نساء يؤكّدن لـ"سبق": منع إعادة الزوجة بـ"القوة الجبرية".. إصلاح وحفظ كرامة

مختصون: الإجبار يولّد الأحقاد والضغينة ويصل لجرائم القتل والتعذيب بين الزوجين
نساء يؤكّدن لـ"سبق": منع إعادة الزوجة بـ"القوة الجبرية".. إصلاح وحفظ كرامة
تم النشر في
- بعض الأزواج يتعمد استفزاز الزوجة لتكره العيش معه وتتنازل عن حقوقها
- مصدر قضائي: بعض الأزواج يطالب بالحكم على زوجته بـ"بيت الطاعة"
- المحامية فريال كنج: عدم إرجاع المرأة جبراً يصون كرامتها ويحافظ عليها
- المستشارة الأسرية سلمى سيبيه: الحياة الزوجية في الشريعة قائمة على المودة والرحمة
- أم عبدالله: رفعت قضية طلاق بسبب سلوكيات زوجي غير السوية والقاضي أصرّ على بيت الزوجية
- أم أيمن: زوجي ضربني بقسوة.. وعند القاضي يقول إنه يحبني.. والآن أعيش مع زوج لا أطيقه
 
ريم سليمان، دعاء بهاء الدين– سبق– جدة: جاء التعميم الأخير لوزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء، إلى الجهات ذات العلاقة كافة، بالبدء في تنفيذ اللائحة الجديدة لنظام المرافعات الشرعية بجميع المحاكم وكتابات العدل، والتي تمنع إعادة الزوجة إلى بيت الزوجية بالقوة الجبرية؛ صوناً لكرامة المرأة وحفاظاً عليها، وحتى لا يلجأ ضعاف النفوس من الأزواج إلى استغلاله؛ لتلجأ المرأة في النهاية إلى الخلع وتضيع كل حقوقها. 
 
وأكّد مختصون أن إرجاع الزوجة جبراً إلى بيت الزوجية يؤدي إلى نفورها من زوجها، ويفتح باباً للمشاكل، وقد يؤدي ببعض النساء إلى طريق مشبوه، وعلى الرغم من وجود المادة "75" من نظام التنفيذ القضائي، والتي تنص على عدم إلزام الزوجة بالعودة إلى بيت الزوجية جبراً، إلا أن هناك بعض القضاة يجتهدون ويحاولون الإرجاع من باب الصلاح.
 
"سبق" تعرض قصصاً لنساء فضّلن الخلع عن العودة إلى بيت الزوجية، وتتعرف على ردة فعل المختصين في قرار العدل الأخير.
 
مساومة على الطلاق
وتروي إحدى الزوجات أنها كانت لا تعمل، وليس لديها دخل مادي، وزوجها يسيء معاملتها ويسبها ويقذفها بأبشع الصفات أمام الأبناء، إلى جانب بخله الشديد، وتقصيره في توفير أبسط مقومات المعيشة، وكانت تهرب لأمها حتى تسد رمق جوعها وأبنائها، لافتة إلى أنها عندما قررت عدم الرجوع إليه حتى يتوقف عن بخله ولسانه البذيء استصدر من المحكمة قانون بإجبارها على العيش معه أو مخالعته.
 
وتساءلت: "كيف أخالع زوجي وأنا فقيرة من أسرة فقيرة؟!" مشيرة إلى دخولها في دوامة الاكتئاب ومحاولات الانتحار لعدة سنوات، وأوضحت أنه بعد عذابها، منّ الله عليها بمن دفع لها مبلغ المخالعة، بعد أن تجاوزت الأربعين، وذهب شبابها وحياتها هباءً.
 
وتحدثت "أم عبدالله" بدورها لـ"سبق" قائلة: "رفعت قضية طلب الطلاق بسبب سلوكيات زوجي غير السوية، إلا أن القاضي أصرّ على عودتي إلى بيت الزوجية من باب الإصلاح للزوج، وضربتني أسرتني، وأرجعتني ثانية إلى زوجي الذي كرهت العيش معه وكرهت نفسي".
 
وتابعت: "لم أستطع العيش معه، وتحملته حتى جمعت مبلغاً من عملي، وساومني زوجي على مالي مقابل فك أسري وطلاقي".
 
"أم أيمن" إحدى الحالات التي لاقت معاناة كبيرة في حياتها، حيث اعتاد زوجها على تعنيفها وضربها بشكلٍ مبرّح، وفي النهاية يرغب بمعاشرتها! وعندما ذهبا إلى القاضي قال الزوج إنه يحبها ولا يطيق العيش دونها أو الاستغناء عنها.
 
وأضافت: "بعض القضاة لا ينظر إلا إلى مصلحة الرجل فقط، وأخذ يدعوني إلى الرجوع ويضغط عليّ، وإلى الآن وأنا أعيش مع زوج أنفر منه، ولا أطيق العيش معه".
 
هرم العنف الأسري
وأوضحت المستشارة الأسرية، الدكتورة سلمى سيبيه، أن "الحياة الزوجية قائمة على المودة والرحمة"، لافتة إلى أن "أي عنف يعتري الحياة الزوجية يحول حياة الزوجة إلى بؤس وشقاء، وسوف ينتهي دور الأسرة المُحبة لتبدأ سلسلة من الدمار النفسي".
 
واعتبرت الإقامة الجبرية للزوجة قمةَ العنف الأسري، قائلة: "إذا فقدت الزوجة القاعدة الأساسية لأي حياة طبيعية، وهي الحرية في القرار والأمان في العيش، لن تصبح زوجة محبة ولا إنسانة طبيعية ولا أم مربية، إذ يستحيل على العقل تخيل أي إنتاج سوي من إنسان دمرت أسسه، وأجبر على العيش مع شخص لا يعني له شيئاً في أحسن الأحوال، وقد تحول إلى عدو بغيض يتربص بها الدوائر".
 
وعن تأثير ذلك على الأبناء تساءلت في استنكار: "إذا كانت الأم تُساق لبيت زوجها جبراً، فكيف ستربي طفلاً سوياً يواجه مجتمعاً وعملاً ويُكوّن أسرة مستقبلاً؟!" 
وحذرت من دخول الطفل في دوامة من العنف اللفظي والنفسي، وقد يكون جسدياً، وقالت: "ستصبح هذه الطفلة زوجة مدمرة، ومشروع أم مدمرة؛ إذ فاقد الشيء لا يعطيه، وأكّدت أن تطبيق هذا القانون سيجعل المرأة متزنة نفسياً، تقرر ما تريد بإرادتها دون سوط القوة، وحينما يقف القانون خلفها ليحميها، فسوف تنطلق وتبدع سواء مع نفسها أو مع أطفالها أو في حياتها بشكلٍ عام"، متمنية أن يتم وضع قوانين موحدة للأسرة في ضوء الشريعة؛ ليعرف كل شخص حقوقه وواجباته.
 
طريق مشبوه
وأوضحت المحامية فريال كنج أن إعادة الزوجة بالقوة الجبرية هو إجبار الزوجة على العودة إلى بيت زوجها، ويطلق عليه "الانقياد" على بيت الطاعة، وتحدثت عن المادتين 74 و75، حيث لا يوجد  أي تعارض بينهما، وقالت: "المادة 75 تشير إلى أنه لا ينفذ الحكم الصادر على الزوجة بالعودة إلى بيت الزوجية جبراً، فيما أفادت المادة 74 من النظام عن الاستعانة بالقوة المختصة في الشرطة، ودخول المنازل لتنفيذ الأحكام الصادرة بحضانة الطفل الصغير وحفظه، والتفريق بين الزوجين ونحو ذلك مما يتعلق بالأحوال الشخصية جبراً، كما يعاد تنفيذ الحكم كلما اقتضى الأمر ذلك".
 
ورأت أن "إرجاع الزوجة إلى بيت الزوجية يؤدي إلى النفور والأحقاد والضغينة بين الزوجين، وقد يصل الحال إلى جرائم قتل وتعذيب؛ بسبب إجبار الزوجة على العودة لرجل كرهته، كما يؤدي ببعض النساء إلى طريق مشبوه".
 
وبسؤالها حول تنفيذ عودة الزوجة بالقوة الجبرية إلى بيت الزوجية، ومدى تنفيذه على أرض الواقع، أجابت كنج: "نظام التنفيذ القضائي للأحوال الشخصية لا ينفذ الحكم الصادر على الزوجة بالعودة إلى بيت الزوجية جبراً".
 
غلق الاجتهاد
وأشارت المحامية كنج إلى بعض القضاة الذين يجتهدون فيلزمون المرأة بالعودة إلى بيت الزوجية، من باب الإصلاح؛ ما جعل بعض الأزواج يتعنت ويتعمد استفزاز المرأة لتكره العيش معه، ويصبح مستحيلاً حتى يحصل على المال أو يضطرها إلى أن تخلعه، وهناك من الرجال من يترجون القضاة حتى يحكموا بإرجاع الزوجة، وجاء قرار العدل ليقفل أي بابٍ للاجتهاد من قِبل القضاة".
 
وأكّدت كنج أن "قرار العدل في مصلحة المرأة، حيث يحافظ على كرامتها وحقوقها الشرعية في حالة استحالة العشرة بينهما؛ فعلى القاضي ألا يحكم بإرجاعها، بل يكون هناك إما الطلاق أو فسخ عقد النكاح"، ووجّهت رسالة إلى كل رجل متسائلة: "كيف لرجل لديه كرامة أن يسمح لنفسه بمعاشرة وإجبار زوجة تكره العيش معه إلى رجوعها إلى بيت الزوجية؟"، وقالت: "هناك الكثير من الرجال استحلوا الخلع؛ حتى لا يدفعوا أي متطلبات تلتزم عليهم بعد الطلاق"، وأنهت حديثها بالآية الكريمة "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".
 
منهج القضاء الشرعي
وأكّد مصدر قضائي  لـ"سبق" أن هذه المادة "75" لم تأتِ بجديد، ولم تلغ أمراً كان مقرراً سابقاً، وإنما أكدت منهج القضاء الشرعي في التعامل مع القضايا الزوجية، لافتاً إلى أنها أوضحت المفاهيم الخاطئة الواردة من بلاد أخرى، وقال: "يأتي بعض الأزواج ليطالب بالحكم على زوجته بما يسمى "بيت الطاعة"، ويعتقد أن هذا المفهوم يعني إجبار الزوجة على العودة إلى زوجها بواسطة القوة الجبرية"، مبيّناً أن "المقرر فقهاً وقضاءً أن على المرأة إذا حكم عليها بالعودة إلى بيت زوجها؛ أن تفهم أنها إن لم تنفذ الحكم فلا حق لها في المطالبة بالحقوق الزوجية المعهودة، من نفقة وسُكنى ونحو ذلك".
 
وأكّد المصدر أن "هذا الحكم لا يأتي اعتباطاً؛ بل إن له ما يبرره، ويكون عادة في الحالات التي ترفض الزوجة فيها الانقياد لزوجها بلا عذر شرعي؛ ولا تقبل بافتداء نفسها منها بالخلع، وتطلب بأن يطلقها بلا مقابل"، موضحاً أنه "لا يُجاب طلبها إلا إذا أبدت عذراً شرعياً يفسخ به النكاح، أو طلبت مخالعة الزوج فيخلعها القاضي من دون رضاه".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org