المواطن.. مؤشر بقاء الوزراء!!

المواطن.. مؤشر بقاء الوزراء!!
على خلفية الأمر الملكي السامي الكريم القاضي بإعفاء وزير الصحة السابق، أحمد بن عقيل الخطيب، وتكليف محمد آل الشيخ بمهام الوزارة، والأسباب التي أدت إلى ذلك، من عدم الدقة في اتخاذ الإجراءات المناسبة لدى جولته في مستشفيات المناطق الحدودية بجنوب البلاد، وكذلك تجاهله أحد المواطنين المطالِب بعلاج والده الذي أمضى أكثر من 36 عاماً في خدمة الوطن من خلال وزارة الصحة، وتجاهُل الإعلاميين بمنطقة القصيم، وعدم الرد على تساؤلاتهم لدى زيارته مستشفيات المنطقة.. كل تلك الحيثيات كانت كفيلة بإعفاء الوزير من منصبه؛ لأنها لامست الخط الأحمر، وهو المواطن، وأكدت حقيقة راسخة، تمثل سياسة الدولة ورؤيتها الثابتة تجاه التنمية والبناء، هي أن المواطن هو حجر الزاوية في عملية البناء، ومحور ارتكاز التنمية، وهو محط اهتمام المسؤولين، وعلى رأسهم ولاة الأمر - يحفظهم الله -.
 
كما برهنت تلك التطورات على أن المواطن هو مقياس بقاء الوزير في منصبه أو تنحيته عنه؛ لأن راحة المواطن ورفاهيته تمثل رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -؛ فهو يضع المواطن نصب عينيه، ويوليه الاهتمام الأكبر، باعتباره محور التنمية الشاملة. وقد تجلى ذلك بوضوح من خلال التوجيه الكريم لسمو وزير الداخلية بالتشديد على أمراء المناطق باستقبال المواطنين، والاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم، من أجل توفير أسباب الراحة لهم، وكذلك حرص خادم الحرمين الشريفين على تحقيق العدالة لجميع المواطنين، وإتاحة الفرصة لهم لتحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم، بما يشكل العناية والاهتمام بالمواطن، وتوفير متطلباته واحتياجاته، وكذا الاهتمام بالتنمية المتوازنة في المناطق كافة، وهو تجسيد حقيقي لاهتمام القيادة بالمواطن أينما وُجد، بلا تمييز بين المناطق أو المواطنين.
 
الحكومة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تطرح رؤية واضحة للتنمية الشاملة، وتقدم دعماً سخياً بلا حدود من أجل تنفيذ تلك الخطط والرؤى، وتسخِّر إمكانيات الدولة كافة لتحقيق راحة المواطن وتوفير متطلباته، وتقديم الخدمات الأساسية له.. ويبقى دور الوزراء هو تنفيذ تلك السياسات وتجسيدها كحقائق ملموسة، وتلمُّس هموم المواطن واحتياجاته، وإزالة العقبات من أمامه، وانتهاج الإدارة الناجحة لتحقيق ذلك، وبذل الجهود لتحقيق مصلحة الوطن والمواطن.
 
وتبذل الدولة موازنات ضخمة في سبيل الخدمات الأساسية، من أجل المواطن وتعليمه وتأهيله وبنائه وإعداده؛ ليكون عنصراً فاعلاً في التنمية، ولأجل الاستثمار الفعلي في الإنسان، بوصفه قيمة أساسية في التنمية والبناء.
 
هذه التوليفة تحتاج إلى مَنْ يستوعبها من المسؤولين، ويمسك بطرفها، ويفعِّلها؛ ليسهم بقدر كبير في بناء الوطن، ويؤدي الأمانة التي ائتُمن عليها، ويلبي تطلعات القيادة الحكيمة الرامية إلى توفير سُبل الراحة للمواطنين، ويجسِّد رؤيتها على أرض الواقع، ويسهم في استقرار الأجهزة الخدمية والمناصب المرتبطة بها.. فالمواطن ليس مجرد طرف سلبي يتلقى الخدمات وينتظرها متى جاءت، وربما لا تكون بالمستوى الذي يليق به، بل هو فرس الرهان والعنصر الفاعل والأهم في هذه المعادلة، وهو الترمومتر الحقيقي الذي يحدد مدى بقاء الوزير في منصبه من عدمه.. ومن خلال قراءة خارطة رضا المواطنين، وتلقيهم الخدمات الأساسية وبالجودة العالية، ووجود الرعاية والاهتمام اللائق، يتحدد نجاح المسؤول من فشله؛ لأن القيادة ترى أن المواطن هو الاستثمار الحقيقي والعنصر الأساسي في البناء، وهو مؤشر نجاح الوزير من عدمه.
 
وفي ظل الرؤية العميقة لولاة الأمر، والإمكانيات الكبيرة التي حبانا الله بها، والخطط الطموحة والتسهيلات والصلاحيات الممنوحة للمسؤولين، لا عذر لوزير في التقصير بحق المواطن؛ لأن مقياس نجاح الوزراء ليس بالوجاهة والبروتوكولات والتنميق الإعلامي والأضواء الكاشفة وما تظهره وسائل الإعلام من فعاليات وصور وغير ذلك.. بل المحك الأساسي هو تحقيق راحة المواطن، وهذا يبدأ باستقبال المواطنين، والاستماع إليهم، والاعتراف بأن لهم الحق في كل ما يطلبونه من خدمات ضرورية وأساسية بالمستوى الذي يليق بالمواطن السعودي، وبالإمكانيات المتاحة، وبتطلعات ولاة الأمر، واتباع سياسة الباب المفتوح والشفافية في أبهى صورها.. فبهذه المنهجية سيجد المواطن الخدمات والمتطلبات، ويستقر الوزراء في مناصبهم، أو على الأقل يكملون دورتهم، وتتحقق النزاهة، ويختفي الفساد.. والأهم أن ينعم المواطن بحقوقه كاملة غير منقوصة. 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org