"السديس" في خطبة الحرم المكي: القصاص سياج حماية للمجتمع

قال: رجال الأمن في المملكة يتصدون بحسم لكل محاولات "الإرهاب"
"السديس" في خطبة الحرم المكي: القصاص سياج حماية للمجتمع

ألقى خطبة الجمعة لهذا اليوم، إمام وخطيب المسجد الحرام الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس؛ موصياً المصلين بتقوى الله وشكره على دين الإسلام، دين المناقب والمحامد العظام.

وقال "السديس": "مَن ترأرأت بصيرته نحو مقاصد الشريعة الإسلامية علماً واحتجاجاً، وعملاً وانتهاجاً، وتعرفاً لحكمها وأسرارها ومراميها وآثارها؛ فقد أدرك أنها بديعة في حقائقها، منيعة في دقائقها، مواكبة لأحداث العصور ومستجدات النوازل والقضايا في جميع الأزمان والدهور؛ بل هي منجاة من عواطف الآراء الترقة المضلة، وأمواج الأهواء الفاتنة المزلة، وأن محور تلك المقاصد وعنوانها وجوهرها بعد حفظ الدين وإنسانها، هو حفظ النفس البشرية التي كرّمها الله وشرّفها، ونوّه بها في عظيم خطابه، وأقسم بها في محكم كتابه؛ فأعلى شأنها وزكاها؛ فكان تكريمه وتبجيله لها، وأفضل ما عرفته النظم من احتفاء وتأمين، وضناً بها أن تُزهق دون حق مبين؛ كيف وقتلُ النفس تحدّ لخلق الله وحكمته، وتعد على قدرته ومنته؟".

وأضاف: "الشرائع جاءت كلها برعاية الأنفس وصيانتها؛ لأنه يتوقف عليها نظام العالم؛ فقتل النفس يتنافى مع الحكمة من الخلق والإيجاد، وفي شريعة الإسلام قرَن رب العزة سبحانه قتل النفس بالشرك بالله، وأن الإسلام دين السلام، وما شُرعت أحكام الشريعة إلا لمصالح العباد في المعاش والمعاد، وحيثما وجدت المصلحة المتيقنة؛ فثم شرع الله؛ فشريعتنا إعمار لا دمار، بناء ونماء، لا هدم وفناء، وإشادة لا إبادة، وما تعمد إليه فئام مارقة ضالة آبقة، يمتشقون أسلاتهم الناهشة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا). متفق عليه".

وأردف "السديس": "هذا يتعلق بمن أراد أن يفرّق جمع الأمة أو يخرق وحدتها؛ فكيف بمَن يقتل ويصنع المتفجرات ويعمل على ترويجها، ويسعى جاهداً إلى زعزعة الأمن واستقراره ونشر الذعر بين أفراد المجتمع؟ وتهون عليه أرواح معلقة بالمساجد، ما بين راكع وساجد، وعابد قائم وهاجد، وشريعة الرحمن البديعة لا يمرق عن حدودها مارق، ولا يفارق جماعتها غالٍ مفارق؛ فالعدل فرض مطلوب، وحق مرغوب، وإن بلغ الظلم مداه؛ فأودى مَن أحياه الله؛ فتمام العدل أخذ النفس بالنفس، والله أعلم بما يصلح خلقه".

وتابع: "كم من رجل قد هم بداهية، لولا مخافة القصاص لوقع بها؛ ولكن الله حجز بالقصاص بعضهم عن بعض، وما أمر الله بأمر قط إلا وهو أمر صلاح في الدنيا والآخرة، ولا نهى الله عن أمر قط إلا وهو أمر فساد في الدنيا والدين".

وقال خطيب الحرم المكي: "تطبيق الحدود والتعزيزات الشرعية زواجر وجوابر وإشاعة للأمن والطمأنينة في المجتمعات، وهو راجع على تحقيق مقاصد الشريعة لا إلى أهواء النفوس ورغباتها، وهي رحمة بالخلق وإحقاق للحق، وتوخٍّ للعدل، ورفع للظلم؛ فهل يُعقل أن يتساوى المحسن والمسيء، والمستقيم والمجرم، ومتى علم القاتل أنه سيقتل كف عن القتل".

وأضاف: "مِن فضل الله سبحانه وعظيم آلائه التي تلهج بها الألسن ابتهالاً ودعاء وشكراً وثناء؛ ما مَنّ الله به على هذه البلاد المباركة من تطبيق للشريعة وإقامة لحدودها في قضاء نزيه مستقل لا سلطان لأحد عليه غير سلطان الشرع الحنيف، وعناية بمقاصدها وأهدافها، والعمل على نشر قيمها السامية في العالم أجمع، وما وفق إليه ولاة أمرها من أخذ التدابير الواقية والقرارات الحازمة لصد سلبيات هذه الأزمات عن هذه البلاد المحروسة بخصوصية مكينة ثابتة، وهوية واقعية راسخة؛ فإن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل، وقصد كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع ملهوف وهو حمى الله في بلاده وظله المدود على عباده".

وأردف: "لقد اكتوت بلادنا بنارها في حوادث متكررة؛ كان آخرها الجريمة النكراء في محافظة الأحساء، في حلقة سوداء ضمن سلسلة دهماء من أعمال الإرهاب العمياء، والفتن السمحاء، والمحن الدهياء التي ستتهاوى من خلالها أسلات الأعداء على صخرة التلاحم وقوة البناء، بثقة وإصرار، وستُستأصل شافة الإرهاب وتُجتث جذوره في كفاءة أمنية مميزة، يضطلع بها رجال أمننا الأشاوس، في إنجازات مباركة، واستباقات موفقة، ولتبقى على مر الدهور وكر العصور شامة في دنيا الواقع، ونموذجاً يُحتذى، ومثلاً يُقتفى في الأمن والأمان".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org