"العيسى" من "القمة الدينية العالمية" في اليابان: نحذّر من كيانات تتنكر للقيم الروحية

قال: دعوة شريفة تؤيدها شعوب اكتوت بالاضطهاد.. و"العالم الإسلامي" تحمل هم الإنسانية
"العيسى" من "القمة الدينية العالمية" في اليابان: نحذّر من كيانات تتنكر للقيم الروحية

• مشتركاتنا المتعددة بروحها المؤثرة كفيلة بهزيمة الشر ونشر قيم التعايش والسلام

• سعادة البشرية في القواسم المشتركة والنظرة الإيمانية إلى الإنسان والكون والحياة

• المملكة فتحت قنوات الحوار ودعت إلى السلام وتوسيع آفاق التعايش بين البشرية

• ندعو للتصدي لأطروحات الصراع المادي بين الأمم والصدام الديني والحضاري

• على قادة الأديان تعزيز المفاهيم الإنسانية ونشر قيم المحبة والسلام

• الرابطة تحمل هم الإنسانية جمعاء.. فرسالة الإسلام إنسانية عالمية

حذر أمين عام رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، من بعض الكيانات التي مرت بتجارب فاشلة حاولت أن تُرسي دعائم المجتمع الإنساني على أسس شمولية وأطروحات مادية تتنكر للدين والقيم الروحية، وتقطع الصلة بخالق السموات والأرض، وتصادم الفطرة الإنسانية، فأوجدت كيانات خالية من المعاني الإنسانية والقيم الأخلاقية تحركها المادية النفعية في أسوأ صورها، مبيناً أن للخالق جل وعلا مع هذه الكيانات نتيجة حتمية حكتها فصول التاريخ، ويجب على البشرية قراءة ذلك والاتعاظ بها، مؤكداً مسؤولية قادة الأديان في تعزيز المفاهيم الحضارية والإنسانية والتحرك الفعلي والجاد لنشر قيم المحبة والسلام.

جاء ذلك في كلمة ألقاها كمتحدثٍ رئيس في الجلسة الافتتاحية عن الدين الإسلامي خلال "الاجتماع العالمي للقمة الدينية" الذي دارت أعماله في جبل هايي بمدينة كيوتو اليابانية، بحضور كبير قساوسة طائفة تانداي البوذية الرئيس الفخري للاجتماع "كويي موريكاوا"، وعدد كبير من ممثلي المؤسسات والطوائف الدينية في العالم وجمع من المدعوين لحضور مظاهر الاحتفاء والالتقاء الديني العالمي الكبير من أجل هذه المناسبة التاريخية من الساسة والمفكرين والإعلاميين والتي تركزت على تعاهد هذا الحضور التاريخي للدعاء من أجل السلام والعزيمة على تحقيقه روحياً.

ونوه "العيسى" بأهمية عقد هذا النوع من الاجتماعات التي تدافع عن الحقائق الثابتة من عمق التاريخ البشري من الذين يريدون لبعض التوجهات أن تنقلب إلى العكس بادعاء التحول التاريخي نحو القطب الثقافي والحضاري الواحد "المهيمن والمستحوذ على غيره" أو افتراض صدام حتمي بين الحضارات؛ لإثارة التأهب الدائم لمواجهة خصم حضاري قائم أو مفترض، ينافس على النفوذ والهيمنة.

وقال: "إننا باسم الشعوب الإسلامية الواعية والمستنيرة نتمنى أن يسعد الناس جميعاً بما اشتمل عليه المدلول اللغوي والديني لاسم الإسلام من مبادئ سامية، وقيم نبيلة، تنطلق من تكريم الإنسان، والمساواة العادلة بين أبناء الجنس البشري، وحب الخير والفضيلة، ورحمة الضعفاء، ونصرة القضايا العادلة، ومكافحة الظلم والعدوان، ونشر السلام على البشرية جمعاء".

وأضاف: "بهذه المعاني العظيمة عزز الإسلام في أنفس أتباعه روح الانفتاح على الذين لديهم حرص على التعاون والتعاطي الإيجابي في معالجة القضايا المشتركة التي تشغل المجموعة البشرية الموزعة على أقطار المعمورة".

وتابع: "إن مشتركاتنا المتعددة بروحها القوية والمؤثرة وعزيمتها الصادقة كفيلة بهزيمة الشر ونشر قيم التعايش والسلام"، لافتاً النظر إلى أن الدعوة إلى التعايش والسلام من خلال أمثال هذه اللقاءات المهمة والتاريخية، هي دعوة شريفة إنسانية في مطالبها، واضحة في أهدافها، قوية في حججها ومؤيداتها الواقعية، وتلقى ترحيباً واسعاً لا سيما من الشعوب التي اكتوت بنيران الاضطهاد بدوافع من العنصرية العرقية والدينية، ومحاولة القضاء على التنوع الثقافي، ومواجهة سنة الخالق جل وعلا في التنوع والتعددية بأساليب العسف والقوة، فلا إكراه في اعتناق الأديان ولا الأفكار ولا الثقافات.

وأشار إلى أن اجتماع القمة الديني سوف يعكس هذه الرغبة بصدق وإخلاص، إذا حاول كل طرف أن يعزز جانبه في هذا العمل الإنساني المشترك البَنَّاء، بما لديه من قناعات صائبة تحرك في داخله مشاعر العدل والإحسان، وحب الخير للناس من حوله.

وأوضح أن السعادة البشرية التي نسعى في البحث عنها وتوسيع آفاقها تستمد مقوماتها من القواسم المشتركة في المفاهيم والمنطلقات، والنظرة الإيمانية إلى الإنسان والكون والحياة، مفيداً أن هذه النظرة التي اكتسبها المسلمين من الوحي الإلهي، تؤكد لديهم أن الأسرة البشرية تَمُتُّ إلى أصلها الأول بنسب واحد وفقاً لقوله الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

وبيّن "العيسى" أن الله جعل هذا العالم الذي يحيط بنا مليئاً بالطاقات والنواميس المسخرة لخدمتنا، مستشهداً بقول الخالق جل وعلا: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}.

وقال: "الحضارة التي صنعها الإنسان على وجه الأرض، وتداولت عليها الأمم بتجاربها المحفوظة في سجلات التاريخ، تُعتبر اليوم تراثاً إنسانياً مشتركاً بين جميع الناس في هذا الزمن المتميز بسرعة الاتصال، والتداخل في العلاقات، وزوال الحدود الفاصلة بين المجموعات الثقافية، والمرجو من زعماء الفئات الدينية، وقادة الفكر الإنساني أن يقدموا رؤىً بنَّاءة في أشكال التعاون الإيجابي، في ظل هذا التداخل والتواصل.

وشدد على أن رابطة العالم الإسلامي لا تحمل هموم العالم الإسلامي فحسب، وإنما تحمل هم الإنسانية جمعاء، فرسالة الإسلام إنسانية عالمية تسعى فيما تسعى إليه للدفاع عن الحقوق والحريات بالأساليب المشروعة، كما تحرص على تطبيق المواثيق العادلة التي قررتها المواثيق والاتفاقات والصكوك والمبادئ والأعراف الدولية، مستدلاً بقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

وأعرب عن أمله في أن تسفر أعمال هذا الاجتماع عن نتائج تتصدى لأطروحات الصراع المادي بين الأمم والصدام الفكري بين الثقافات والحضارات وفي سياقها الصراع الديني والطائفي، وصولاً لتعزيز الخط المضاد لها، وهو خط الدعوة إلى السلام وتوسيع آفاق التعايش، وذلك بفتح قنوات الحوار الجاد والمثمر بين مختلف الفئات الدينية والقيادات الفكرية والأقطاب الثقافية والحضارية.

كما أعرب عن أمله في أن تتواصل جهود الاجتماع مع الجهود المتميزة التي تبذلها المملكة العربية السعودية في ذلك الإطار بوصفها قبلة أكثر من مليار وثمانمائة مليون مسلم في صلواتهم وحجهم، ومن ورائها رابطة العالم الإسلامي باعتبارها الرابطة العالمية للشعوب الإسلامية، ومقرها المكان المقدس الأول للمسلمين وهي مكة المكرمة، وفي مجلسها الأعلى وهيئاتها ومجامعها العالمية أكثر من مائة عالم ومفكر من أبرز علماء ومفكري وناشطي العالم الإسلامي.

ودعا الجميع إلى تعزيز التواصل بهذه الأدوات القوية والمؤثرة في سبيل الوصول إلى مسار الحوار المنشود، تحقيقاً للتعايش الإيجابي والتعاون البنّاء حول مشتركاتنا الإنسانية والقيمية وهي كثيرة؛ لمواجهة التحديات التي تؤرق حكماء الأمم، وتلمس الحلول الناجعة للمشكلات والأخطار التي تعاني منها شعوب العالم، باعتبار أن التوجه الصادق والجاد والمحايد لأتباع الأديان هو المحور الرئيس لمعالجة تلك المشكلات.

وتوجه "العيسى"، في ختام كلمته، بالشكر الجزيل إلى "كويي موريكاوا" على المبادرة التي سعت من خلالها طائفة تانداي الدينية لتأسيس هذا الاجتماع العالمي الحافل مشيداً بجهودهم في إيجاد علاقات إيجابية بناءة وتعاونية بين الكيانات الدينية كافة، والمجتمع الإنساني العام، للعمل على نشر تلك القيم بين الأمم والشعوب، وتخليص الدين من روح العداوة والبغضاء، المستحوذة على بعض النفوس الشريرة، التي ترى السعادة في إطلاق العنان لنزوات الطغيان والعدوان والكراهية المجردة، وإرهاب الناس بشتى ألوان الرعب.

د.العيسى يمثل العالم الإسلامي في "الاجتماع العالمي للقمة الدينية" في اليابان
د.العيسى يمثل العالم الإسلامي في "الاجتماع العالمي للقمة الدينية" في اليابان
د.العيسى يمثل العالم الإسلامي في "الاجتماع العالمي للقمة الدينية" في اليابان
د.العيسى يمثل العالم الإسلامي في "الاجتماع العالمي للقمة الدينية" في اليابان
د.العيسى بين مجموعة من الأطفال ضمن مظاهر الاحتفاء بالمؤتمر العالمي لقادة الأديان في اليابان
د.العيسى بين مجموعة من الأطفال ضمن مظاهر الاحتفاء بالمؤتمر العالمي لقادة الأديان في اليابان
مجموعة من الأطفال يرحبون بالدكتور العيسى لدى وصوله الحفل
مجموعة من الأطفال يرحبون بالدكتور العيسى لدى وصوله الحفل

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org