بلادي وإن جارت عليّ عزيزةٌ..

بلادي وإن جارت عليّ عزيزةٌ..
حينما سارعت السعودية بالرد الحازم على وزيرة خارجية السويد، ولقّنت (استوكهولم) درساً في عدم التطاول والتدخل في شؤون السعودية، كنت في غاية السرور لهذا الإجراء الذي هو بمنزلة رسالة لكل من تسوّل له نفسه التطاول على السعودية ونظامها وشأنها الداخلي، وتذكرت قول الحق سبحانه {فإما تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم مَن خلفهم لعلّهم يتذكرون} الأنفال ٥٧.
 
ولشدة سعادتي كتبت خواطري في صحيفة المواطن الإلكترونية، وصحيفة مكة الإلكترونية، وجريدة الشرق، ورسائل عدة كنتُ قد أرسلتها عبر الواتساب وعدد من التغريدات على حسابي في تويتر  twitter.
 
ولفت انتباهي أن بعض القرّاء قد فهم من اندفاعي وتفاعلي أنني أدَّعي أن مملكتنا هي الجنة التي وعد الله بها المتقين، وأنها أفضل مما صوره أفلاطون في مدينته الفاضلة؛ فلا أخطاء لدينا، ولا فساد بيننا، ولا تقصير في الخدمات، ولا تجاوز في التعليمات.. وهذا - وأيم الله - ما لم أقله، ولا أدعيه؛ فبلادنا مثل غيرها من البلدان، فيها البَرُّ والفاجر، والفقير والتاجر، والمحبّ والكاره، والأمين والخائن.. وهذا هو شأن أي مجتمع إنساني على وجه هذه البسيطة، ولولا أنهم كذلك لما كان من حاجة للقضاة، ولا للدعاة، ولا لرجال الأمن والحسبة، ورجال القانون، ولا للادعاء العام، ولا للسجون، والعقوبات.. ولكنه ما من شكّ أن المجتمع الذي يتخلّق بأخلاق الرسول العظيم، وصحابته الكرام، ويتبع أوامر الله، ويقف عند نواهيه، سيكون أكثر المجتمعات استقراراً، وأقلها انفلاتاً.
 
ومن هذا المنطلق فإن من حق الوطن علينا أن نسعى إلى إصلاح ما يتبيَّن لنا خلله بالطرق النظامية، دون افتئات على الجهات المسؤولة، أو تقمّص أدوار المسؤولين بها؛ فذلك أسوأ صور الفوضى والانفلات.. ولكن من صور الإخلاص للوطن إبلاغ كل جهة مسؤولة بما يظهر من قصور وخلل وفساد في جانبها، دون إرجافٍ أو إسفاف أو افتراء أو تشويه لسمعة الوطن أو إنكار للمنجزات.. فنظام المطبوعات والنشر قد كفل حرية الكلمة، وجعل من مهام الإعلام النزيه الهادف كشف الخلل للمسؤولين، على أن يكون ذلك معتمداً على الوقائع الصحيحة والشواهد الثابتة، دون شخصنة الموضوع؛ فيكون القصد منه إيذاء شخص، وليس إصلاح خلل.
 
وإن صور الفساد الواسطة لإضاعة حقوق الناس، والمحسوبية، وإهدار المال العام، والتسيب الوظيفي، واستغلال السلطة للحصول على امتيازات خاصة، والرشوة.. وكلها موجودة وضاربة بجذورها في مجتمعنا، وتعاني الدولة منها أشدّ العناء. ولكن، ورغم ذلك، فإن ما نحن فيه من ظلال الأمن الوارف يخفف عنا وطأة الألم بما نراه من أوجه الفساد، ويحتم علينا عدم السكوت على ما نراه من خلل، بل نكشفه للمسؤولين، ونتابع إجراءات إزالته، دون أن ننسى أن حبنا للوطن يبقى رغم كل ما نراه من سلبيات نحن جزء منها، ونستذكر قول الشاعر:
(بلادي وإن جارت عليَّ عزيزةٌ
وقومي وَإِنْ ضنّوا عليّ كرامُ)
دام عزّك يا وطن، رغم حسد الحاسدين، وحقد الحاقدين.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org