتها بالنسبة للمرأة !!
 
والذي ينبغي الحذر منه في هذا المجال هو الإفراط في التأنيث بدعوى تمكين المرأة, وإفساح المجال لها للعمل, في ظل البطالة المتنامية بين صفوفهن, وكونها أكبر من نسبة البطالة في صفوف الشباب, فذلك الإفراط والمبالغة من شأنه أن يأتي بنتائج عكسية, لا تحقق صالح المرأة أبداً.
 
فبالتعبير الاقتصادي, المسمى بـ"تكلفة الفرصة البديلة", سنجد أن كل فرصة عمل يتم تأنيثها, هي في النهاية فرصة محسومة من نصيب الشباب, الذي يعاني هو الآخر من البطالة, ومطالب في ذات الوقت بالسعي لتكوين أسرة وبيت وإعالته مادياً.
 
بمعنى آخر, يمكن القول إن الزيادة في "التأنيث", ستقابلها زيادة في "التعنيس", نظراً لأن الشباب الذي نقلل فرصته في مجالات العمل, هو الشاب الذي سيعزف عن الزواج أو يؤخره إلى حين يتمكن من عمل مستقر يحقق عائداً مادياً يمكن أن يعول أسرة.
 
والذي لا شك فيه أن التعنيس أشد خطراً على المرأة وأتعس لحياتها من البطالة, ونحن لا نقول إن على المرأة أن تختار بين فرص العمل والعنوسة, أبدًا, ولكن فقط نلفت الأنظار إلى أن الإفراط في مجالات التأنيث لها آثارها السلبية, ليس على الشباب الطامح للعمل فقط, بل وعلى المرأة والمجتمع كذلك.
 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org