الأراضي البيضاء والضمائر السوداء

الأراضي البيضاء والضمائر السوداء
على الرغم من أن عمر القضية عشرات السنين، فإننا ما زلنا نقدم قدماً ونؤخر أخرى، في ما يتعلق بفرض رسوم مالية أو زكاة على الأراضي البيضاء، وندخل أنفسنا في متاهات ضخمة، ونطرح أسئلة عديدة، نلتف بها حول الموضوع الرئيس، وكأننا نضحك على أنفسنا.
 
إن الأمر في غاية الوضوح والبساطة، من يملكون هذه الأراضي ينتفعون منها أيما انتفاع، وتنتفخ جيوبهم وبطونهم بالمال دون أي عناء، من خلال "تسقيع" الأراضي حتى يرتفع ثمنها، ويتاجرون فيها ويربحون الملايين في لحظة، دونما عناء يذكر.
 
وفي الحقيقة، فإن أي مواطن من حقه أن يتاجر، ومن حقه أن يربح، ومن حقه أن يتملك الأراضي والعقارات، فكل ذلك لا تقف الأنظمة ولا الشرائع في وجهة، طالما التزم في ذلك كله بالمسارات الصحيحة، ولم يسلك الطرق الملتوية والمنحرفة.
 
وإذا كان ذلك من حق المواطن الذي يملك المال ويقدر على الشراء، ويبتغي التجارة، فإننا نسأل هنا عن حق الدولة، وحق المواطن الذي لا يستطيع أن يملك، ولا يقدر أن يشترى، ولا يحسن التجارة هذه، أين حقهما في تلك الأراضي، وأين حقهما من تلك التجارة.
 
إن من حق الدولة أن تفرض من الرسوم الجبرية التي تحفظ لها حقها من الضياع، وهنا لا نرى ضرورة ملحة لدخول هيئة كبار العلماء، مع كامل التوقير والتقدير لأعضائها، في القضية، لأننا سنكون بصدد خلاف فقهي حول جواز الزكاة على هذه الأراضي أم لا.
 
ونرى أن فرض الرسوم الجبرية، هو أولى وأفضل، وأمنع للتحايل على الشرع، من أصحاب الضمائر السوداء الذين يأكلون على كل الموائد، ولا يستحون حتى أن يأكلوا طعام اليتامى والمساكين والأرامل وذوي الحاجات والضعفاء وغيرهم.
 
واستكمالاً للمنظومة، نرى أن توجه حصيلة هذه الرسوم لدعم المساكن الاقتصادية للشباب والعوائل المحتاجة، حتى لا تذهب تلك الحصيلة سدى، فالشباب والمحتاجونهم أول المتضررين من ظاهرة الأراضي البيضاء، لأنها السبب الرئيس في ارتفاع أسعار المساكن وشحها.
 
فليكن الشباب والعوائل ذات الحاجة، هم أول المنتفعين بتلك الرسوم، كما كانوا هم أول المتضررين من الظاهرة.
 
وقديماً قالوا إن الطريق المستقيم هو أقصر مسافة بين نقطتين.. وفرض الرسوم الجبرية هو أقصر طريق للقضاء على ظاهرة الأراضي البيضاء وتنظيف جيوب ذوي الضمائر السوداء.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org