الحوار يعزز قيم التلاحم والتواصل

الحوار يعزز قيم التلاحم والتواصل

يُعتبر أسلوب الحوار؛ سواءً ذلك الذي تديره منابر فكرية وحوارية، أو الذي يديره أفراد الأسر في جو أسري بنوايا خالصة، لمعالجة قضاياهم؛ يعتبر أحد أهم الأسباب التي تعزز من التلاحم والنسيج المجتمعي، فضلاً عن ذلك فإن أسلوب الحوار، أسلوب يعمل أيضاً على ترسيخ قيم ومفاهيم التنوع والتعايش بين فئات المجتمع كافة، من أفراد وجماعات؛ لا سيما وأن المملكة تتميز بالتنوع القبلي الذي يُعَد مصدر قوة لها؛ لما تتسم به من تواصل وتوادّ بين بعضها، مشهود له عبر سنين طوال.

ونحن كأفراد في مجتمع المملكة الواسع، أحوج ما نكون في هذه المفترة بالذات للتماسك والتعاضد والتكاتف والحوار حول قضايانا؛ وذلك لما تشهده المنطقة والعالم من حولنا من اضطرابات تكاد تفتك بمجتمعات عديدة؛ ولكن مملكتنا -بفضل الله أولاً ثم بفضل حكومتنا الرشيدة- تعيش أمناً وأماناً واستقراراً مرموقاً، ولله الحمد.

وما أقصده من حوار ليس فقط ذلك الحوار الرسمي الذي تقوده جهات ومؤسسات ومنابر فكرية وحوارية عامة وخاصة في مجتمعنا؛ برغم أهميته الكبيرة؛ لكن ما أقصده هو حوار في غاية الأهمية؛ ألا وهو حوارنا كأفراد أسرة.. آباء وأمهات وأبناء؛ فحوارنا مع أبنائنا يكون أكثر رسوخاً وعمقاً؛ وذلك نسبة إلى أنه نابع من صدق الأبوين، ويعزز من التواد والتراحم والتواصل بين أفراد الأسرة الواحدة التي يتكون منها المجتمع الكبير.

علينا كأسرة -التي هي نواة المجتمع- أن ندير حواراً هادئاً وبناءً وهادفاً مع أبنائنا.. نحاورهم في أفكارهم وقضاياهم مهما كانت صغيرة؛ فكل شيء يبدأ صغيراً ثم يصبح كبيراً، وعندما يصبح كبيراً يستفحل أمره ويستعصي علينا فهمه وإدراكه وعلاجه.

فيجب علينا كأمهات وآباء أن نحترم رأي أبنائنا عندما ندير معهم حواراً في قضية ما، أو موضوع ما، اجتماعي ثقافي فكري؛ حتى لو كان موضوعاً رياضياً. ومهما اختلفنا معهم في وجهات النظر.. علينا أن ندير حواراً موضوعياً، بعيداً عن الانفعال والأمر والنهي والتلقين، وبعيداً عن روح التهكم والسخرية التي تولد الحقد والكراهية.. فإذا عجزنا أن ندير حواراً هادفاً مع أبنائنا؛ فسوف يبحثون عن إدارة دفة الحوار مع جهات أو جماعات أخرى، لا نضمن ماذا سيقولون لهم وما هي نواياهم.

معنى ذلك أن ثقافة ومفهوم الحوار المجتمعي يبدأ من الأسرة أولاً، ثم ينتقل مفهومه إلى المنابر الفكرية ومؤسسات المجتمع الأخرى؛ فإذا نجحنا في ترسيخ مفاهيم الحوار حول القضايا كافة مع أبنائنا؛ فسوف نضمن لهم مشاركة فاعلة في المنابر الفكرية الأخرى؛ فالأسرة هي المدرسة الأولى عمادها وأساسها الأم والأب، لا يسيطران عليها بالتسلط والجبروت والغلظة؛ بل بالحكمة والموضوعية والحوار المفعم بدفء الحنان والتواد والمحبة.. وأخيراً أقول لكم أخواتي وإخواني: حاوروا أبناءكم وناقشوهم، في كل صغيرة وكبيرة من القضايا، بحكمة وموضوعية؛ فستجنون ثماراً طيبة في نهاية المطاف.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org