كلنا مبايعون

كلنا مبايعون
في البداية نقول: الحمد لله على ما قدر، وإنا لله وإنا إليه راجعون، آجرنا الله في مصابنا، وأخلف لنا خيراً منه. إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا أبا متعب لمحزونون. أسكنك الله فسيح جناته، وألهمنا الصبر والسلوان.
 
ربما يقف البعض حائراً أمام هذا التناغم العجيب الذي يميز عملية انتقال المُلك بين أبناء الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - التي تتسم بالسلاسة والهدوء والحكمة في الوقت ذاته؛ وهو ما يجعل المواطن يطمئن بأن شؤون حياته بأيدٍ أمينة.
 
وربما كان من اللافت أن سلاسة الانتقال السلمي للسلطة من ملك لآخر كانت مثاراً لملاحظات وتعليقات الكثير من الدارسين والباحثين في العديد من مراكز البحث في العالم أجمع، كيف أن هذه العملية على ما يحيط بها من نزاعات ومشاكل في معظم دول العالم إلا أنها تتم بمثل هذه السهولة والمرونة، وبترحيب شعبي جماعي، يندر حصوله، ويصعب تخيله، بل إن المواطن يستمر في تسيير أمور حياته بشكل طبيعي؛ فتجد الجميع يمارسون أنشطتهم وأعمالهم، ولا يتم وضع برنامج ومراسم معقدة لجنازة الملك الفقيد، بل تُطبّق سُنة الرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - الموصية بتسريع دفن الميت، وهذا ما ينفذ حرفياً في الصلاة ودفن الفقيد بشكل بسيط وبسرعة اتباعاً للسُّنة الشريفة، وهو أيضاً مما يثير استغراب الكثير من خبراء الإعلام والمراسلين الغربيين الذين يحضرون لتغطية الحدث.
وكل ما ذكر عن انسيابية الانتقال للسلطة والمُلك بين أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - مرده إلى قيام الدولة السعودية على كلمة التوحيد، لا إله إلا الله محمد رسول الله، وهي المادة الأولى والأساس الذي قام عليه النظام الأساسي للحكم في السعودية، وهو النهج الذي سار عليه الملك المؤسس - رحمه الله - وسار عليه أبناؤه من بعده، وكان سبباً في علو شأن هذه البلاد، واستقرار أوضاعها، بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء، وهو ما جعل البركة تحل في جميع ربوعها، ومعظمنا سافر وجاب العالم وشاهدنا بأم أعيننا كيف يعاني الناس في أكبر دول العالم تقدماً من ضيق ذات اليد، وكيف يرزح المواطن تحت وطأة الضرائب، وكيف يدفع المواطن معظم ما يكسب على الأكل والشرب، في حين نجد في مملكتنا الحبيبة لا تفرض أي رسوم على دخول الأفراد، ونجد صنوف الغذاء والمنتجات الزراعية تباع في السعودية في كل مكان، وبأرخص الأسعار.
تُرى، ألا يثير كل ما ذكر سؤالاً مهماً، مفاده: ما سر هذا الحب الأزلي المتبادل بين الشعب السعودي والأسرة الحاكمة؟؟
الجواب بكل بساطة: السر يكمن في قدرة أبناء هذه الأسرة الكريمة على السير بخطى المؤسس الوالد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه – من حيث تحكيم شرع الله، والتواضع مع المواطنين، والتعامل معهم بكل حكمة وأدب، وفتح مكاتبهم وبيوتهم لهم بشكل يومي وأسبوعي للاستماع لشكواهم وهمومهم، وهذا النهج جعل المجتمع السعودي حاكماً ومحكوماً يظهر كنسيج واحد متجانس، في صورة من أبدع الصور.
 
وعليه، حري بنا أن نفخر بحكامنا وولاة أمرنا. ورغم الحرقة التي نشعر بها بفَقْد ملك القلوب ملك الإنسانية، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ونحن نتذكر كلماته الأبوية، وأشهرها الكلمة التي يتردد صداها في كيان كل مواطن ومواطنة عندما أوصانا بأن لا ننساه من دعائنا، إلا أن ما جبر خواطرنا كان تولي رجل الحكمة والإدارة الملك سلمان بن عبدالعزيز دفة الحكم في مملكتنا الغالية، وبسند من ولي العهد الوفي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وبشرعية تولي رجل الأمن الأول الأمير محمد بن نايف مهمة ولي ولي العهد، واكتملت الصورة بمبايعة أهل الحل والعقد لهم، ومن ثم بايع الشعب بأكمله.. فكلنا مبايعون ومخلصون لله ثم المليك والوطن.
 
 
د. الربيع بن محمد الشريف

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org