الشيخ "الشثري" ​لـ"سبق"​​: "البطانة" و"الستر على أهل المعاصي" خُطب تؤثر في الملك سلمان

قال: "المجاهيل" و"لصوص العقول" خطفوا شبابنا الجامعي وقدموه ​​​لـ​"داعش"
الشيخ "الشثري" ​لـ"سبق"​​: "البطانة" و"الستر على أهل المعاصي" خُطب تؤثر في الملك سلمان
- "عاصفة الحزم" لها شرعية دينية.. تحقيقاً لقوله تعالى: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر}.
- هذه أبرز الآيات والأحاديث التي طلب خادم الحرمين توضيحها ورأي العلماء والمشايخ في ذلك.
- بعض الشباب أصبحوا "يتدينون" في حياتهم على غير هدى.. ويسيرون في "ظلام" مواقع التواصل.
- في تقسيم الملك سلمان لوقته ترى العجب ما بين عمل أو مناسبة أو زيارة مريض أو صلة رحم أو قراءة واطلاع.
- ​هذا ما كان يميز ​محمد بن سلمان منذ صغره​.. وحرصه على ملازمة والده في كل تحركاته.​
 - الشيعة مواطنون عاشوا مع أهل السنة ولم يحصل بينهم عداء.. لكن إيران تصدّر الثورة وتشغل الشعوب.
 
أجرى الحوار/ شقران الرشيدي- سبق- الرياض (تصوير/ عبدالله النحيط): يؤكد الدكتور عبدالله الشثري، عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين، إمام وخطيب جامع قصر الملك سلمان بن عبدالعزيز بالمعذر، وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً، أن المؤثرات الفكرية السيئة التي تُبث عبر وسائل التقنية الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي تؤثر على عقول الشباب الجامعي، وأن المسؤول أو الأستاذ الأكاديمي لا بد أن يكون قريباً من الطلاب، وإلا اختطفهم "لصوص العقول" وضاعوا في أمور حياتهم. ويقول في حواره مع "سبق" بأن بعض الشباب أصبحوا "يتدينون" في حياتهم على غير هدى نتيجة هذا الفكر المنحرف​، ​وعدم التزامهم بمنهج السلف الصالح. نافياً في ذات الوقت وجود صراع مذهبي في منطقتنا ​بين السنة والشيعة​. ويسرد ​بحكم عمله كإمام وخطيب في مسجد الملك سلمان بن عبدالعزيز​ عدداً من المواقف التي حدثت بين الملك سلمان بن عبدالعزيز​،​وبينه حول بعض خطب الجمعة التي اهتمّ بها،​ وأثرت به،​ وسؤاله واهتمامه بعدد من الآيات والأحاديث وتفسيرها،​ وأمره بطباعة بعضها، وتوزيعها على المساجد​​ للاستفادة​. كما تناول الحوار رؤيته لشخصية ولي ولي العهد ​الأمير ​محمد بن سلمان، وبعض ذكرياته منذ الصغر وأبرز ما ميزه. ويتناول الحوار عدداً من المحاور المهمة. فإلى تفاصيل الحوار.
 
** عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود، ووكيل سابق لها.. ما هي أبرز إيجابيات وسلبيات العمل الأكاديمي في الجامعات السعودية؟
 
هناك العديد من إيجابيات التعليم الجامعي، ومن أهمها أن يكون المسؤول والأستاذ قريباً من الطلاب والشباب ومن أبناء الوطن يسمع آراءهم، ويسهم في حل قضاياهم، ومشكلاتهم، ويستقبلهم، ويتعرف على أفكارهم وآرائهم. وفي هذا الجانب أذكر أننا أقمنا عدداً من حلقات النقاش مع الطلاب من مختلف الكليات في الجامعة؛ لنعلم ما بداخلهم خصوصاً في ظل وجود الفتن والصراعات في العالم الإسلامي. وكان عنوان أحد اللقاءات "نحو أمة مجتمعة"، وتبين لنا بعد المناقشات، وطرح الأفكار بكل شفافية وصراحة؛ أن هناك نواحٍ إيجابية كثيرة في نفوس الطلاب، فحرصنا على تعزيز هذه الأفكار وتلافي السلبيات في ظل وجود بعض المؤثرات الفكرية السيئة على عقولهم التي تُبث عبر وسائل التقنية الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال تجربتي أرى أنه إن لم يكن المسؤول أو الأستاذ الجامعي قريباً من الطلاب اختطفهم "لصوص العقول" وضاعوا في أمور حياتهم. وقد كنا نطرح تساؤلات عديدة في لقاءاتنا الجامعية مع الطلاب عن كيفية تحقيق بيئة أكاديمية في جامعاتنا، ووجدنا قضايا كثيرة طرحها الطلاب، وحاولنا حلها بالطرق السليمة. كذلك من السلبيات عدم توزيع المسؤول مساحة من الصلاحية في النواحي الإدارية والمالية في محيط العمل لكي يقوم بعمله على أحسن حال وأتم وجه، وليكون الجميع مثل الفريق الواحد داخل العمل الأكاديمي؛ لأنه إذا تحقق ذلك انعكس أثره إيجابياً على جميع منسوبي الجامعة، ولم يتعطل العمل، وأتمنى أن يتحقق ذلك في كل الجامعات.
 
 
 
 
** ما تفسيرك لانضمام بعض طلاب الجامعات السعودية لتنظيمات إرهابية كـ"داعش" وغيرها؟
 
طلابنا في الجامعات فيهم خير كثير لأنهم تربوا على التوحيد ومنهج السلف الصالح، وأما "داعش" فهي شر وبلاء ابتليت به أمتنا في هذا الزمن، وكما هو مقرر عند علمائنا ومشايخنا فإن الفكر الذي ينتحله "داعش" هو فكر الخوارج، وهو الخروج على الأئمة والحكام في سلطانهم وولاياتهم. وهو ليس بجديد بل ابتليت به أمة الإسلام من القرن الأول حتى زماننا هذا، وكلما قامت فئة "الخوارج في زمن ما سقطوا ولم تقم لهم راية. والشباب الجامعيون السعوديون الذين ربما يتأثرون بفكر "داعش" هم شذاذ خالفوا منهج السلف، ولم يأتِ تأثرهم من فراغ، والسبب في ذلك أمور متعددة أذكر منها عدم تعظيم منهج السلف الصالح في التعامل مع الولاة، فهؤلاء الشباب لا يقدّرون هذا المنهج من السمع والطاعة، وعدم الخروج على ولي الأمر ونحو ذلك، ولما غاب عن الشباب هذا أصبحوا "يتدينون" في حياتهم على غير هدى فأثر فيهم هذا الفكر تأثيراً بالغاً، ولو التزموا بما كان عليه السلف الصالح لما حصل لهم انحرافات فكرية واضحة. وبعض الشباب -هداه الله- يسأل في دينه أناساً "مجاهيل" لا يعرفون، ولا يفقهون في العلم شيئاً، يسيرون في الظلام في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، ونحن لدينا هيئة كبار العلماء، وإدارة الإفتاء، ومفتي عام للمملكة واللجنة الدائمة للإفتاء، وعلماء ومشايخ يفتحون أبوابهم لكي يسأل هؤلاء الشباب عما يشكل عليهم، وليستزيدوا في العلم، ثم إن وجود التقنية الحديثة، والتواصل الاجتماعي أثّر على عقولهم سلبياً، وأحمّل أولياء الأمور من الأباء والأمهات داخل البيوت مسؤولية انحراف بعض الأبناء؛ لأنهم ربما أهملوهم وانشغلوا عن تربية أولادهم منذ الصغر، ولم يحذروهم بالابتعاد عن مثل هذه المواقع المشبوهة، والأفكار المنحرفة.
 
** هناك حديث عن الشرعية الدينية لـ"عاصفة الحزم".. كيف تراها من هذا الجانب؟
 
نعلم ماذا يجري في اليمن قبل "عاصفة الحزم". وماذا جرى لأهل اليمن من الحوثيين من كوارث، ولما طرح رئيس اليمن الشرعي عبد ربه منصور حلولاً، ورأياً، وطلب من "الحوثيين" الحوار لم يقبلوا بذلك، ولما بلغت القلوب الحناجر، وضاقت الأرض بما رحبت على أهلها في اليمن، وطارد الحوثيون رئيس الدولة الشرعي إلى مدينة عدن، واستنجد بجيرانه، وأشقائه، وبخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وانضم معه إخوانه قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والعرب، والمسلمون في هذا.. بدأت "عاصفة الحزم" تحقيقاً لقوله تعالى: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر}، فما كان من دولتنا إلا البدء بـ"عاصفة الحزم" لدفع الشر عن أهل اليمن. وهي ليست حرباً على اليمن كما يروج لها أبواق الإعلام المجوسي الصفوي، بل هي لرفع الظلم عن المظلومين وتحقيق مقصد شرعي، وبث الأمن والطمأنينة، والاستقرار في اليمن، واجتماع كلمة اليمنيين على رئيسهم الشرعي. أما من الناحية الشرعية ففي قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين}، والمعنى لو أن طائفتين من المؤمنين حصل بينهما خلاف وقتال ثم واحدة طلبت الصلح وأبت الأخرى الصلح أمر الله تعالى في كتابه المؤمنين بقتال الطائفة التي رفضت الصلح وبغت. وهذا ما حدث في "عاصفة الحزم". وذلك عملاً بهذه الآية.
 
** التوتر الذي يحصل هنا وهناك.. هل يعني أننا في منطقة الخليج نعيش حالياً في صراع مذهبي مع إيران؟
 
المطلوب من كل الشعوب أن يعيشوا في أمن وسلام، وألا يعتدي أحد على أحد، أما الصراع المذهبي فلا أظن أن الناحية المذهبية تولد الصراع إلا من شذّ من هذه الطوائف، والشيعة عاشوا مع أهل السنة ولم يحصل بينهم عداء منذ سنين، لكن إيران أرادت تصدير الثورة وإشغال الشعوب في صراعات مذهبية لأجل أن تحقق أهدافاً استراتجية لها، وإلا فإن إيران لا ترى قدراً لشيعة العرب، بل إنها تستعملهم لتحقيق أهدافها ومطامعها كما هو الحاصل الآن في اليمن من الحوثيين الذين سلموا قيادتهم لإيران.
 
 
 
 
** منذ أكثر من 32 عاماً وأنت إمام وخطيب مسجد "الأمير" الملك سلمان بن عبدالعزيز بالمعذر في الرياض، ما أبرز ما تذكره من مواقف مررت بها طوال هذه المدة؟
 
ذهاب الملك لأداء الصلاة في المسجد يدل على تعظيمه لشعيرة الصلاة. حيث يفد لهذا الجامع عدد من الوجهاء والأعيان والمشايخ والمواطنين. لكنه كان يهتم بتوقيت الصلاة بشكل دقيق، وخاصة في شهر رمضان المبارك، كان يصلي التراويح كاملة بالوتر، حتى إنه في بعض الأحيان يطلب الإطالة في السجود ودعاء القنوت؛ لأنه يراها موطن إجابة ومكان عبادة، ويقول: هذا شهر فاضل ينبغي أن نكثر فيه من العبادة. وأذكر أنه سألني في بعض المواقف عن عدة آيات كقول الله تعالى في سورة التوبة: {إنما النسيء زيادة في الكفر}، وكان يسأل: ما هو "النسيء"، وشرحت له أنه التأخير والزيادة. كما كان -حفظه الله- يطلب التوسع في بيان تفسير بعض الآيات، وإيضاحها بشكل كامل، وأذكر على سبيل المثال طلبه شرح وتوضيح معنى قوله تعالى: {ويمنعون الماعون}، وما هو الماعون الذي يُمنع؟ وكذلك سأل عن حديث: "من أكل لحم جزور فليتوضأ"، ورأي العلماء والمشايخ في ذلك، وطلب أن أكتب له بحثاً فيها لتوضيح ما قاله العلماء، ومعرفة الرأي الراجح في المسألة.
 
** ما هي أبرز الخطب التي ألقيتها في صلاة الجمعة أمام الملك سلمان وتأثر بها؟
 
الملك سلمان بن عبدالعزيز يتأثر بالخطب في الجمعة، ويستمع لها بدقة وعناية، وربما أبدى بعض الملاحظات على بعض الخطب إذا وجدت. وأذكر من الخطب المؤثرة عندما توفي ابنه الأمير فهد بن سلمان رحمه الله، وكان آخر العزاء يوم الجمعة، وحضر للمسجد للصلاة وبرفقته وجهاء من أنحاء المملكة جاؤوا لقصره للعزاء، وكان عنوان الخطبة "الصبر على المصائب" واستشهدت بحادثة وفاة إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون"، ثم استشهدت بقوله تعالى: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}. فلما انتهت الخطبة قال لي الملك سلمان: "والله إن المصيبة خفت عليّ بشكل كبير لما سمعت الآيات والأحاديث". وهناك خطبة أخرى تأثر بها عن البطانة الصالحة التي يختارها الإنسان لنفسه؛ فلما سمعها الملك سلمان أمر بنسخها، وتوزيع 10 آلاف نسخة منها على المساجد. وقال: "الناس يحتاجون لمعرفة أهمية البطانة وتأثيرها على الإنسان". وأيضاً من الخطب المؤثرة خطبة كانت عن فضل الستر في الإسلام على أهل المعاصي والمنكرات، والتي قد يقعون فيها، وإن استطاع المسلم الستر على أخيه فليفعل. وعند انتهائي من إلقائها وجه الملك سلمان وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، بطباعتها وتوزيعها على المساجد، وعلى الأئمة ليأخذوا بها.
 
** كيف ترى الوقت في شخصية الملك سلمان بن عبدالعزيز؟
 
الملك سلمان -حفظه الله- مدرسة عملية في تعليم الوقت والاهتمام به، وفي جميع حياته وشؤونه وعلاقاته؛ لأن الوقت هو الحياة والعمر، فهو يحترم الوقت ويعرف قدره وفضله وأعطى الوطن والمواطنين جل وقته وحياته، فحقق الله على يديه المنافع المتعددة والخيرات الوفيرة. وفي تقسيمه للوقت في اليوم ترى العجب في حياته ما بين عمل رسمي أو رعاية مناسبة أو زيارة مريض أو صلة رحم أو قراءة واطلاع، وكان يضرب به المثل في المحافظة على الوقت، ويؤكد على ذلك لكل من زاره وجالسه، ولذلك بارك الله في حياته وأعطاه القدرة على العمل والإنجاز.
 
 
 
** بحكم علاقتكم العلمية مع سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد، ما أبرز ما يميزه؟
 
الأمير محمد بن سلمان يتميز بأنه تربى منذ صغره على الجد، والنشاط، والعمل، وعندما كان على مقاعد الدراسة كان منضبطاً في التعليم، ويتميز بأنه يناقش، ويسأل في أغلب الأمور لمزيد من المعرفة. وهو كوالده يهتم بالوقت وتربى على ذلك. ويتميز بأدب رفيع وخلق عالٍ، وتكوّنت لديه شخصية قيادية إدارية من خلال ملازمته لوالده في كل تحركاته، وعمله في الإمارة، واستفاد كذلك من خبرته في مقابلة الناس، وحل قضاياهم وحبه للعمل الخيري.. ومن خلال الجلسات العلمية التي كلفنا بها الملك سلمان في تعليم العقيدة، والعبادات، والأخلاق، والأمثال العربية والمحلية لأبنائه، لأجل غرس هذه المعاني في قلوب أبنائه الأمراء لترسخ هذه القيم في نفوسهم من غير المناهج الدراسية الأخرى التي يتعلمونها، ولأنه يريد أن يبني عقولهم على التدين الصحيح، فلا غرابة أن نرى سمو الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- يتولى هذه المهام العظيمة في الدولة، فهو جدير بكل ما يُسند إليه، وقد أثبت ذلك في الواقع من حرصه وحبه لوطنه وأهله. كما أنه يتميز بالشخصية القيادية ذات الهمة العالية والمبادرة إلى تحقيق الأهداف المنشودة.
 
** كلمة أخيرة في ختام اللقاء..
 
أشكر الله تعالى على ما من به علينا في المملكة من الاجتماع على الدين والتلاحم بين الراعي والرعية، ونعمة الأمن والاستقرار الذي نعيشه والناس ينظرون لهذه المملكة بنظرة حب واحترام وتقدير؛ لأنها ترعى الحرمين الشريفين وتقوم بخدمتهما ورعاية الحجاج والمعتمرين والزوار. وبعد تولي الملك سلمان -حفظه الله- سدة الحكم واصل المسيرة في مستقبل هذه المملكة، ولا أدلّ على ذلك من أنه في هذه المدة الوجيزة حقق للوطن والمواطنين الشيء الكثير في كل الشؤون.
 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org