"السلومي"​ لـ"سبق": ​ ​لا بد من تمكين ​ا​لقطاع غير الربحي ليكون قطاعاً ثالثاً تنموياً

مطالباً بالاستفادة من التجارب الغربية التي تعزز الشراكة العملية مع القطاعين
"السلومي"​ لـ"سبق": ​ ​لا بد من تمكين ​ا​لقطاع غير الربحي ليكون قطاعاً ثالثاً تنموياً

 يقول ​مدير مركز القطاع الثالث للاستشارات والدراسات الاجتماعية "قطاع"، د.​محمد السلومي:​ إن من سمات الأمم المتحضرة إقامة الفعاليات المتنوعة من المؤتمرات المعنية بالعمل التطوعي، وملتقياته، ومنتدياته؛ لا سيما أن هذا القطاع العالمي أصبح قطاعاً شريكاً في التنمية الشاملة والمستدامة على مستوى العالم الذي يؤمن بتكامل القطاعات الثلاثة للدولة؛ خلافا لواقعه في العالم العربي.

ويضيف لا تزال الحكومات العربية تتعاطى مع هذه القوة المؤثرة والمهدرة في اختزاله في الحالات الطارئة، والأزمات، والإغاثات؛ فأزمة الثقة بهذا القطاع والعاملين فيه تُشكّل عائقاً عن الشراكة الحقيقية في جميع جوانب التنمية والتنمية المستدامة؛ فتخوف الحكومات من سحب القطاع لبعض السيادة الرعوية غير غائب، وهو ما يشكل تحدياً أساسياً في التمكين لهذا القطاع، مع الأسف.

ويقول د.السلومي: "كان حضوري لـمنتدى تطوير القطاع غير الربحي، وهو المعنيّ بعرض التجارب الغربية عبر سنواته الـ5 الماضية تقريباً بالمنطقة الشرقية والمنتدى الـ6 بالرياض؛ هو ما حفّز عندي الكتابة عن بعض الأمور التي أرجو أن تسهم في ظل المراجعات الاعتيادية لأهداف المنتدى ونتائجه؛ حيث كان التحول واضحاً فيه بعد الورشة الخامسة من استهداف النخبة إلى الخطاب العام، ولئلا يكون المنتدى عائماً أو متحولاً عن أهدافه التي انطلق من أجلها، وهي الاستفادة من التجارب الغربية التنموية التي تعزز الشراكة العملية مع القطاعين؛ فإن عرض أبرز الملاحظات والمقترحات مما يضيف في المراجعة التي أرجو أن تزيد من ثراء هذا المنتدى وإثرائه، وما يماثله من ملتقيات ومؤتمرات".

ويوضح: "لقد أدى المنتدى -حسب ورش الأعوام الماضية- دوراً جيداً في تحقيق أهدافه لا سيما بحاضنته الأكاديمية المخلصة له والمؤسسة لأهدافه العلمية جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وبتفاعل الحضور النخبوي من قيادات العمل التطوعي الاجتماعي الخيري المتخصصة، واطلاعهم على التجارب الأخرى من ثقافات أخرى بحوارات علمية هادفة وهادئة من الزخم الكبير من المشاركين.. ومن إيجابيات هذا الملتقى الكبيرة -حسب قناعتي وسماعي من شرائح متعددة من الحضور- أن طروحات التجارب الغربية خلال السنوات الخمس الماضية، عززت ثقة معظم المشاركين بأن لدينا تجارب تطوعية وخيرية ناجحة تُنافس في بعضها التجارب الغربية؛ بل وفي أحيان كثيرة تفوقها".

ويتابع: "الاطلاع على التجارب الغربية قلّص فجوة المعرفة وتلاشت الهزيمة النفسية لدى بعض العاملين في هذا القطاع المحلي حينما تَعززت الثقة -إلى حد كبير- بما لديهم من تجارب منافسة ومتفوقة أحياناً؛ لا سيما بعد سماع نظيرتها من التجارب الأخرى، بالرغم من أن بيئة التشريعات الإدارية السعودية لا تزال غير محفزة؛ بل ليست جاذبة سواء على مستوى أنظمة التطوع أو نظم التبرعات وإجراءاتها، وهما العمود الفقري لهذا القطاع، أو ما هو أهم من ذلك؛ حيث إن قطاع الجمعيات والمؤسسات الأهلية في هذا الوطن المبارك ليس مستقلاً عن البيروقراطية الحكومية كمجتمع أهلي ومدني؛ وبالتالي فالتحديات والعوائق سمة متلازمة في الوطن السعودي، كما أن عدم تمكين هذا القطاع، شكّل العائق الرئيسي لشراكته كما هو الواقع في دول العالم العربي؛ حيث لا تتعاطى الحكومات مع هذا القطاع كقطاع ثالث أو كقطاع مستقل كما هو لدى معظم الدول الغربية التي نجحت في توظيف هذا القطاع في جميع ميادين التنمية بعد تمكينه من حقوقه؛ بل إنه من عوامل الاستقرار السياسي لتلك الدول؛ فهو داعم لسدّ نقص بعض الخدمات الحكومية، وكابح في الوقت ذاته لجماح القطاع الربحي".

ويشير د.السلومي إلى أن الإشادة باستمرار عرض التجارب الغربية لا يزال مهماً وإيجابياً؛ لكن مما يجب معرفته واستصحابه أن هذه النخبة من المتحدثين الغربيين جاءوا من بيئات تشريعية إدارية ذات جاذبية للتطوع والتبرع، ومناخ ملائم ومحفّز لهما كقطاع ثالث مستقل كما تسميه الإدارة الحديثة للدول؛ حيث التمكين المعنوي والمادي يتلازم مع القطاع ويكون التفاعل المجتمعي كبيراً مع هذا التمكين الذي يُعَد من الأوليات المهمة لهذا القطاع، وهذا هو الأمر الأول من الملاحظات، والأمر الثاني الذي لا بد من استصحابه؛ لا سيما أن هذا المنتدى بعد توسعه وإشراك القطاع الحكومي معه، وربما بعد تعويم أهدافه أو تحول بعضها عن الهدف الأساسي من نقل تجارب إلى طرحها بلغة قد يفهم منها بعض الحضور أنها تتسم بالأستاذية والفوقية! بالرغم من أستاذية التشريعات الإسلامية والتطبيقات الوقفية الحضارية في هذا المجال، كما أشار إلى ذلك بعض عمالقة الفكر الغربي ومؤرخوه من أمثال المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون، والمؤرخ الألماني كارل بروكلمان وغيرهما.

ويقول: "هذا ما يتطلب من القائمين على مثل هذه المنتديات العملَ بالتبادل المعرفي، وبما يمكن تسميته بالتغذية الراجعة أو الكشف عن التجارب المقابلة والمقارنة؛ وذلك بتنظيم برامج الزيارات الميدانية للأساتذة الغربيين باستثمار وجود هؤلاء لزيارة بعض الجمعيات المحلية والمؤسسات المانحة ومراكز التطوع والإغاثات في وطن الثقافة التطوعية؛ لإبراز بعض النجاحات والبرامج المتميزة والشفافية المالية التي تعكس نضج كثير من التجارب المحلية وتفوقها؛ برغم كثير من العوائق والتحديات".

ويبين "السلومي" أن الأمر الثالث مما لا بد من استحضاره؛ هو أن معظم الأبحاث والدراسات تُجمع على أن هذا القطاع التطوعي الخيري الاجتماعي مما يعزز حضوره ونجاح فعالياته البيئاتُ الثقافية والدينية والقيم المحلية التي هي دافع رئيسي لنمو هذا القطاع ونجاحه في أي بلد؛ فهو في الإسلام ودوله أوقاف وزكاة وصدقات وتطوع وتبرع، وهو بالتالي المشكّل الرئيسي للبيئة السعودية التطوعية بمقدماته ونتائجه؛ بل إن خيرية هذا القطاع الدينية هي العامل الرئيسي في إنجاح المدخلات والمخرجات التي لا يمكن تجاهلها أو إقصاؤها من المفاهيم والمصطلحات لهذا القطاع؛ أما الأمر الرابع ففي غاية الأهمية لأي مؤتمر أو منتدى معنيّ بالأوقاف والعمل غير الربحي؛ وهو إدراك أن الوقت قد حان بعد هذا الإثراء والتوسع في مؤتمرات الأوقاف الكثيرة والملتقيات والمنتديات العديدة؛ لينتبه المنظمون إلى أهمية أن يرتقي عرض التجارب من دراسات نظرية وعرض لبرامج فقط، إلى (لغة التمكين) لهذا القطاع بتقديم تجارب استقلاله كقطاع ثالث مكمل للقطاعين، يحظى بحقوقه المعنوية والمادية بالتوازي مع متطلبات المجتمع ومطالب الدولة حول واجبات هذا القطاع المأمولة؛ ليكون قطاعاً ليس تحت البيروقراطية الحكومية أو التحكم والجشع لدى القطاع التجاري؛ فعدم التمكين هو المعضلة الرئيسية والمشكلة الكبرى في شراكة المجتمع وشراكة هذا القطاع التنموية بمنتجات علمية ومعرفية وتعليمية وصحية وخدمية وغير ذلك؛ على حد وصفه.

ويقول: "هذا ما نحتاج إليه فعلياً في ظل ظروف سياسية واقتصادية ومستجدات أمنية استثنائية خطيرة تتطلب الشراكة المجتمعية والمسؤولية الأهلية كقطاع ثالث موازٍ للقطاعين ومكمّل لهما".

متمنياً لهذا المنتدى وغيره من ملتقيات مماثلة، أن تستمر في تغذية الجانب المعرفي وتنمية الحراك العلمي المرتبط بهذا القطاع في ظل بيئة متميزة -بحمد الله- تمتلك مخزوناً كبيراً من دوافع التطوع والتبرع، ومن محفزات القيم الإسلامية والثقافة التطوعية، مع توفر كبير في الفرص الاقتصادية والعطاء التي قد لا تتاح في بعض دول الشرق أو الغرب.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org