تفكيك أسماء الجماعات الإرهابية

تفكيك أسماء الجماعات الإرهابية
للخطاب قوته ورسالته. الخطاب سواء كان كتابياً أو صوتياً يتضمن الكثير من المعاني والمضامين التي تستوقف المهتمين بعلوم اللغة والنفس والاجتماع. من خلال الخطاب يمكن لنا أن نفهم ما يدور حولنا من أحداث وتغيرات وعوامل مؤثرة وتأثيرات مستقبلية.
 
لا يمكن عزل الخطاب عن المجتمع، كما أن للخطاب حضوره الكبير في السياسة.
 
السياسة لها ارتباط وثيق بالسلطة والقوة، ولهما بالتالي ارتباط بالخطاب؛ فالخطاب وسيلة السلطة للوصول إلى غاياتها.
 
يرى الفيلسوف الفرنسي "ميشيل فوكو" أن السلطة هي من يصنع الخطاب.
 
كما أن للسلطة تأثيرها على السلوكيات الاجتماعية من خلال نوع الخطاب. يرى فوكو أيضاً أن السلطة تستطيع أن تصنع هيكلية اجتماعية معينة باعتمادها على العلوم والخطاب. فصاحب الخطاب يوظف العلوم بالاتجاه الذي يخدمه، والذي من خلاله يستطيع توجيه المتلقي في الاتجاه الذي يسعى له صاحب الخطاب.
 
قبل أيام عدة أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية قبض الجهات الأمنية على 93 شخصاً من المنتمين للفئة الضالة. ومن ضمن من تم القبض عليهم خلية إرهابية، سمت نفسها (جند بلاد الحرمين)، وهي تنتمي لتنظيم (داعش) الإرهابي في الخارج، كما ذكر المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي. 
 
استوقفني اسم الخلية (جند بلاد الحرمين)، كما أُعجبت باستخدام اللواء التركي اسم (داعش) بدلاً من اسم الجماعة الإرهابية (الدولة الإسلامية في العراق والشام). اختيار الخلية الإرهابية اسم جند بلاد الحرمين له مغزى ومعنى. يعلم قادة هذه الجماعات أن لمسمى بلاد الحرمين عند المسلمين معنى عظيماً، وأن المسلمين جميعاً يتعاطفون مع أي حدث إسلامي أو يمس الإسلام، فكيف بالحرمين الشريفين – حفظهما الله -.
 
اختيار مثل هذا الاسم ووصف المنتمين لهذه الخلية بأنهم (جند) يجعل المنتمين لها يشعرون ويؤمنون بما يقومون به حتى لو لم يكن صواباً. كما أن الاسم يجعل الآخرين ينجذبون لهم، ويدعمونهم، إلا إذا اتضح لهم أن هذه الجماعة تمارس أفعالاً لا تمت للإسلام.
 
إعجابي باستخدام اسم (داعش) بدلاً من اسمها الكامل سببه أن المتلقي عندما يسمع أو يقرأ اسم داعش لن يرتبط الاسم لديه بأي مشاعر دينية، ولن يكون له تأثير نفسي كبير عليه نحو تقبُّل الخطاب.
 
كما أن إلحاق اسم (داعش) بصفة الإرهابي يجعل المتلقي يتأثر نفسياً وذهنياً بالخطاب، وأنه يتحدث عن جماعة إرهابية حقيقية حتى لو لم يكن يعلم عن أفعالها السيئة الشنيعة تجاه الإسلام والمسلمين.
 
ليس (جند بلاد الحرمين) ولا (داعش) أول من استخدموا هذه المسميات لاستمالة المسلمين تجاههم والتـأثير على مشاعرهم وأذهانهم؛ فقد سبقهم بذلك جماعات عدة، من أبرزهم على الساحة حالياً (حزب الله).
 
ربطهم لجماعتهم بالخالق جل وعز، وأنهم حزبه، له تأثير نفسي وذهني على أعضاء الحزب وعلى من يسمع باسمهم من المسلمين وغير المسلمين.
 
فكل مسلم هدفه أن يكون من (حزب الله)، حزب الله الذي يطبق تعاليم الإسلام الصحيحة دون تشويه أو طائفية أو تحيز أو سعي لتقسيم المسلمين وتشويه الإسلام.
 
كما أن غير المسلم عندما يسمع عن هذه الجماعات وأسمائها وارتباطها بالإسلام والدين الإسلامي فإن انطباعاته وآراءه تتأثر بكل ما يرى من أفعال شنيعة؛ فيتسبب ذلك في الإساءة للدين الإسلامي، ويجعل غير المسلمين ينفرون من المسلمين والدخول في الدين الإسلامي.
 
للخطاب قوته، ولكل كلمة معنى وقوة ورسالة.
 
من يعرف كيف يوظفها ويحللها ويدرسها يستطع فَهم الكثير من الأحداث التي تدور حوله.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org