أوقفوا الجَلد..!

أوقفوا الجَلد..!
من بين كل المجتمعات تعرض مجتمعنا السعودي لهجمات منظمة ومتتالية ومتواصلة من الانتقاد، جعلته يكاد يفقد توازنه في كثير من المراحل.
 
فعلى الرغم من أن النقد شرط مهم لأي تقدم للفرد أو المجتمع، وأن الأمم في جميع حقبها في أمسّ الحاجة إلى ممارسة أنواع ومستويات النقد الذاتي، إلا أننا مارسنا جلداً مفرطاً للذات، فاق حدود المقبول، بل تجاوزه إلى مستويات جعلت بعض أفراد مجتمعنا يدلف إلى مرحلة من الاختلال في السلوك، والانعدام الثقة في عدد من الرموز التي تعيش معه، ويقتدي بها في كثير من أموره الحياتية، والتي تعرض لها المنتقدون من كتّاب ومغردون ومنتجون وممثلون بالتعرية الجارحة تارة، وبالتلميح تارة أخرى؛ ما جعل المجتمع يفقد ثقته بمن كان يعتبرهم قدوة حسنة؛ إذ بات كثير من هذه الرموز محط شك أو تندر.
 
نعم.. النقد ومحاسبة النفس أمور حث عليها الدين الإسلامي لمعالجة القصور وتلافي الأخطاء في النفس أو المجتمع كله، لكن الاستسلام لفكرة السوط وترك الجزرة، وأن المجتمع مذنب ومقصّر في كل أمور الحياة، جعل ذلك حاجزاً منيعاً أمام الانعتاق إلى مستقبل متوثب، يحكمه التنظيم المطبق للقوانين المتفق عليها دينياً وبشرياً، فالإنسان (قدرة)، تقوم وترتكز على الأفكار التي تصدر من النفس والعقل، وتتغذى وتنمو بالإيجابية، وتتوقف بل تموت بالسلبية.
 
فالنفس مهما قويت لا تتحمل تواصل التأنيب، فما بالك بمجتمع بأكمله أصابته سياط النقد في كل تصرفاته بل معتقداته وتوجهاته، وتناست هذه الأقلام أو "الأفلام" أن هذا المجتمع مارس ويمارس الخيرية لأفراده، وصدر هذه الخيرية لكل من احتك به من أصدقاء أو أشقاء.
 
نعم، النقد مطلوب لمعالجة القصور وتلافي الأخطاء وتحقيق النجاح، لكن يجب أن يكون وفق مظلة المصلحة العامة للأمة، وتحت أعين الحكماء والعقلاء، وتحت حماية السلطة من هجمات المتربصين في الخارج قبل الداخل الذين غرسوا السم في النكتة؛ ليتقبلها المجتمع عن نفسه وعمن يقوده دينياً وسياسياً..
 
أيها النقاد، أوقفوا الجَلد؛ فقد تقطع الجِلد، وعليكم بالجزرة مع السوط.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org