إرهاب المعلمات.. مسلسل دامٍ.. وجانٍ طليق

إرهاب المعلمات.. مسلسل دامٍ.. وجانٍ طليق
لا يكاد يمر اليوم، منذ بدء العام الدراسي، إلا ونفجع بحادث أليم، تذهب ضحيته عشرات المعلمات، في مسلسل مكرر، لا يكاد يتوقف. وكعادتنا نشمر عن ساعد الجد عند وقوع الكارثة، ثم ما نلبث أن نتباطأ شيئاً فشيئاً حتى ندخل في سبات عميق، لا نستيقظ منه إلا على وقع حادث أشد ألماً وأكثر سواداً!
أكاد أجزم بأن عدد المعلمات اللاتي توفين في حوادث الطرق يربو على قتلى الحوادث الإرهابية التي تطل بين الحين والآخر برأس أسود على بلادنا. ففي حين ننتفض للثانية، وهو انتفاض له وجهاته ومبرراته، نتناول اغتيال المعلمات على الطرق بدم بارد، وكأنه لا مسؤول عن حوادث اغتيالهن ـ رحمهن الله تعالى -.
 
وعلى الرغم من أن تلك الحوادث تتكرر في كل عام إلا أن غيبوبة وزارة التربية والتعليم، وفشلها في التخطيط وإيجاد الحلول المناسبة لوقف تلك الحوادث، تصيبانك بالدهشة والحيرة، وكأنها أمام مشكلة لا حل لها إلا سيل الدماء التي تغطي في كل يوم بقعة جديدة من أرض البلاد، وتُدخل الحزن والفزع على العوائل والأسر.. وكأننا أمام وزارة تصمم على إرهاب المعلمات، والتخلص منهن واحدة تلو الأخرى!
وأنا على يقين من أن وزارة التربية لن تخرج بحلول جدية وجذرية لهذه الكارثة، أو غيرها؛ لأن الدماء السائلة على الطرقات يبدو غير مهمة لمسؤولي الوزارة، التي نريد أن نعرف أين يتم توظيف بناتهن وأزواجهن إن كن معلمات؟ وهل ينطبق عليهن نفس الشروط والمعاملة التي تطبَّق بصرامة على المعلمات؟
إنني لا ألقي اللوم كاملاً على عاتق وزارة التربية؛ فلا شك أن التقصير يلحق جميع المسؤولين عن تلك الدماء الزكية، من بلديات إلى وزارة النقل إلى إدارة المرور.. ومن العيب كل العيب أن نتوقف عند الجزئيات، ونترك جذر المشكلة، على نحو ما نسمع من مبررات ومسكنات تريد أن تمتص الصدمة، وتتنصل من المسؤولية.
 
فأنت تسمع عن سائقين عن مؤهلين، وسائقين يتعاطون المسكر والمخدر، وسائقين يتجاوزن الحد المعتاد للسرعة، وغير ذلك.. فهل مطلوب من المواطنين والمعلمات أن يتأكدون من أن السائق حصل على شهادة حسن سير وسلوك قبل أن يركبن عربات الموت الطائشة، بينما مسؤولو الوزارات على الأرائك متكئون؟!
إن على المنادين بحق المرأة في قيادة السيارة أن يرفعوا أصواتهم للحفاظ على أرواح وأنفس المعلمات اللاتي يقعن فريسة السيارة، وما هم بفاعلين؛ لأن حقوق المرأة عندهم لها أجندتها الخاصة. فقيادة السيارة عندهم حق يربو على حق الحياة والحفاظ على نفس المرأة من أن تدهس بالسيارة!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org