دورات في لغة الإشارة..!!

دورات في لغة الإشارة..!!

 
قبل نحو سبع سنوات حضرتُ في الرياض زواجاً لأحد الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة، من "فئة الصم والبكم"، عن طريق دعوة عامة وُجّهت لي من أصحابها الكرام. ومع بالغ السعادة وحماسي لحضور ذلك الفرح لم أكن في الحقيقة مشغولاً بأي تفكير يفضي للمقارنة في حفلات الزواجات، سواء الخاصة منها أو العامة؛ إذ إن النمطي الذهني السائد بالنسبة لي يؤكد أن حفلات الزواج لا فروقات بينها..!!
 
في تلك الليلة العامرة بالهدوء والصمت حضرت لغة الإشارة، وسكنتنا الدهشة والذهول؛ فكل المدعوين من زملاء وأصدقاء العريس، الذين قاربوا الثلاثمائة، أتوا من كل مكان لمشاركته ليلة عمره. عندها أدركت حاجتنا لتعلم هذه اللغة لمشاركة الآخرين أفراحهم وأتراحهم بلغتهم الخاصة وما يسكن نفوسهم الطاهرة من مشاعر تفيض ألقاً وحباً..!!
ما زلت حتى الساعة أتذكر أدق التفاصيل لذاك الزواج المخملي الجميل، بينما سقط من ذاكرتي آخر حفل زواج حضرته؛ والسبب أن الفرق بين هذا وذاك في الترتيب والهدوء وبعض من السكينة..!!
 
انتهى الحفل، وذهب كلٌّ إلى جهته، وتساءلت بمرارة: لماذا لا يكون لدينا معاهد خاصة لتعلُّم لغة الإشارة..؟! أو حتى دورات سنوية تقيمها الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة لمنسوبيها، للتعامل مع هذه الفئة العزيزة أثناء مراجعاتهم اليومية لها..!!
 بل يتبادر إلى ذهني سؤال آخر مهم وضروري في آن، على نحو: لماذا لا يتم توظيف عدد كافٍ من المترجمين للغة الإشارة في المستشفيات على سبيل المثال بحيث يتبع كل مستشفى شخص متمكن من هذه اللغة، يُخصَّص له مكتب في إدارة هذا المستشفى أو ذاك لمثل هذه الأمور الطارئة؛ فأحياناً يكون المريض من "الصم والبكم"، ولا يجيد تحديد علته التي يشتكي منها، ومهمة المترجم ستكون بمنزلة حلقة الوصل في التفاهم بين المريض العاجز عن الكلام والطبيب المداوي..؟!!
ثم ما المانع أن تقام دورات للأطباء والممرضين وحتى الإداريين، وتكون إلزامية مكثفة، لتعلم لغة الإشارة من وقت لآخر..؟! فضلاً عن بقية القطاعات الحكومية والشركات الأخرى، بما فيها القطاع التجاري، عبر التداول في سوق الأسهم، التي يشهد فيها السوق حركة متنامية لشركات الاكتتاب والتداول، وغيرها من التعاملات البنكية، فضلاً عن الحضور للبنوك التي يحتاج فيها العميل للتحدث لموظف العملاء، وشرح متطلباته وبث معاناته.. وهذا بخاصة يحتاج لوجود مترجم يجيد لغة الإشارة بالشكل المطلوب؛ ليكون همزة وصل بين العميل الأصم والموظف البنكي؛ ما يحفظ للطرفين (البنك والعميل) الحقوق بطريقة نظامية..!!
 
وقبل كل هذه المقترحات، علينا أولاً القيام بإحصائية شاملة لهذه الفئة العزيزة في مجتمعنا، وأن نبني خططاً استراتيجية "مستقبلية" لاحتياجاتهم، والاهتمام بهم في مجال الترجمة من كل النواحي..!! 

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org