هلْ سمعتُها "وَا خَالدَاه"؟!

هلْ سمعتُها "وَا خَالدَاه"؟!
هل نحن على مشارف مرحلة من الارتهان لسطوة الدروس الخصوصية وهيمنتها، لدرجة يصبح معها التلميح عنها اليوم تصريحاً في الغد المنظور، حتى لينادي بها معلموها ومعلماتها علناً بطريقة مناداة "جرسون" القهوة بطلب الزبون الجالس على ناصية الشارع؟! هل سنسمع مَن ينادي على تلك الطريقة، وعندك يا معلّمي.. "واحد مشكّل عربي ـ رياضيات ـ دين ـ إنجليزي وصلَّحُه"؟!
 
جزءٌ من الإجابة عن ذلك السؤال المقلق يأتي على لسان صديق لي، هو رب أسرة سعودية، سمعته - وهو لديه أبناء وبنات يعتادون المدارس والكليات، ويقرنون تعليمهم بدروس خصوصية في مواد وفي المراحل المختلفة – يقول في طَلّ لم تبدُ منه على محيا صديقي أيٌّ من علامات الفكاهة: مهر ابنتي هو قيمة الدروس الخصوصية التي دفعتها "كرهاً وطوعاً" خلال سنيّ تعليمها! قالها وقد غابت عن قسمات وجهه ملامح الفكاهة!!
 
وكأنما جاء مَنْ أقنعنا جميعاً "حكومة وشعباً" بألا مناص من تكبُّد عناء وكلفة الدروس الخصوصية لضمان نجاح أولادنا وبناتنا في حياتهم الدراسية! هذا ما يظنه المتتبع لسيطرة هذا النهج الخاطئ "الشر الذي لا بد منه"، في ظل تردي الحالة التعليمية الراهنة، وما أصاب أركان العملية التعليمية من تصدعات أوشكت أن تفرغها من مضمونها؛ لتعاني من هشاشة هيأتها للسقوط بيد شريحة كبيرة من أشقائنا العرب "المصريين تحديداً"، فما كان منها إلا المسارعة بإضعافه! فنقلت إلى خارطة وطننا التعليمة آفة شكت منها الأجيال في مصر! فأصبحت تشكّل للأسرة السعودية ـ خاصة محدودة الدخل ـ بعبعاً مرعباً يهدد ويبدد جزءاً ليس باليسير من ميزانيتها ومستوى عيشها ورفاهيتها!!
 
غدا الأمر شائعاً منفلتاً واستثماراً في حاجتنا بلا رحمة ولا شفقة، يمارَس في وضح النهار وعلى مدار الساعة، فلم يعد مستغرباً انسداد طريق لا لحادث سير أو تعطل إشارة مرور! عندما يأتيك من يفسِّر الحال بوجود عمارة على الشارع، تقطنها أسر من الوافدين العرب، وأن تراكم مركبات ذوي وسائقي الطلاب والطالبات المترددين عليهم لغرض الدروس الخصوصية هو السبب فيما تراه من ازدحام! وتلك حقيقة لا ينكر وقوعها في مدننا وقرانا كافة إلا من ينكر شروق الشمس من المشرق! ما يُروى عن تفاصيل هذه الحال لأقرب إلى الحواديت! فقد بات مَحْرم المعلمة السباك حامل "البكالوريا" معلِّماً خصوصياً، يجني الأرباح الطائلة بدلاً من "القعدة المنيّلة بستّين نيلة"! والآباء هم من يدفعون الثمن أموالاً (مِتَلْتِلَة)، تخرب الجيوب، وتضغط على مستوى العيشة والمعيشة عند الأسرة السعودية المعروفة بكثرة الخلقة من الجنسين! على أمل أن نكاثر الأمم ولو بالدروس الممنوعة حسب اللوائح والأنظمة! بينما نجد أوائل زبائن تجار الدروس الخصوصية هم أبناء المسؤولين والمعنيين بتطبيق  تلك اللوائح! لكنها تبدو خصوصية داخل الخصوصية التي كُتبت على مجتمعنا في مواقع عدة! البعض منها طارئ، ونحن من نمنحه العراقة والجذور!!
 
أعترفُ.. طرحتُ القضية.. ولمن يهمه الأمر.. تركت الحلول! لستُ مزايداً على ثامنة داوود!! ورضيتُ بأقلّ!  

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org