ما عليك من السهم!!

ما عليك من السهم!!
من أصعب أنواع الحوارات التي قد تُبتلى بها مع أحدهم؛ وتتمنى أن تكون سكت، وتجد نفسك تتلمس طريقاً للهرب، وقد استنفدت طاقات الاحتمال لديك، حين يتبدى لكما صواب رأيك في كل جولات الحوار، لكنه يدير رحى الحوار من جديد ليصوِّب رأيه! ويدير رأسك أيضاً في البحث عن مخرج وهمي للتصويب.. والموجع حين تعلم أنه يعلم أنه مخطئ، ورغم ذلك يواصل إقناعك كما لو كان محقًّا!! وكيف عرفت أنه يعلم بخطئه؟ ذلك همٌّ آخر!!
 
منطقياً، لا بد أن يقتنع بخطئه؛ فقد قدمت كل القرائن والدلائل، ولم يعد أدنى شك أمام العقلاء من الصواب.. صواب واحد لا غير، لكنه لا يريد أن يعلن انهزامه، ويشعر بأن ذلك نقيصة في حقه؛ ولا بد أن يلوي عنق الحوار والكلمات وعنقك أيضاً؛ ليخرج منتصراً! ويصبح الحق عليك؛ لأنك دخلت في حوار معه! فهو لا يسمح لنفسه ليسمعك تماماً، بل تراه يفكِّر، ويتجهز للرد عليك بقناعاته السابقة..
 
الاعتراف بالخطأ شجاعة، لا ينتهجها إلا النبلاء، النبلاء في أخلاقهم.. فالكمال لله تعالى وحده.. ولا يعني أنك أخطأت التقدير أو الفَهْم، أو غابت عنك حقيقة، أنك فاشل مثلاً! لا أحد يمكنه أن يكون على صواب دائماً؛ لا بد من العثرات؛ فأنت بالنهاية إنسان، تخطئ وتصيب، وتصيب وتخطئ، ولا أجمل حين تبادر بتصويب الخطأ وتعديله.
 
يحضرني موقف لأحد الأقرباء، جعلت منه مثلاً، صرت أردده حينما أُصدم بشخصيات من ذلك النوع، وربما قلته لنفسي يوماً!
(ما عليك من السهم).. وجدتها ألطف من حلب الثور والتيس معاً!
 
يقول: في طريقي لأحد المواقف وجدت سيارة معاكسة، يصرُّ صاحبها على المضي. ولأن عائلتي بصحبتي أفسحت له الطريق، لكنه توقف. ظننته سيشكرني! غير أنه عاتبني بحرارة؛ فكيف أعكس الطريق! ووجَّه كيلاً من النصائح وجملة من وصف المخاطر الناتجة من فعلتي، واتهمني بالعمى وسوء التقدير، وهو يلوح بيده، ويكاد يفقأ عينه. وحين أشرت للسهم الذي يدل على صحة اتجاهي.. سكت قليلاً، ثم قال (ما عليك من السهم)!!  

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org