وزير الإعلام الجديد.. هل يصنع التغيير؟!!

وزير الإعلام الجديد.. هل يصنع التغيير؟!!
ما زالت وزارة الثقافة والإعلام تُراوح كثيراً في عملها من خلال استراتيجيات رتيبة تقليدية!! لا تتوافق مع التحديات الداخلية التي تواجهها السعودية، أو المهددات الخارجية، بشكل فعّال ومؤثر، عدا بعض التطوير الشكلي الذي لم يمس الجوهر والمضمون بشكل مؤسسي قيمي!!
 
فهي ما زالت تقدم برامجها – من خلال هيئة الإذاعة والتلفزيون - بطرق تقليدية شبه اعتيادية، غير مقنعة بشكل فعّال للمتلقي داخل أو خارج السعودية، يحيط بها الارتجالية من جانب، وضَعْف الابتكار والتجديد من جانب آخر.
 
وحتى يكون حديثي مبنياً على الواقع والحقائق، دعوني أشارككم هذه التساؤلات:
 
بداية، لنتساءل عن البرامج الإعلامية الاجتماعية والثقافية الأكثر شهرة لدى المجتمع السعودي، التي تُسهم في صنع الرأي العام لديه، وتؤثر في معارفه وتوجهاته، أين هي؟ وفي أي القنوات تبث؟ وما هو نصيب القنوات السعودية منها؟ الإجابة ستكون مؤلمة ومقلقة؛ فنحن نعلم يقيناً أن معظم تلك البرامج الإعلامية تبث من خارج نطاق وزارة الإعلام والهيئة، ويدور حول بعضها عدد من الشكوك وعلامات الاستفهام!!
 
هذا على المستوى المحلي، فما بالكم ببرامج يمكن أن تصنع التأثير في الرأي العام على مستوى الدول العربية والغربية. هنا سيكون الحديث أكثر إيلاماً وشدة!! لماذا تأتي السعودية في المؤخرة في هذا الجانب الحساس الحرج؟ ما أسباب هذا القصور والخلل؟ وأين مكمن الحل؟!!..
 
أمر آخر: إلى متى ستظل وزارة الثقافة والإعلام تهتم بلملمة بعض المسلسلات والأفلام والأغاني التي يغلب عليها تمرير الجانب السيئ من النمط الغربي، وبثها في قنواتها؟ ناسية أنها في بلد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي، ومحط أنظار الشعوب الإسلامية التي تنتظر أن يكون الإعلام السعودي ممثلاً للإعلام والفن الإسلامي المتميز بحداثة الأسلوب وحرفية العمل؛ لينافس القنوات الفضائية بعزة قيمه ومبادئه.
 
لنرجع بذاكرتنا للوراء قليلاً لنبحث عن أبرز مسلسلات وأفلام التاريخ الإسلامي المتوافقة مع الضوابط الشرعية (نسبياً)، كمسلسل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، من ينتجها ويمولها؟ وما هو نصيب الوزارة منها؟ حتماً سيرتد إليك البصر حسيراً!!
 
لماذا تذهب عشرات الملايين في تمويل مسلسلات محلية أقل ما يقال فيها إنها تصادم ثقافة وعادات المجتمع، وتتخاذل عن إنتاج عمل فني إسلامي يتوافق مع ثوابتنا؟!!
 
ثم لنتساءل عما تقدمه وزارة الإعلام من برامج نوعية لمواجهة الهجمة الشرسة للطاحونة الإعلامية الغربية، في تشويه قيم وثوابت المجتمع السعودي، بل أين هي من التحريض العلني والتشويه المقنن لسمعة السعودية وجهودها من قِبل القنوات الطائفية؟ ما زلنا في هذا الجانب نستخدم أطراً تقليدية، لا تتجاوز تصريحات أو لقاءات إعلامية رتيبة، بعيداً عن الأساليب المنهجية والمؤسسية في التخطيط لحملات إعلامية مقننة ومبتكرة.
 
كل تلك الحقائق والشواهد تُشعرك بأن الوزارة لا تمتلك خططاً استراتيجية وحملات إعلامية واضحة، تُسهم بشكل فعّال ومؤسسي في مواجهة التهديدات الإعلامية، وتعزيز قيم المجتمع وثوابته بطرق مبتكرة ومتجددة، عوضاً عن تعزيز مكانتها في العالم العربي والغربي كله، بل تبني توجُّه خادم الحرمين الشريفين نحو العالمية وفتح الحوار مع حضارات العالم!!
هذه التساؤلات أطرحها على معالي وزير الثقافة والإعلام الجديد، الذي يمتلك مهارات الإدارة والتخطيط الاستراتيجي؛ فلعله يعمد - بإذن الله - إلى غربلة شاملة ومتكاملة، وإعادة بناء استراتيجيات وسياسات وأهداف وبرامج الوزارة، وتحديد أولوياتها؛ لتتوافق مع التحديات الحرجة التي تواجهها السعودية، ولتصنع الأثر في المجتمع السعودي، ولكي تُسهم في التصدي للتشويه المتعمد للُحمة الوطن والتشكيك في قيمه وثوابته.
 
قبل الختم أقول: إنه لمن المؤسف والمخجل ـ حقاً ـ أن لا تمتلك وزارة الإعلام قناة مرئية إسلامية عالمية واحدة لتبيان قيمنا وثوابتنا الإسلامية وروح المحبة والإخاء، في حين أن قساً نصرانياً في الولايات المتحدة يمتلك عشرات القنوات الإعلامية!!
أعلم يقيناً أن حديثي هذا قد يؤلم الزملاء في وزارة الثقافة والإعلام، وكذلك الهيئة، لكن الصديق من صَدَقَك لا من صدّقَك. فالإعلام سلاح سياسي وثقافي وديني، يمكن أن يصل بقيمنا ومبادئنا لجميع أصقاع العالم، متى ما خُطط له بأسلوب مهني احترافي.
 
وبالطبع، فحديثي هنا لا يقلل من الجهود التي بُذلت خلال السنوات الأخيرة في الوزارة أو الهيئة، إلاّ أن الطريق ما زالت واسعة ومفتوحة لمزيد من العمل الإعلامي الاحترافي.
عذراً وزارة الثقافة والإعلام على هذه القسوة، لكني أحسبها قسوة المحب لحبيبه.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org