جولة ولي العهد إلى فرنسا.. دولة تنشد السلام للعالم

جولة ولي العهد إلى فرنسا.. دولة تنشد السلام للعالم
محمد عطيف- بروفايل "سبق": تمثل جولات ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، حالياً، أحد أهم وأبرز التحركات السعودية في المشهد السياسي العربي والعالمي، وذلك من خلال النجاحات الكبيرة التي تحققها والتحالفات الكبيرة التي تنجح فيها المملكة، في ظل مرحلة متغيرات سياسية صعبة وخطيرة يمر بها الشرق الأوسط، والعالم العربي عموماً.
 
ولي العهد الأمير سلمان الوجه الشعبوي المحبوب هو في طليعة المؤكدين –كما هو كل مواطن صالح- على أن كل المراهنين على زعزعة استقرار المملكة "خسروا من الجولة الأولى، وكذلك كل من راهن على ضعف ولاء المواطنين لبلدهم".
 
الأمير سلمان هو نفسه الذي قال برزانة السياسي المحنك: "نحنُ في السعودية بشر.. نخطئ ونصيب، لكننا نتمنّى الخير لكل البشر، كما ننشده لأمتنا، التي تنشد السلام والأمن، لها وللعالم، وتساهم في حلّ الصراعات الدولية، وتحاول مع دول العالم حل مشاكل الفقر والجهل والمرض التي تواجه البشرية". ذلك كان دستوراً إنسانياً خالداً.
 
وتعد هذه الجولة الجديدة التي يبدؤها ولي العهد إلى الجهورية الفرنسية، امتداداً لتلك الرؤية التي تمثل فيها المملكة كل العرب والمسلمين، وتهدف إلى تعزيز الجهود العربية من أجل التصدي لكل المحاولات الهادفة إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
 
-الجولة الآسيوية: دلالات ومكاسب:
إن المكاسب السياسية التي نتجت عن الجولة الآسيوية لسمو ولي العهد لتؤكد يوماً بعد يوم على متطلبات المرحلة الحالية لدولة رائدة مثل المملكة؛ فقد نتج عنها الكثير من الاتفاقيات الأمنية والدفاعية والاقتصادية والثقافية، واتفاقيات في مجال مكافحة غسيل الأموال، إلى جانب مشاركة المعلومات الاستخباراتية في مجال مكافحة الإرهاب، واتفاقيات للتعاون في المجال العسكري الذي يشمل التدريب وتبادل الخبرات والزيارات بين العسكريين واتفاقيات في مجال الطاقة والتعليم والاستثمار.
 
وتمثل رؤية سمو ولي العهد امتداداً لرؤية ونهج خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في التواصل مع قادة العالم؛ لتحقيق كل ما فيه خير لمصلحة الشعب السعودي والشعوب العربية والإسلامية.
 
كما أن هذه الجولات، بلاشك، لا تخفى أهميتها، خصوصاً المرحلة التي يمر بها الشرق الأوسط تحديداً، وتنامي مخاطر الإرهاب والفتن الطائفية المضللة، حيث تنحو المملكة من خلال هذه الجولات لتعكلس عمق المسؤولية والوضوح، وتعزيز مواجهة الإرهاب الذي عصف بالمنطقة.
 
وأثبتت الجولة الآسيوية -كما يؤكد المتابعون- قدرات المملكة على كسب التحالفات، وتحقيق التنوع والتعدد في سياق علاقاتها الخارجية وتحالفاتها الدولية، ووجهت رسائل واضحة على استقلاليتها بما يحقق مصلحتها ومصلحة الشعب السعودي.
 
وتأتي أبرز المكاسب من الجولة الآسيوية في: تعزيز مجالات التعاون فيما يتعلق بالعلاقات العسكرية، خصوصاً مع باكستان، من خلال إنشاء صناعات عسكرية متقدمة.
 
ومع اليابان تجلى ذلك في رفع مستوى التنسيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة لاتفاقيات اقتصادية في غاية الأهمية.
 
أما زيارة الهند كمحطة ثالثة في الجولة فقد نتج عنها تحريك متقدم في عدد من الملفات الاقتصادية والتجارية والسياسية والثقافية، من أجل تعزيز الروابط وعلاقات التعاون بين الجانبين. 
 
كما وقع الطرفان عدداً من الاتفاقيات في مجالات مختلفة كالتجارة والاستثمار وقطاع الطاقة، وسبق وأن وقعا الكثير منها مثال: مذكرة تفاهم حول مكافحة الجريمة، بالإضافة لمواقف الهند من أحداث الشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب، والملف النووي الإيراني.
 
وبرهنت الجولة الآسيوية تحديداً على حرص السعودية على التوازن في علاقاتها الدولية، وتعزيز أواصر التعاون مع مختلف القوى المؤثرة، ولتبرز أيضاً العقلية السياسية المتمكنة لمن قاد هذه التحالفات نحو أهدافها المنشودة بقيادة ولي العهد السياسي الحاذق، وطاقم عمل متمكن يرأسه شاب ذكي طموح، هو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. 
 
خيارات إستراتيجية
حول ذلك يقول الكاتب علي العنزي: "زيارة الأمير سلمان لدول مثل باكستان والهند واليابان، تمتد العلاقات معها لأكثر من 60 عاماً، وهي من القوى السياسية والاقتصادية الصاعدة في القارة الآسيوية، تشكل بُعداً إستراتيجياً للسعودية، خصوصاً في هذا الوقت بالذات، إذ نرى أن هناك تموضعاً دولياً بدأ يتشكل، فالقوى الغربية بدأت قوتها وسيطرتها السياسية والاقتصادية في العالم تضعف، وهناك قوى أخرى بدأت تتشكل في آسيا، منها: الهند واليابان وباكستان، فالبحث عن المصالح والخيارات الإستراتيجية وتنويعها أمر في غاية الأهمية في ظل الصراعات الإقليمية والدولية المتصاعدة الآن".
 
من جهته يقول الكاتب الدكتور خالد الدخيل‎: "يجب على السعودية أن تنتقل وتصبح قادرة بمفردها على مواجهة كل مصادر التهديد الإقليمي. لا يعني هذا التخلي عن فكرة التحالف مع دول إقليمية أو دولية، لكن يجب أن تكون السعودية طرفاً قوياً وفاعلاً عسكرياً في مثل هذا التحالف، وبعبارة أخرى يجب أن تكون السعودية طرفاً في معادلة توازنات القوى في المنطقة"، وهذا بالضبط ما هندسته يد الأمير سلمان بن عبدالعزيز.
 
صمام أمان المنطقة
وتعد ريادة المملكة عربياً وإسلامياً أمراً مفروغاً منه، ومايقوم به قادتها هو للتأكيد على ذلك بفضل الله عز وجل، وهو أمر لم تتأخر عنه يوماً في دعم أشقائها. 
 
وعلى سبيل المثال لا الحصر، يقول وزير الخارجية اليمني الدكتور أبوبكر القربي: "سياسة المملكة الخارجية رسمت خارطة حقيقية لاستقرار المنطقة بكاملها، وتسعى جاهدة إلى تنفيذها على أرض الواقع وبما يسهم في تعزيز السلم الاجتماعي العالمي".
 
من جهته، أكد وزير المغتربين اليمني مجاهد القهالي، أن "المملكة صمام أمان المنطقة بذاتها، وأنها اللاعب الرئيس، ليس فقط في تحقيق الأمن والاستقرار، وإنما في جهود التنمية".
 
وفيما ينتظر لهذه الجولة أن تحققها مكاسبها المأمولة مع الشريك الفرنسي؛ فإنه لا يمكن تفويت الإشارة إلى التحذير الأخير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للغرب من خطر الإرهاب، حيث يشكل ذلك استشعاراً منه بأن الوضع صار في حالة حرجة للغاية في مواجهة الإرهاب، ولا بد من تكاتف الجهود للقضاء عليه.
 
إن هذه الجولة هي هنا جزء لا يتجزأ من أدوات ما عبّر عنه الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمات موجزة يلخص فكرة القضاء على الإرهاب، وأنه هو التحدي الحقيقي والأول الذي يجب على العالم أن ينجزه.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org