مَنْ ثقب طبقة العقول؟!

مَنْ ثقب طبقة العقول؟!
المتهم الأول في إحداث ثقوب في طبقة الأوزون هو التلوث بجميع أشكاله، سواء من دخان المصانع أو عوادم السيارات. والأوزون طبقة غازية، تحمي سكان الأرض من إشعاعات الشمس المضرة، إلا أننا تفوقنا وبدرجة امتياز في إحداث فجوات في طبقات التفكير، ليس بقدراتنا العقلية الفذة بل بسبب جهل بعضنا، وسوء تعاملهم مع ما منحهم الله من مال!!
 
فحين يقدم نفرٌ من بني جلدتنا على غسل الأيدي بعطر العود، وتوزيع المقطع على خلق الله، فإن هذا مؤشر واضح على وجود ثقوب في تفكيرنا.. وإلا فلِمَ يذهب هؤلاء إلى هذا المنحى الخارج عن إطار العقل والدين والعرف الاجتماعي؟! فالعقل السليم يمجُّ هذا السلوك، والدين القويم يرفضه؛ لأن فيه إسرافاً بيِّناً للمال؛ إذ يُصرف في غير موضعه الحقيقي. أما العرف الاجتماعي فنلحظه من قدح وذم لهذا التصرف الخارج عن المألوف، ليس إيجاباً لنشكر فاعله بل سلباً لنرفضه.. ولا ندري، هل يود هؤلاء الإيضاح لنا عن مدى بطرهم لحد الإسفاف، وكثرة أموالهم لدرجة هدرها عياناً بياناً؟ أم أنهم يرغبون في التأكيد أن المال الذي امتلكوه يتصرفون به كيفما شاؤوا؟ أم أن الجهل بلغ بهم لحد لا يدرون ولا يشعرون معه بسوء تصرفهم؟!
 
هذه فئة من الناس خسرت القيمة الاجتماعية..
 
وهناك فئة أخرى لا تقل عنها في النشوز والمجيء بغير المألوف، عبر سكب السمن فوق أيدي الضيوف؛ ليتصبب السمن فوق مائدة الطعام بشكل مقزِّز..!! ولا أدري ماذا يرمي هؤلاء؟ إنما الذي فهمته هو تباهيهم الممجوج ومكابرتهم الحمقاء.. وهو لا شك نوع من البطر الذي ترفضه النفوس، وتأباه العقول، وتحيد عن مساره الأخلاق الكريمة..
 
ومع الأسف، تتسع الثقوب في أسلوب المبالغة الممجوجة عند المزايدة ببيع وشراء البهائم؛ لتصل أسعارها إلى أرقام خيالية جداً.. وصدق القائل بأن المبالغين في الشراء والبيع لا يعقلون، وإلا فلِمَ أقدموا على هذه السلوكيات المؤذية للمجتمع؟!
 
وتتسع الثقوب في طبقة التفكير؛ لنرى أشياء فوق مستوى طبقة خيالنا، وما علينا إلا أن نضغط على زر الإنترنت؛ لنرى العجب العجاب.. فذلك الذي يبيع حفنة تمر أو كرتون فقع بأسعار خيالية، بما يعادل شراء مزرعة كاملة، ويحدث ذلك أمام عيون الناس وعدسات الكاميرات، ويفاخر بهذا السلوك المشين!!
 
والأسوأ الذين ينثرون رزم النقود من فوق رؤوس الساقطات في الملاهي الليلية!!
 
قاتل الله البطر، هذا الوجه القبيح الذي يلوث مرآة مجتمعنا..
 
لنسألهم: ما فائدة المال إن كان هؤلاء الجهلة يغدقونه دون خجل أو خوف من رب العباد؟ أما يستحي هؤلاء من أنفسهم أولاً، ومن المجتمع ومن الآخرين في أصقاع العالم، ولاسيما أن وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام تنقل الأخبار لحظة بلحظة من قارة لأخرى، ويروننا ونحن بهذا السلوك وهذا التفكير السطحي؟!
 
ألم أقل إننا نحن من ثقب طبقة الفكر الإنساني بسوء ما يعمله بعض الجهلة بطراً أو افتخاراً.. وبئس مثل هذا الافتخار..

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org