فرضية (الجدل) في قيادة المرأة؟

فرضية (الجدل) في قيادة المرأة؟
يقولون إن اللّجَّة (زَبَد أَفواه الإِبل)، وهي أيضاً خليط من دقيق أَو نُخالة، وقيل إنها (كثرة الأصوات واختلاطُها).. فإذا أخذنا بالمعنى الأخير مثلاً فإن الأصوات المختلطة في الغالب لا تعطيك صفاء أو معنى يستحق منه السماع.
 
وكذلك لو أن هذا اللَّجين طحنت أسنانها، وبان لعابها كزبد أفواه الإبل! لاشمأزت غيظاً وحنقاً.. وهنا لا يمكن لتلك الأصوات الموصومة باللجلجة أن توقظ الناس جميعاً، وتسمعهم هدير الأصوات.. وكلما تنظّم الصوت راق الإصغاء إليه.
 
فالداعون إلى قيادة المرأة للسيارة تغنوا بهذا الأمر مراراً وتكراراً لإشباع رغبة ذاتية محصورة على ثلة محددة دون غيرها، على مبدأ خالف تعرف؟ وليت هؤلاء يدركون تماماً قبل مناشدة ذلك أهلية المجتمع في تقبله أن تقود الابنة أو الزوجة سيارتها.. كيف وهي بصحبة أبيها أو زوجها وأخيها تصاب المرأة بالغثيان من كثرة المضايقات غير المبررة؛ كونها تأتي من طرف واحد يستسعر نظراته ومضايقاته لتلك (أو هذي أو ذيك).
 
الممازجة هنا بين رغبة محدودة وعدمها عند كثيرين! لا تتحقق إلا إذا توافرت الأسباب الأمنية والمجتمعية والروادع دون هوادة.. فتصبح تلك الأصوات النشاز لا قيمة لها عندما تكتمل عناصر الأمان - بإذن الله - ليسمح للمرأة بالقيادة بدلاً من السائقين..
 
أن تقود المرأة السعودية خارج وطنها فهذا شأنها، وتتحمل تبعات تلك التصرفات التي اتبعتها لذلك.. لكن من الصعب أن تأتي إلى وطن أغلق الباب في هذا الأمر تحديداً، ولو مؤقتاً، وتضرب بتصرفاتها لتفرضها على الناس، كثيرهم أو قليلهم، ثم تتحدى أنظمة سُنّت في وطن، عُرف أن نظامه الأمني صارم، ولا هوادة فيه..
 
المعالجة هنا لا بد أن تكون للذات الفردية، ومعرفة النفسية التي أدت إلى المجاهرة والاستهتار، ومن دفع بتلك إلى ظلمة الليل.. هي في النهاية لا تدرك أبعاد الأمر وخطورته تجاه مجتمع يرى في تقدير الأمور أبعاداً مجتمعية قد تؤدي إلى فضفضة مواقف سلبية، تعود على تلك المرأة وهي في منأى منها!
 
لجين قد نحترم توجهها ونظرتها الاعتبارية الذاتية، وهي ابنة وطن؛ ما يستوجب علينا الأخذ بها، ومعالجة وجهة نظرها التي تراها وثلة معها أنها وجهة نظر عامة؟ وهذا لا يكون، وهي تدرك ذلك، أن وجهة نظرها خصوصية بحتة؟
 
لجين ابنتنا وإن أخطأت بشيء يستوجب معاقبتها أو محاسبتها، لكن الأهم هو أن تدرك سلبية القيادة في الوقت الحالي، مع عدم وجود نظام يحمي الأم والزوجة والأخت الكريمة من لطمات التهور والمضايقة.. ولن تستطيع خلخلة المجتمع بالقوة الذاتية لفرض تفكيرها على الغير مهما كان الأمر.. فالواجب أن تكون أكثر حباً ووفاء للمجتمع والوطن وتلاحمه وتكاتفه..
 
شبابنا يحتاج إلى زمن حتى يدرك هذا العالم الجديد، مع يقيني أن هناك جيلاً يتفهم الأخلاقيات والشهامة، ولا ننقص من قدراتهم الذهنية والعقلانية.. لكن لسنا بحاجة إلى مواقف تضفي بنا إلى بُعد تناحري - لا سمح الله -، وتحريم القيادة أو الإباحة هذا شأن لا ندركه ويدركه غيرنا.. المهم البُعد السلوكي والأمني والأخلاقي، وهو المحدد لهذا اللجج من الفرضية المناشدة قيادة المرأة للسيارة، وكأن وطننا وشعبه لن يكتمل هويته ونجاحاته إلا بعد أن تقود المرأة السيارة.. مزيداً من العقل يا لجين؟ 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org