إحسان الظن..!!

إحسان الظن..!!

لم يعد كثير منا في حاجة لسماع فتاوى مكررة، تؤكد من وقت لآخر ضرورة استئذان المرأة من ولي أمرها، والزوجة من زوجها، قبل اتخاذ أي أمر من ضرورات الحياة، بما في ذلك المسائل الشرعية المتعلقة بها، كعبادات التطوع "الصوم والعمرة"، والعديد من المواضيع التي تختص بالمرأة؛ والسبب هنا أن غالبية النساء لا يقمن لهذا الجانب أدنى اهتمام إلا النزر اليسير..!!

إن بعض الدعاة الأفاضل وضيوف البرامج الدينية زرعوا في عقولنا ونبض قلوبنا أن محادثة المرأة الشخص الغريب تُعتبر من الخطايا؛ ما يترتب عليها أثم كبير، وفعل عظيم مع مرور الوقت، وذلك من منظور استسهال مثل هذا الفعل، والتهاون فيه؛ فالنار - كما في الأمثال - من مستصغر الشرر.. فباتت مثل هذه الوصايا مستهلكة في سوق النصح والكلام لإدراكنا ومعرفتنا بها، ويقيننا بعواقبها الوخيمة؛ وبالتالي فترديدها بات يزداد فضاضة بغير ما إقناع مع انتشار شبكات التواصل والقنوات والبرامج الفضائية في زمن بات عنوانه الأبرز "ترك الحبل على الغارب"..!!

إن فتح وسائل التواصل والقنوات للمشاهدين الخطوط الهاتفية المباشرة لاستقبال مكالمات المتصلين الباحثين منهم لمعرفة أمور دينهم ودنياهم، وعرض فتاوى تعينهم فيما استصعب عليهم تفسيره ومعرفته والإلمام به من كل الجوانب وأدق التفاصيل، أمر غاية من الأهمية والقيمة بكل تجلياتها الحسنة، وكذلك لمن يفسر أحلامهم "المؤجلة"، ومن يساهم في حل مشكلاتهم الأسرية؛ ليعيشوا حياتهم باطمئنان وراحة نفس وبال؛ ما يجعل المرء في حيرة وتناقضات مريرة ضبابية اللون، بعضها فوق بعض..!!

ثمة تناقض هنا، يجعل المتابع يعيش في حيرة فكر وغياب تلقائي للوعي؛ إذ كيف يصدق أن مصلحًا اجتماعيًّا أو عالم دين يحاضر عبر الفضاء، يطالب بضرورة استئذان المرأة من زوجها في جميع ظروفها وأمورها وأوقات يومها، أن يحل لها مشكلة إدمان زوجها مع الإنترنت، أو غيابه المتكرر عن البيت بحجة السفر ومرافقة الأصدقاء، أو عدم الصرف عليها لبخل شديد فيه، وغيرها من الأمور المشابهة، رافعة صوتها الجهوري على نحو "بماذا تنصحني يا شيخ.."؟! فهل استأذنت قبل الاتصال زوجها، أو طالبها المصلح بمثل هذا الاستئذان..؟! إذًا، لماذا لا يتم تنبيهها لهذه المخالفة حتى وإن كانت الغاية من الاتصال أجمل وأرقى وأبلغ في حياتهما على أمل من فيض وئام لحياة قادمة، عنوانها التفاهم والمودة واحترام المشاعر..!!

ما أود الختم به أن إمام مسجد خصص خطبة الجمعة عن ملاحظات تصله من بعض الأخوات الفاضلات لبعض القضايا ومسببات الاختلاط، يدعونه فيها للحديث عنها في إحدى محاضراته أو خطبه، من بينها ظاهرة التبرج، مطالبًا المصلين بعدم إحسان الظن في الزوجات والأخوات والبنات أثناء خروجهن للتسوق بكامل زينتهن. ولعله بهذا الطلب قد أزم مشكلة يبحث عن حل لها، بخلطه بين حابل النصح ونابل التسوق، بمطالبته بعدم إحسان الظن، في حين أن السائد والمتعارف عليه أن بعض الظن إثم..!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org