أنقذوا مجتمعنا السعودي..!

أنقذوا مجتمعنا السعودي..!
أتذكر سنوات مضت، وكيف كان مجتمعنا السعودي بشيمه وقيمه وانضباط أفراده بتعاليم الدين، وكيف أن الحياة كانت بسيطة، لا يتكلف فيها الناس، يعيشون ويتعايشون مع بعضهم بكل يسر وسهولة.. مجتمع يميزه عاداته وتقاليده وأعرافه الاجتماعية الحميدة.. مجتمع مترابط، لا توجد بين أفراده طبقية أو تقسيمات أو تصنيفات؛ فمن كان منهم غنياً فهو يتمتع بما أنعم الله به عليه في حدود العقل والمنطق واحترام مشاعر المجتمع المحيط به، وفي المقابل يعيش من هم أقل منه في مستواهم الطبيعي راضين بما قَسَم الله لهم، لا يتكلفون ما لا يطيقون، لا حسد ولا ضغينة ولا مباهاة.. مجتمع في تركيبته كأفراد إن لم يأتِك منهم خيرٌ فلن يضروك في شيء..
 
ذلك المجتمع هو نفسه الذي يطحن بعضه بعضاً في وقتنا الحالي.. مجتمع يتكلف ما يطيق وما لا يطيق.. مجتمع يعيش أفراده بثقافة أنا الأغنى والأذكى والأعلم.. أنا الأكثر فَهْماً.. أنا الفهلوي والبقية أغبياء! في الوقت الذي نجد فيه المجتمعات تتقدم وتتطور وترتقي للمعالي نجد مجتمعنا في خطر كبير. 
 
إنَّ تخلي المؤسسات الحكومية ذات العلاقة عن دورها تجاه المجتمع في تعليم النظام، وفرض النظام، والمحاسبة، والتشهير بمتجاوزي النظام، وتطبيق ذلك على جميع أفراد المجتمع كائناً من كان، هو ما جعل هذه الأمور تصل لما وصلت إليه.
 
يجب على وزارة التربية والتعليم قبل أن تعلِّم أبناءنا القراءة والكتابة أن تعلِّمهم أدب الحوار وثقافة احترام حريات وحقوق الآخرين، ويجب أن تعلِّمهم أن الممتلكات العامة هي ملكٌ للجميع بلا استثناء، وأن تجاوز كل ذلك يعرِّضهم للمساءلة القانونية أمام الجهات القضائية.
يجب على وزارة التعليم العالي أن تقوم بدورها في توعية وتثقيف طلاب الجامعات، من خلال دورات تدريبية إلزامية، تُعنَى بدور المواطن في بناء مجتمع واعٍ مثقف وحضاري، وأن الفرد هو اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، وكيف أن المجتمع يعول عليهم ليصبحوا قادة التغيير للأفضل.
 
يجب على وزارة الشؤون الإسلامية أن تساهم في نشر الوعي المجتمعي، من خلال منابر الجمعة والدروس والمحاضرات الأسبوعية، وتعمم وتوحد البرامج والخطب التي ستلقَى أسبوعياً؛ لتشمل جميع مناطق السعودية، وكذلك يجب أن يكون لها برامج مكثفة ومجدولة في وسائل الإعلام. 
 
يجب على وزارة الداخلية، متمثلة في إدارة المرور، أن تغير نمط "السوبر ماركت المحتكر"، الذي يبيع منتجاته ويهدف للربح فقط؛ ليصبح إدارة حكومية، من أولى مهامها توعية المجتمع بأنظمة المرور، من خلال وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وضرورة الالتزام بهذه الأنظمة، وما هي العقوبات التي ستترتب على عدم التقيد بهذه الأنظمة، على أن تتدرج هذه العقوبات لتصل لدرجة الحرمان من قيادة المركبة مدى الحياة، وأن تبتعد عن أن يكون غاية طموحها ضبط المخالفات للتحصيل المادي فقط؛ لأننا سنعود للمربع الأول (ثقافة أنا الأغنى)! ويجب عليها تطبيق ذلك على أرض الواقع بكل مصداقية وأمانة وقوة وحزم..
 
كما يجب على وزارة الداخلية، متمثلة في الشرطة، أن تضرب بيد من حديد على كل من يتجاوز حدوده ويتعدى على حقوق وحريات الآخرين في الأماكن العامة، وكذلك أولئك الذين يسيئون استخدام الممتلكات العامة كائناً من كان، وأن يصدر بحقهم الجزاء الرادع بشكل عاجل، ويتم تنفيذ هذه الأحكام في الأماكن العامة التي تجاوزوا فيها.
 
ولا يمكن أن نغفل دور المنزل في تربية الأبناء وتقويم سلوكهم، وجعلهم أعضاء إيجابيين صالحين نافعين لأنفسهم ومجتمعهم.
 
أنقذوا مجتمعنا.. رسالة لكل مسؤول ولكل فرد، رجلاً أو امرأة في هذه البلاد المباركة، كل على حسب موقعه، وعلى قدر استطاعته، ولنكن إيجابيين فاعلين، ولنبدأ بأنفسنا ثم بمن حولنا، فالأرض أرضنا، والمجتمع هم، أنا وأنت وهو وهي.
 
ختاماً، من يشاهد التزام وتقيد أفراد مجتمعنا بجميع الأنظمة والقوانين واحترام الآخرين في الدول المجاورة وغيرها يعلم أن الذي نحتاج إليه هو قوانين وأنظمة واضحة ومعلومة للجميع، وأجهزة حكومية مخلصة، تتابع بشكل صارم ومنظَّم مدى التزام الأفراد بهذه الأنظمة والقوانين، وتعاقب من يتجاوز بالعقوبة الرادعة فوراً، وبدون محاباة. 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org