من الدارسين على حسابهم إلى ملك البلاد

من الدارسين على حسابهم إلى ملك البلاد
تناوُل قضية ما يستلزم أولاً البحث عن أبعادها وخلفياتها، ثم أضرارها على المتعاملين معها. وأزمة الدارسين على حسابهم الخاص بقيت خلفياتها غائبة عن الطلاب والمجتمع في عصر التواصل الإلكتروني، فيما أضرارها ماثلة للعيان في انقطاع عشرات الدارسين وتحمُّل الديون الكبيرة على الآلاف منهم ممن خرجوا في سبيل العلم والمعرفة، ليسقط في أيديهم، ويُفَاجَؤوا بعد أشهر أن وزارة كاملة حُلّت، وذهب معها استراتيجياتها وأهدافها وخططها، ووزيرها أيضاً.
وتكمن أزمة هؤلاء الطلاب أنهم الآن عالقون في دراستهم، وتائهون عن مصائرهم، ولم يجدوا من يخرج لهم متحدثاً ليريحهم، سواء بضمّهم إلى البعثات الحكومية كبقية خلق الله، أو الاعتذار لهم علناً أمام خلق الله أيضاً بأنهم لن يضمّوهم على حساب الحكومة؛ وذلك حتى يقرروا إما الاستمرار وفق إمكاناتهم المتاحة، أو العودة من حيث قَدِموا بآمال مكسورة.. لكن أن تظل مصائرهم الدراسية والحياتية على المحك، ودون إجابات شافية من مسؤول شجاع في الوزارة، فإن هذا عبث بحقوق الناس، واستهتار بالأعمار التي أفنوها في الدراسة، بل هو تنصل عن وعودهم غير الرسمية التي قطعوها لهم بإدراجهم في البعثة.
والتفكير في إعادة غربلة برنامج الابتعاث هو أمر صحي، والجهود التي تقوم بها الوزارة حالياً لربط البعثة بالوظيفة حدث جيد، يعطي معنى مفهوماً للابتعاث، ويُحدُّ من الهدر الذي حدث في السنوات الماضية، لكن أن يتم التخطيط على حساب أرزاق الطلاب المغتربين، أو نسف الخطط السابقة لوزارة التعليم العالي على رؤوس الذين درسوا على حسابهم بدلاً من مكافأتهم، فلا أظن أن عاقلاً يرضى بقرارات وزارية كهذه؛ تضيع الحقوق، وتظلم الناس؛ لأن أي قرار يجب أن يراعي المتضررين منه، ويشمل المستفيدين قبل صدور القرار.
إن على الوزارة الآن أن تخضع لأحد أمرين: إما أن تضم هؤلاء الشباب إلى حضنها، وتسهم في تنمية البلد، أو أن تعيد تأهيلهم، وتضمهم لاتفاقياتها التي أبرمتها مع عدد من المؤسسات والهيئات الوطنية وفق التخصصات المتاحة. وأي حلول بعيداً عن الطلاب فإنها ستزيد من حدة المشكلة واستفحالها. ولا رجاء لطلابنا في الخارج بعد أن أعيتهم الحيل في الوصول إلى قرار منصف سوى في أبي فهد ملك البلاد، الذي قال يوماً لشعبه في كلمات تاريخية نادرة "تستحقون أكثر، ومهما فعلت فلن أوفيكم حقكم".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org