أزمة الخطاب الديني وعشرات الأسئلة..!

أزمة الخطاب الديني وعشرات الأسئلة..!
هل جاءت تفجيرات المنطقة الشرقية من فراغ..؟
هل كانت بمحض المصادفات، ومن تلقاء نفسه بزغ ذلك الشاب وأحب أن ينتقم من هؤلاء المصلين..؟
هل كانت خطته وليدة اليوم واللحظة، وقرر فجأة أن يمتطي جواده، ويلغم اللجام بألف ألف قنبلة، ويذهب إلى مسجد جامع فيه جماعة تتلو القرآن الكريم، ويحدِّث عقله الفارغ إلا من دماء الأبرياء ومناظر الخراب والدمار بأن العدد المأمول من القتلى ومن تفجيراته سيفوق المائة أو يزيدون..؟!
هل جالت بخاطره تلك التساؤلات أم أنها أعمال رتَّب لها منذ أزمنة، وكانت تراكمات منذ عقود إلى أن وصل إلى حزامه الناسف بعد أن أغلق عقله تماماً..؟!!
وكانت المطالبات مني ومن غيري من الزملاء، وربما بعض الدعاة والعلماء، بأن يتم إعادة صياغة الخطاب الديني، ولكن..!
ظللنا أزمنة طويلة نتحدث عن هذا الجانب، وظللنا أزمنة طويلة نطالب بتغيير التعامل مع هؤلاء "الدواعش " والتكفيريين وأصحاب الأفكار الضالة والداعين إلى الغلو والإرهابيين، ومَنْ يؤازرهم، ويدعو إلى التفكك والطائفية وزرع الفتنة بين أطياف المجتمع، لكنها الأيام نتداولها وتجري بنا مجرى السفن في المحيطات، ولا حياة لمن تنادي حتى تقع الفأس بالرأس، ثم نقول ليتنا نعيد ترتيب مناهجنا وخطابنا الديني بشكل عام..!
إذا كان الإرهاب يطولنا، وإذا كانت أدمغة الشباب ما زالت تحمل القتل والدمار، وإذا كانت أجسادهم لا تحمل إلا السيوف والمتفجرات، والأحزمة الناسفة، وإذا كان الإرهاب في بيوتنا وبين ظهرانينا وفي مدارسنا، وينبع من دواخلنا، ويعيش في أرضنا وطرقاتنا، ويمارس الحياة نفسها التي نمارسها، بل يتغذى من الأمكنة نفسها، فكيف كانت مصادره تختلف، وتوجهات شبابنا تختلف، ونظرتهم المستقبلية تختلف؟ كيف كانوا قنابل موقوتة وأحزمة ناسفة، يفجّرون بها أبناء جيرانهم وذويهم وأصدقائهم، كيف أصبحوا أعداء الأمة والدين؟ ومَنْ أوصلهم إلى هذه اللعنة وهذه النقطة؟ مَنْ أودى بعقول كانت ستُستثمر بشكل أفضل، وتنتج بشكل أفضل لو استُخدمت ووجُهت بالطرق السليمة..؟
هل لدينا خلل في المنظومة التعليمية وفي المناهج وفي التربية الأسرية بشكل عام؟ هل تنقصنا المراقبة الشاملة لأبنائنا وبناتنا؟ هل نعيش في دوامة الفراغ من دون برامج تملأ أوقات الشباب بما يفيد..؟؟
أسئلة عديدة خالجتني، ودارت بذهني بعد الأحداث المؤسفة التي طالت أبناءنا وإخواننا في المنطقة الشرقية..
 
والحلول تكمن في الآتي:
 
إعادة صياغة الخطاب الديني والاعتراف الفعلي بأن لدينا خللاً في المنظومة الدينية وفي أجهزة الدولة الدينية، سواء وزارة الشؤون الإسلامية والدينية، أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إضافة إلى المناهج التي يتلقاها الطلاب في المدارس وطرق التدريس، وتعامُل المدرسة بشكل عام مع الطلبة. ولا يخفى عليكم المناهج الصفية والبرامج الصيفية والنشاطات التي تقدَّم في مدارسنا؛ فغالبيتها "كارثية"؛ يجب التوقف عندها، وإعادة النظر فيها وفي القائمين عليها؛ فمن غير المنطق والمعقول أن نجد شاباً لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره يتولى النشاط الديني في مدرسة ثانوية، ويعطَى صلاحيات كاملة، وبعد فترة يُكتشف أنه من ركائز الداعين إلى تجنيد أكبر عدد ممكن من "الدواعش" أو تجنيد أكبر عدد ممكن من الطلبة للانخراط في (الجهاد)، وأي جهاد هم يدعون إليه وأي أركان لديهم تختلف عن الجهاد الإسلامي الذي نصت عليه الشريعة الإسلامية؟
 
الغريب في الأمر أن لديهم شريعة أخرى غير التي نعرفها عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم، ولديهم تعليمات وتعاليم لا أعلم من أين اقتبسوها وجاؤوا بها، وأحاديث لم ينزل الله بها من سلطان، وتبريرات خلقها لهم علماؤهم وأمراؤهم ومرشدوهم؛ فكانت تأويلاتهم لها أن الشهادة مطلب في أي أرض وتحت أي سماء، ومع الأسف جاءت أراضيهم في هاتين الجمعتين في بيوت الله، فكيف أوصلهم فكرهم لقتل المسلمين..؟
 
ختاماً، ما هو دور وزارة الشؤون الإسلامية؟ وأين برامجها في معالجة ظاهرة الإرهاب؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org