"التعصب الرياضي".. "الطقطقة" والتصريحات "النارية" وادعاء العدالة الغائبة.. تُشعل جماهير المدرجات

اتهامات لاتحاد الكرة وبعض الفِرق والإعلاميين بالتسبب في بروزه على الساحة الرياضية
"التعصب الرياضي".. "الطقطقة" والتصريحات "النارية" وادعاء العدالة الغائبة.. تُشعل جماهير المدرجات

 ​- فؤاد أنور​:​ بعض الشخصيات المعروفة همها تأجيج التعصب ​و​بث السموم، ​ومنهم إعلاميون ​في القنوات الفضائية.​

- عدنان جستينية:​ ​​فرض أسماء لاعبي بعض الأندية على المنتخب ​و​التدخل في عمل اللجان وفرض القرارات​.. أسس للتعصب.

- ماجد التويجري: الصانع الحقيقي للتعصب الرياضي في الكرة السعودية هو الإعلام​ وأصبحنا نعرف توجه بعض الصحف وميولها الرياضية.

​ - رئيس نادي الرائد السابق "فهد المطوع": آفةٌ أصابت الكرة السعودية ما تبثه بعض البرامج الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي​ "تعصب"​.

​ - ​أخصائي نفسي​:​ ​الظاهرة تشكل خطراً على المجتمع ​و​ذات عواقب على المراهقين من الشباب، ​و​تؤدي إلى التفرقة الاجتماعية والعنصرية والحقد والكراهية​.

 

محمود الحمد- سبق-​ الرياض: يعتبر التعصب الرياضي داءً ينهش في الكرة السعودية،​ وظاهرة ​سلبية تخطت الانتماء للفرق​ ​​إلى استعمال العنف بين المشجعين؛ لينتقل بعدها داخل الأسرة بقيام الأخ الأكبر بالتعدي بالضرب على أخيه الصغير​، والأب لولده​، ولم يقف عند هذا الحد بل تجاوز​ ذلك ​كثيراً. ​​​

 

​وإن كان التعصب الرياضي هو الميل العاطفي المفرط والمبالغة في حب نادٍ معين بصورة تجعل فيه العاطفة تتغلب على العقل، لدرجة تجعل الشخص المتعصب يتبنى أفكار وآراء القائمين على النادي حتى لو كانت خاطئة​، فإن ​"الطقطقة" و​الإساءة والاستهزاء والعدائية ​تحولت إلى عنف، والتقليل والتصغير من قيمة الخصم "المنافس" دون وجه حق لإظهار وتجميل وتلميع صورة ناديه على حساب مبادئه وأخلاقه حتى أصبح المتعصب يقدم مصلحة النادي على مصلحة الوطن ومنتخبه​.​

 

​ويلعب الإعلام ​الرياضي ​دوراً كبيراً في نشأة التعصب من خلال بعض الإعلاميين المؤيدين لأنديتهم سواء ما يكتبونه في مقالاتهم أو يقدمونه في برامجهم​، كذلك قلة الوعي والثقافة عند الكثير من الرياضيين؛ ما يجعلهم يخرجون بتصريحات تسيء لبعض الفرق، والجهل لدى الجماهير بثقافة الرياضة​، إضافة إلى تحمل رؤساء الأندية جزءاً كبيراً، وذلك من خلال الخروج بتصريحات نارية بغية تغطية فشلهم في إدارة النادي لإيهام محبي أنديتهم بأنهم يتعرضوا لمضايقات ومؤامرات من قبل الأندية الأخرى​، وما يقع به الحكام من الأخطاء التحكيمية​، وما يتداول في المنتديات الرياضية الخاصة بالأندية​، وعمل روابط المشجعين يتمثل من خلال اللافتات التي يوزعوها على الجماهير أو بإطلاقهم لصيحات المسيئة بحق الأندية الأخرى​. ​

 

وللوقوف بشكل كامل على هذه الظاهرة كان لابد من استطلاع آراء المختصين في​ ​عدد من المجالات.

 

الصحف وميولها

أكد الإعلامي ماجد التويجري أن الصانع الحقيقي للتعصب الرياضي في الكرة السعودية هو الإعلام نفسه فهو من غذاه وزرعه في الشارع الرياضي منذ زمن بعيد، وذلك لأن الإعلام الرياضي ليس متكاملاً يعمل وفق منظومة عمل موحدة، بل هو مجزأ يتبع إلى ناد معين يشجعه ويتبنى أخباره وتلميع صورته حتى أصبحنا نعرف توجه بعض الصحف وميولها الرياضية.

 

​ وتابع: أغلب الزملاء الإعلاميين يدعون الحيادي من خلال ظهورهم في البرامج واللقاءات التلفزيونية والحوارات الصحفية من أجل تلميع صورتهم مع أنهم في البرنامج يمثلون نادياً معيناً بحيث يقومون بطرح آراء وأفكار ووجهة نظر مسيري النادي.

 

وأضاف: إذا كنت ترغب معرفة آثار التعصب عليك الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي بعد حديث أحد الرياضيين أو الإعلاميين، فترى مدى التعصب والانتماء الرياضي من خلال التعليقات التي تحمل الكثير من الشتم والقذف على الشخص المتحدث، وأحياناً يصل الأمر إلى الدعاء عليه وتهديده.

 

ورأى "التويجري" أن "العلاج يكون من خلال التنسيق والتعاون بين وزارة الثقافة والرئاسة العامة للشباب بمحاسبة ومعاقبة كل من يساهم في إثارة التعصب الرياضي".

 

لجان وتدخلات

بدوره، قال الناقد الرياضي عدنان جستينية: التعصب موجود منذ زمن والاتحاد السعودي لكرة القدم ولجانه لهم الدور الأكبر في إثارته ونشأته من خلال القرارات التي تصدره لجانه، ودائماً ما تكون متحيزة لناد على حساب باقي الأندية، وأيضاً من خلال فرض الاتحاد أسماء لاعبي بعض الأندية الكبيرة على قائمة المنتخب والتدخل في تشكيلته.

 

ورأى "جستينية" أن غياب العدالة هو الأساس في وجود هذه الظاهرة من خلال التدخل في عمل اللجان وفرض القرارات عليها، مما يجعل العدالة تغيب، وبالتالي تظهر سياسة عدم المساواة بين الأندية فيبرز تأثيرها السلبي لدى الجماهير والإعلام التي تتأثر أنديتها من التدخل، وهذا ينعكس سلباً على الرياضة السعودية، على حد قوله.

 

وتابع: إذا أردنا معالجة هذه الآفة علينا إيجاد العدالة في قرارات الاتحاد السعودي ولجانه المختلفة مما يخفف من حالة الاحتقان لدى الجماهير ويخفف من تعصبها.

 

آفة أصابتنا

​ و​يرى فهد المطوع رئيس نادي الرائد السابق أن التعصب آفة أصابت الكرة السعودية وساهمت بشكل كبير في انحدار مستوى الكرة السعودية؛ لأنه نقل رياضتنا من داخل الميدان إلى خارجه.

 

وأكد "المطوع" أن "وسائل الإعلام بشقيها المرئي والمقروء هي المسؤولة عن نشر التعصب في الشارع الرياضي، وبالأخص لدى الجماهير، في حين دائماً ما نشاهد أن لاعبي أنديتنا تربط بينهم علاقة صداقة قوية خارج الملعب".

 

 

وتابع: المنظومة الرياضية بشكل عامة من إدارات أندية وجماهير وإعلام كلها ساعدت على انتشار هذه الظاهرة في الوسط الرياضي، وبالتالي المنظومة كاملة تتحمل المسؤولية.. بات علاج الظاهرة صعباً بسبب تزايدها في كل يوم من خلال ما تبثه بعض البرامج التلفزيونية على القنوات الفضائية، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وبيّن أن التعصب ساهم بشكل كبير في ابتعاد الناس المُحبة للرياضة وكذلك الأكاديميون الذين يريدون الارتقاء بالعمل الرياضي عن المشهد بسبب هذه الظاهرة.

 

شخصيات معروفة

لم يخرج اللاعب الدولي السابق فؤاد أنور عن باقي الآراء التي حملت تفشي الظاهرة إلى الإعلام ولاسيما بعض الأشخاص المتعصبين الذين همهم تأجيج التعصب من خلال بثهم السموم في برامجهم أو على مواقع التواصل الاجتماعي وهم معروفون في الشارع الرياضي.

 

وقال: أصبحنا نشاهد من يمارسون التعصب من الإعلاميين وبعض الشخصيات المعروفة، وهم مرحب بهم في القنوات الفضائية.

 

وأضاف: التعصب زاد عن حده ولابد من تدخل من الجهات المختصة من وزارة الإعلام والرئاسة العامة لوقف هذه الظاهرة من خلال اتخاذ إجراءات صارمة بتبني وتطبيق اقتراحات خرج فيها مركز الحوار الوطني.​​

 

عداء وحقد

عرّف ​الإخصائي النفسي ​الدكتور وليد الزهراني التعصب الرياضي بالقول: هو فرط زائد في التشجيع يصاحبه عدائية نحو الفرق المنافسة تؤدي إلى استفزاز الشخص الآخر، وتصل أحياناً لمشاجرات وخلافات بين الأهل والأقارب.

 

وتابع: الشخص المتعصب يحمل مجموعة من المشاعر مثل الحقد والكراهية والعدائية تجاه الغير ترافقها بعض من الصفات كالانعزال والابتعاد عن الناس والتحيز بشدة لأمر معين يفقد المتعصب الكثير من الوعي مما يؤدي إلى ملاسنات ومشاجرات.

 

وأردف: باتت هذه الظاهرة تشكل خطراً على المجتمع لأنها غير صحية ذات عواقب وخيمة بالنسبة للمراهقين من الشباب، حيث تؤدي إلى التفرقة الاجتماعية والعنصرية والحقد والكراهية، حتى أصبحنا نراها منتشرة ضمن بيئة العمل، مما أوجدت نوعاً من الكره والحقد بين العاملين.

 

وأوضح "الزهراني": هذه المشكلة أصبحت ثقافة مكتسبة في تنشئة الشباب من خلال البيت من قبل الآباء الذي يفرض على أفراد عائلته محبة الفريق الذي يشجع، لذا نرى أن أكثر فئة ينتشر فيها التعصب هي فئة المراهقين وصغار العمر نتيجة التربية الأسرية، وكذلك الفراغ والجهل والابتعاد عن الدين.

 

وأكد أن الإعلام لعب دوراً مهماً في نشر التعصب من خلال بثه البرامج التلفزيونية عن طريق بعض الإعلاميين المعروفين بتعصبهم، وكذلك ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي في تفشي هذه الظاهرة عبر بعض الشخصيات المشهورة، والتي تبث حقدها على الفرق المنافسة لفريقها من خلال الألفاظ البذيئة.

 

وتابع "الزهراني": التعصب له تأثير سلبي على المجتمع، حيث يولد العدائية والكره والحقد بين أفراده، وهذه التصرفات الهمجية قد نهى عنها الإسلام، لذا يجب على الجهات المختصة أن تحاسب مثيري التعصب من خلال فرض عقوبات صارمة وقاسية عليهم؛ للحد من انعكاساتها السيئة على المجتمع.

 

وأفاد بأن علاج التعصب يبدأ من الأسرة التي تتحمل دوراً كبيراً في التخلص منه بمحاسبة الأبناء و توعيتهم وتقديم النصح لهم وأيضاً وزارة التعليم لها دور مهم يتمثل من خلال المدارس والجامعات بوضع مواد تدعو إلى نبذ التعصب واتخاذ جميع الإجراءات التي تساهم في الحد منه، وإلغاء البرامج التلفزيونية التي تدعو إلى التعصب.

 

وقال: يجب أن يكون هناك تدخل قوي من قبل الحكومة متمثلة بوزارة الإعلام بالتنسيق مع الرئاسة العامة للشباب لمحاسبة المسيئين مثيري التعصب؛ لأن هذه المشكلة كل يوم بازدياد حتى أنها أصبحت فتنة وغسيل دماغ لجيل الشباب.

 

ورأى "الزهراني" أن للتعصب انعكاسات على صحة الفرد المتعصب منها العصبية، الغضب، سرعة الانفعال، القلق والتوتر النفسي، الأرق وفقدان الشهية، القولون العصبي، السكري، اكتئاب نفسي، ذبحات صدرية، نوبات قلبية.

 

وفي الختام نصح الأخصائي النفسي المشجع أن يستمتع بالمباراة سواء فاز فريقه أو خسر، وأن ينسى المباراة حينما تنتهي.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org