"جورج الخامس" مقر إقامة ولي العهد في باريس.. تحفة معمارية تستقبل قادة العالم

شَهِدَ توقيع اتفاقيات والتخطيط لدحر النازية وكان مركزاً للقاءات الرؤساء
"جورج الخامس" مقر إقامة ولي العهد في باريس.. تحفة معمارية تستقبل قادة العالم
عمرو يوسف- الرياض- سبق: لا يمثل فندق "فورسيزونز جورج الخامس"، الذي يقيم فيه ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، القمة في فخامة وعراقة الفنادق الباريسية فحسب؛ بل هو أيضاً يمثل معرضاً فنياً وتحفة معمارية، تحمل عَبَقَ التاريخ ومقر إقامة لزعماء العالم الذين زاروا مدينة الأضواء، ورسموا بين أروقته الكثير من الخطط، واتخذوا قرارات تحكم عالمنا حتى الآن.
 
وفندق جورج الخامس -الذي يعد الأفضل على الإطلاق في أوروبا- يقع في الدائرة الثامنة في باريس، في الجادة التي تحمل ذات الاسم: جورج الخامس؛ تيمناً بالملك المحبوب.
 
ويتميز الفندق ببنائه الفخم الذي بدأ في عام 1920؛ حيث قرر صاحب مطعم "البرج الفضي La tour d’ Argent" -وكان يدعى أندري تيريل- أن يبني الفندق أمام منزله، وكان "تيريل" يعتبر حينها أسطورة في عالم المطاعم والفنادق الباريسية حينذاك؛ فمطعمه "البرج الفضي" يُعتبر أقدم مطاعم باريس؛ حيث يعود تاريخ تأسيسه إلى العام (1582).
 
ويُعَدّ فندق فور سيزونز جورج الخامس نموذجاً رائعاً عن النمط المعماري الباريسي الأنيق، وتذكاراً لحقبة ماضية كانت فيها العاصمة الفرنسية باريس المكان الأكثر ازدهاراً وثراء في أوروبا دون منافس.
 
تم بناء الفندق بين عاميْ 1920 و1928 ودون مبالاة بالتكاليف أو تفكير في أي توفير، وصُمّم من قِبَل المهندسييْن المعمارييْن "يبو" و"لوفران"، تحت إشراف المعماري الأمريكي جول هيلمان؛ حيث بلغت تكلفة بناء الهيكل وحده أكثر من 31 مليون دولار، وهو ما يُعَدّ رقماً فلكياً في ذلك الحين، أما كل المساحات العامة حوله فصممت لتتصف بأجواء ملكية وغرفه جاءت على الطراز الباريسي الكلاسيكي، بمقاعد مستوحاة من القرن الثامن عشر ومفروشات ملونة أنيقة تجعلك تشعر كأنك في شقة باريسية كلاسيكية.
 
ومنذ افتتاح فندق جورج الخامس، حقق نجاحاً غير مسبوق في عالم الصناعة الفندقية، وقد تم وصف المكان من الصحافة في حينه، بأنه تجسيد لروح الفخامة العصرية الحديثة مع مواكبة لأحدث الابتكارات التكنولوجية.
 
والمقصود بالابتكارات التكنولوجية في ذلك الوقت كان تمييز غرف الفندق بخطوط هاتفية للاتصال داخل الفندق وخارجه، وبوجود أجنحة بحمامين تسمح باستحمام شخصين في نفس الوقت ليكونا جاهزين للعشاء في الوقت ذاته، مع خزائن ملابس مناسبة وممرات واسعة، وأجهزة إنذار للحرائق، وبالطبع أنظمة خاصة لتقديم الطعام مباشرة من المطبخ إلى غرف النزلاء.
 
وسرعان ما اعتُبِر الفندق رمزاً "للطراز الفرنسي الحديث"؛ كما ذكرت الصحافة الأنجلو أمريكية في باريس حينها.
 
أما فنون ديكور واجهة الفندق ورسوماتها؛ فقد جذبت المعجبين من عالم الفن والرسم من جميع أنحاء العالم.
 
وتخطيط الطابق الرئيس كان غير اعتيادي بالنسبة لذلك الوقت؛ فالمطابخ كانت مجهزة ببرّادات حديثة وتهوية وأفران كهربائية لصناعة المعجنات، تقع بقرب المطعم الرئيس في نفس الطابق؛ بدلاً من الطابق السفلي كما كانت العادة في السابق في الفنادق الباريسية.
 
وكان المطعم مفتوحاً على فناء مع غرف عشاء منفصلة للأطفال؛ حيث ترعاهم مربيات خُصّص لهن -ضمن الفندق مع الخدم والعاملين- 70 غرفة للإسكان.
 
وعبر السنوات، أصبح الفندق شاهداً على أحداث تاريخية مهمة لأكثر من سبع عقود من القرن العشرين.
 
ففي عام 1929 استضاف الفندق توقيع اتفاقية "خطة يونغ Young Plan" لتحديد اتفاقيات التعويض الخاصة بالحرب العالمية الأولى، وأصبح فرعاً رسمياً لعصبة الأمم.
 
وفي أغسطس 1944 أصبح الفندق مقر الجنرال أيزنهاور أثناء تحرير باريس من الاحتلال الألماني، وقبله كان مقر إقامة واجتماع القادة الألمان أثناء الاحتلال النازي لفرنسا؛ ومنهم المشير إرفين رومل (الملقب بثعلب الصحراء)، والقائد الأعلى للجبهة الغربية في القوات الألمانية غيرد فون رونتشتيت.
 
واختار رؤساء معاصرون الفندق قاعدة لعقد لقاءاتهم؛ منهم الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان Valery Giscard d’Estaing، و فرانسوا ميتران، وكذلك الرئيسان الأمريكيان جيمي كارتر وريتشارد نيكسون.
 
وكان الأمير "الوليد" قد اشترى هذا العقار الباريسي المميز في عام 1996م بمبلغ 178 مليون دولار ليعيد ترميمه بالكامل؛ مما استدعى إغلاق الفندق لمدة سنتين منذ ديسمبر 1997م ليعاد افتتاحه بحُلته الجديدة في ديسمبر 1999م. وبلغت تكلفة ترميم الفندق 125 مليون دولار؛ لتصل بذلك التكلفة الإجمالية للمشروع إلى 303 ملايين دولار؛ مما يعكس مدى العناية التي أولاها الأمير الوليد لإعادة البهجة والرونق لهذه التحفة الباريسية.
 
 
 
 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org