إلا الفهد.. يا رويبضة

إلا الفهد.. يا رويبضة

قال رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "سيأتي على الناس سنوات خدَّاعات، يُصدَّق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّن الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة".


 إن المتأمل في هذا الحديث الشريف يجد أنه قد اختصر علينا مجلدات عظيمة جدًّا، كانت ستُكتب لو أردنا الحديث عن الأزمة الحالية بين دول الخليج؛ فما يحدث اليوم بين هذه الدول كل يوم يتجه باتجاه المعاني العظيمة التي ذكرها نبينا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ فكل تطوُّر في هذه القضية يدفع باتجاه تحقق هذا الحديث، وكل حدث يحدث كأنه يقول لنا ارجعوا لهذا الحديث، وتأملوا ما ورد فيه جيدًا، وتدبروه، واعقلوه تجدوا أن هذه الأحداث قد بُيِّنت لكم من قبل.


ولا أدل على ذلك من هذا التصريح الذي تحدث فيه المدعو "العذبة" عن تلك الكلمة التاريخية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- إبان احتلال الكويت عام (١٩٩٠م) عندما وقف ذلك الموقف التاريخي، وقال قولته الشهيرة: "الكويت لا بد أن ترجع إن شاء الله.. وإلا تروح الكويت والسعودية سوا..".


ولا أعلم كيف استطاع عبدالله العذبة أن يقرأ نية رجل انتقل إلى جوار ربه قبل اثني عشر عامًا بكلمة قالها قبل سبع وعشرين سنة، واستطاع أن يعرف أنه لم يقل تلك الكلمة أخوّة، ونخوة، وحمية، وحفظ جوار، وإنما قالها لأنه خشي أن تكون السعودية بعد الكويت، أو علم أن السعودية ستكون بعد الكويت.. لذلك قال تلك الكلمة.. اتقِ الله يا رجل.. بأي عقل تفكر..؟!! وبأي منطق تتحدث..؟!! أهذا كلام يصدر من عاقل..؟! ووالله لا أعلم كيف أصبحت رئيس تحرير وأنت تفكر بهذه العقلية..؟!!


هذه الحادثة التي تتوافق مع آخر الحديث.. "وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة" تختصر علينا كل الكلام، وتجلي الموقف، وتكفينا مؤنة الرد على هذا وأمثاله.. فكيف نرد على رويبضة..؟!!


ولم يُكتب هذا المقال ردًّا عليه أو على أشباهه، وإنما كُتب لتذكير بعض شبابنا الذين لم تسعفهم سنواتهم حضور هذه الأحداث.. فلم يكن البعض منهم قد وُلد بعد، أو كان حديث عهد بالحياة.


أما موقف الملك فهد -يرحمه الله- فقد دوَّنه التاريخ بمداد من ذهب، وبيَّنه صاحب القضية الأول الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت في تلك الأيام -يرحمه الله- حين تحدث في قمة مجلس التعاون الخليجي التي عُقدت في (٢٥ / ١٢ / ١٩٩١م) في الكويت، فقد قال: "اسمحوا لي أيها الإخوة أن أقول كلمة حق للتاريخ: إن اجتماعنا اليوم في الكويت، وفي التاريخ المحدد له، قد تحقق أولاً بفصل الله الواحد الأحد، ثم بفضل أخي الملك فهد، وولي عهده، وإخوانه، وشعبه الشقيق؛ لوقفتهم المبدئية التي اتخذوها، والتضحيات الكبرى التي تحمَّلوها، والموقف الخطير الذي عرَّضوا بلدهم، وشعبهم له..".
هذا الحديث، وفي اجتماع رسمي لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، وفي أول قمة في الكويت بعد تحريرها، يكفينا عن كل الردود.


ولكن يجدر أن نختم بهذا البيت للمتنبي، فقد قال:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص.. فهي الشهادة لي بأني كامل

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org