الخبز والاكتفاء الذاتي

الخبز والاكتفاء الذاتي

كنت أزور المكتبة خلال موجة "أطلق الشيف الذي بداخلك" الذي تولى زمام مبادرتها أغلب بنات جيلي، ووجدتُ حينها الكثيرات يتحلقن حول كتب الطبخ، وعبر الرفوف.. أثارني كتاب "كيف تصنعين الخبز في البيت"، أريته لمرافقتي بحماس وكأني حصلت على كنز؛ فنظرت إليّ بتعجب : "تراه بريال".

شعرت بالخجل وأعدته للرف، لم أكن حينها على استعداد للمنافحة عن الفكرة، وربما ذلك عائد إلى عدم إدراكي التام لها واكتمال تشكلها بذهني.. ولكن "الخبز" الذي لم أصنعه، أيقظ في ذهني طوال السنوات التي مضت، فكرة أو حلم "الاكتفاء الذاتي"؛ حتى وأنا أرى مَن حولي يقلّبون الأدوات والأشياء ليعرفوا مصدر إنتاجها.. أخذ الأمر طوال السنوات الماضية ينمو بداخلي حتى بدأ يتشكل على هيئة لقاح طفل أو دواء مسنّ، أو ربما أي شيء آخر؛ لكنه لا يصنع في بلدك، وتعلم مدى حاجة من حولك له، وتخشى أن يساومك الطرف الآخر عليه أو يقطع عنك مداده.

من المعلوم أن جزءاً من استقلال أي بلد يتصل بمدى قدرته على الاستقلال الاستهلاكي أو الاقتصادي والاعتماد على موارده؛ فالأمر لا يتوقف على الطلب الخارجي أو التوريد؛ ولكن الهيمنة التي تمارسها الدول المنتجة على الدول الأخرى واحتكار المنتج والتبعية التي تفرضها على الدول نتيجة الحاجة.

في عام 2010، جاء مشروع مدينة الملك عبدالله للطاقة خطوة جميلة في هذا الباب، وتحدث الملك عبدالله -رحمه الله- آنذاك عن أهمية المشروع، وأهمية المخزن أو المستودع الذي كان يحويه أي بيت.

هي ليست دعوة للانعزال عن العالم؛ فالعلم مشاركة ولا بد للدول أن تتبادل الخبرات، كما أن الاستقلالية التامة قد تكون مكلفة تبعاً لطبيعة كل بلد وجغرافيته؛ ولكننا لا بد أن ندحض الاتكالية، ونتعلم أن نستقل بذواتنا، وهذا المفهوم يطبق حتى على مستوى الأفراد؛ فلا بأس أن أشتري أنا وأنت الخبز كل يوم؛ ولكن لا بد أن نمتلك المعلومة (كيف تصنع الخبز في المنزل؟).

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org