الاستقالة شجاعة أم انهزامية؟

الاستقالة شجاعة أم انهزامية؟

اختلفت وجهات النظر حول خبر استقالة رئيس المجلس البلدي بأمانة منطقة عسير. البعض وصف قرار استقالته بالشجاعة الأدبية؛ لتعمد أمانة عسير تهميش المجلس عند زيارة وزير البلدية والقروية لمدينة أبها من أجل الاطلاع ميدانيًّا على الأضرار التي خلفتها الأمطار الغزيرة. وقال الرئيس المستقيل: "إن الوزارة والأمانة لم توجِّه الدعوة للمجلس لإبداء وجهة نظره حيال ما حدث من سوء تنفيذ المشاريع البلدية، وما ترتب عنها من أضرار بليغة". وقال في معرض تصريحه: "إن الأمانة تعمدت منع المجلس من صلاحية المتابعة والمراقبة لكل أعمالها". وفي سياق حديثه أعطى مبررًا ثانويًّا بأن "الاستقالة تأتي حفاظًا لماء الوجه، واحترامًا لمشاعر المواطنين والمواطنات".

أما الفئة الثانية فأصحابها لهم وجهة نظر مختلفة؛ إذ يرون أن رئيس المجلس البلدي تسرَّع في اتخاذ قرار الاستقالة؛ ما يدل على ضعف مهارة القيادة، وانهزامية غير موفَّقة.. وأنه يمكن أن يُتخذ هذا الموقف السلبي من الأمانة كمصدر قوة لا مصدر ضعف، وكشف ما حدث من تهميش للرأي العام والمطالبة الشفافة بما ينبغي عليه أن تقوم به الوزارة أو الأمانة.. إلا أنه افتقد الدبلوماسية والتواصل تاركًا المساحة في صالح الجهة الأخرى.

وللحق، أُعطيت المجالس البلدية صلاحيات جيدة، والمأمول زيادة تلك الصلاحيات، وهذا الذي ينبغي على المجالس البلدية في مناطق السعودية كافة المطالبة به بشكل واعٍ ومنظَّم؛ كي تتسع مساحة الصلاحيات؛ لتقوم المجالس بدورها المأمول. ولو عدنا إلى اللائحة التنظيمية لوجدنا أن المجلس سلطة بلدية مستقلة في أعمالها عن الجهاز التنفيذي للبلدية، ويمارس أعماله واختصاصاته النظامية في التقرير والمراقبة وفقًا لأحكام النظام، وفي حدود الاختصاص الموضوعي والمكاني للبلدية. هنا يمكن للمجلس دراسة الميزانية، واتخاذ القرار في المشروعات وأولويات التنفيذ والبرنامج الزمني، مع دراسة التقارير ومتابعة تنفيذ المشروعات البلدية.. ويتسع المجال إلى الجوانب الاستثمارية والتخطيطية والتطويرية. وهنا يتبيَّن أن اللائحة أعطت المجالس قوة.. والاختلاف فقط في تفاوت التأثير بين مجلس وآخر، بحسب فهم واستيعاب النصوص النظامية وتطبيقها دون افتعال مشكلات لا لزوم لها؛ باعتبار أنهما (أي البلدية والمجلس) يعملان لهدف واحد، وفي سفينة واحدة؛ ما يتطلب التناغم والتفاهم والتعاون فيما يخدم المواطن بالدرجة الأولى، دون الانتقاص غير المبرر.

ولو عدنا إلى بداية تشكيل المجالس في الدورة الأولى، وبحكم أنها تجربة جديدة، كانت البلديات ترى المجالس أجسامًا غريبة عنها، إلا أنه مع مضي الأيام، وفي الدورتين الأخيرتين، تفهمت أهمية وجودها كجهة مساندة في أعمالها تحقيقًا لتطلعات ولاة الأمر، وخدمة للوطن والمواطن.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org