دروس من مراكش (3)

دروس من مراكش (3)
هذه هي الفائدة الثالثة من مشاركتي في مؤتمر الندوة العالمية للشباب بمراكش، التي شحنت بها ذاكرتي واستوقفتني. فالمشارك يجمع بين سماع خلاصة البحوث المقدمة والمداخلات التي تكون عادة بعد تلاوة الأوراق؛ وذلك أن المداخلات التي تكون بعد البحوث والأوراق المقدمة تتنوع بين جادة متميزة ذات قيمة، وأخرى عادية لا تسترعي الانتباه. إن استماع الأوراق، التي هي عصارة أفكار معديها، يحرك ذهن المتلقي المتابع، ويقدح الأفكار لدى المستمع المركّز؛ ولهذا فإن حضور تلك الندوات يجمع فوائد متعددة، سواء بسماع البحوث المرشحة للإلقاء أو المداخلات التي لا تتنبأ بمصدرها ولا بوقتها، وإنما ترد عفواً ووليدة اللحظة. فمثلاً، بعد إحدى الجلسات تحدث شاب مغربي، وحكى عن نفسه كيف تحول من الانحراف والضياع إلى الجد والرسالة، وشد الحضور بمداخلته التي رحب فيها بالحضور في بلده المغرب، وقال: شهدت في هذا المؤتمر حضوراً متنوعاً وفسيفساء جميلة، جاءت من كل الدول ومن كل الأجناس.. لو نظرنا لليد لوجدناها تتكون من أصابع مختلفة عدة، لكنها إذا جمعت أعطت قبضة قوية، وهو أنتم معشر الحضور، بل هم المسلمون لو اجتمعوا واتحدت كلمتهم. وقال: "الشباب صنفان: ملتزم له قيم دينية، ومنحرف تائه. وكل صنف يتكون من صنفين. فالملتزم إما ملتزم له مشروع واضح وهدف محدد، ويعمل لمشروعه، لكنه يحتاج للدعم النفسي والتحفيز والمساندة المادية؛ ليكون له دوره الإيجابي في الحياة، وهذا ما يجب على الدول والمؤسسات التنبه له، فلا تتركوا الشباب الملتزم ذوي المشاريع والرسالة. أو ملتزم لا رؤية لديه، ولا مشروع عنده. وهذا الصنف من الشباب هم الخطر؛ فهؤلاء سهل انحرافهم واقتناصهم من قِبل دعاة التطرف والغلو والتكفير. وعلى الدول والمجتمعات معرفة أولئك الشباب، وتدارك تلك الفئة (المتهزهزة) المتأرجحة القلقة، وأن تعمل لهم البرامج الراشدة التي تحميهم من الغلو والتطرف. أما القسم المنحرف فهم كذلك صنفان: واحد له مشروع يعمل لمشروعه الخاص به، لكنه لا رؤية ولا عطاء له بالنسبة للأمة. والصنف الآخر - وهم الأقوى حسب رأي المتحدث، وعدَّ نفسه من هذا الفريق - المنحرف بدون مشروع، وهذا إذا حركت ضميره وهززته بأنه خليفة الله في أرضه فإنه يستشعر ذلك، وتنعكس الآثار السلبية للانحراف إلى آثار إيجابية قوية. وأحسب أنا ذلك الشاب المغربي يُنبه لحالة الشباب كلهم، فلا يُتركوا وحدهم، ومن الأهمية معرفة أحوالهم؛ لتتم المعالجة والتوجيه. إن الشباب هم الأدرى بالشباب؛ ولهذا يتحتم الجلوس مع الشباب، وإشراكهم في الحوار والنقاش". 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org