"المزيد": المجتمعات الإنسانية الآن في أشد الحاجة لخُلق الرحمة وهدي رسول الله

قال إن "الرحمة في الإسلام" محور المؤتمر الدولي بجامعة الملك سعود غداً
"المزيد": المجتمعات الإنسانية الآن في أشد الحاجة لخُلق الرحمة وهدي رسول الله

قال أستاذ الدراسات الإسلامية  بجامعة الملك سعود، الدكتور أحمد بن عثمان المزيد، إن المؤتمر الدولي الذي ينظمه قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية، بجامعة الملك سعود بالرياض، بعنوان: (الرحمة في الإسلام)، هو الأكبر من نوعه، وسيحظى برعاية كريمة، على مدى يومين، غدا الأحد وبعد غد الاثنين ( 28 و 29 ربيع الثاني 1437هـ)، يركز على محاور الرحمة في الاسلام من خلال  الدراسات والبحوث المقدمة للمؤتمر وتشمل تأصيلا لها وبيان مظاهرها وآثارها من جميع جوانبها.

وأضاف "المزيد" إن المجتمعات الإنسانية في أشد الحاجة لخلق الرحمة، وبيان هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام في ذلك. إن المتابع لأحوال المجتمعات الإنسانية يلحظ ما أصاب كثيراً منها من البغي والظلم جراء غياب التراحم فيما بينهم، بما يجعلنا في ضرورة إلى أن نتواصى بذلك في ضوء أخلاق أرحم الخلق ، محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال الله عنه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107] فتضمنت هذه الآية على وجازتها وصفاً جامعاً للبعثة المحمدية تناسب عمومها ودوامها بأن محمداً صلى الله عليه وسلم رحمةٌ في نفسه، وشريعته رحمة للخلائق والناس لأنها جاءت بما يسعدهم وينالون به كل خير من خير الدنيا والآخرة، وبخاصة من اتبعوه. ولذا قال عليه الصلاة والسلام: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ" [رواه الحاكم] .

واضاف قائلا إن الحديث اليوم عن أهمية تعظيم وتأصيل وتعزيز (الرحمة في الإسلام)، يعدُّ من أهم الأولويات، وخصوصًا مع تصاعد الأساليب الوحشية والاعتداءات الإرهابية على الأنفس والأموال بالتفجير والقتل وغيرهما؛ لتتضح معالم رحمة النبي عليه الصلاة والسلام؛ فيتعلمها الناس ويقتدون بها ويدعون إليها وينشرونها للعالم أجمع؛ فتنعم بالرحمة الأسرُ والمجتمعات والدول.

وسوف نذكر (10) من معالم رحمته صلى الله عليه وسلم:

1ـ رحمته للعالمين:

لقد شملت رحمته الكبار والصغار، والرجال والنساء، والقريب والبعيد، بل الصديق والعدوَّ، ورحمتُه ليست محدودة بمكان أو زمان، وإنما هي لكل العالمين؛ لذلك نجده يُعَلِّم أُمَّته خُلُق الرحمة قائلاً: "إِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ".[رواه البخاري ومسلم]

ويقول صلى الله عليه وسلم : "إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ، فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ [وهي معقد الإزار] عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ [أي: تُقدمون عليها] فِيهَا" [رواه البخاري ومسلم].

2ـ رحمته صلى الله عليه وسلم للمجتمعات بتأكيد حفظ الأمن:

الأمن ركيزة العيش الكريم كما يدل عليه قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) [البقرة/126] ، ومن رحمة وحرص النبي صلى الله عليه وسلم أن بشَّر القائمين على حفظ الأمن والساهرين عليه داخل البلاد وعلى حدودها، والذين يقدمون أرواحهم رخيصة في سبيل الله: بشَّرهم بعظيم ثواب الأجر والمنزلة في الدنيا فقال صلى الله عليه وسلم : "رِبَاطُ يَومٍ فِي سَبيلِ الله خَيرٌ مِنَ الدُّنْيَا ومَا عَلَيْهَا" [رواه البخاري].

وقال صلى الله عليه وسلم : "موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود" [رواه ابن حبان].

وبشرهم صلى الله عليه وسلم بقوله : "رباط يوم في سبيل الله أفضل من ألف يوم فيما سواه فليرابط امرؤ كيف شاء هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد" [رواه أحمد].

وحتى في الآخرة؛ فقد تجلَّت رحمته صلى الله عليه وسلم ببيان مكانة وثواب الشهيد؛ فقال: "يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته" [رواه أبو داود].

وقال عليه الصلاة والسلام: "كل عمل ينقطع عن صاحبه إذا مات إلا المرابط في سبيل الله, فإنه يُنَمَى له عمله, ويُجرى عليه رزقه إلى يوم القيامة" [رواه الطبراني].

3ـ رحمته صلى الله عليه وسلم بكبار السن والأطفال:

في المجتمعات فئات لها أولوية بالرحمة لضعفها ومسكنتها، وهؤلاء شملهم المصطفى صلى الله عليه وسلم برحمته، ومنهم كبار السنِّ والأطفال؛ وفي هذا قولهصلى الله عليه وسلم : "إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ " [رواه أبو داود]. 

ويقول عليه الصلاة والسلام: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا" [رواه الترمذي].

وعن رحمته بالأطفال: يروي أبو قتادة  أنه كان صلى الله عليه وسلم يصلي وهو حامل أُمَامَة بنت زينب بنت رسول الله فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها [البخاري ومسلم].

بل يُفرِّغُ من أوقاته ليلعب مع الأطفال، فهذا أسامة بن زيد يروي أن: "رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأخذني فيُقعِدني على فخذه ويُقعِد الحسنَ على فخذه الآخر ثم يضمهما، ثم يقول: "اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّي أَرْحَمُهُمَا" [رواه البخاري].

4ـ رحمته صلى الله عليه وسلم بالنساء:

ومن أحق الناس بالرحمة النساء لضعفهن ورقتهن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم الوصية بالنساء، ويقول لأصحابه: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" [رواه البخاري ومسلم].

وتكررت منه النصيحة ذاتها في حجة الوداع، وهو يخاطب الآلاف من أمته، بقوله صلى الله عليه وسلم : "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي" [رواه الترمذي].

بل إنه صلى الله عليه وسلم يأمر المسلمين بعدم كراهية النساء لوجود بعض الأخلاق المكروهة منهنَّ: "لَا يَفْرَكْ [أي: يبغض ويكره] مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ" [رواه مسلم].

5ـ رحمته صلى الله عليه وسلم بالخدم:

الخدم لضعفهم قد يمارس البعض غلظة عليهم، فجاء الهدي النبوي فعلاً وقولاً ليمنع هذه الغلظة، تقول عائشة رضي الله عنها : "مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" [رواه مسلم].

وقَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُ قَالَ: لِشَيْءٍ صَنَعْتُ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُ هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا" [رواه مسلم].

وقال صلى الله عليه وسلم : "إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ [أي: خدمكم]، جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ" [رواه البخاري ومسلم].

إنه عليه الصلاة والسلام يرتفع في كلمة واحدة بدرجة الخادم إلى درجة الأخ! فكان أبو ذر  يُلبِس غلامه حُلَّة مثل حُلَّته تمامًا!! ، وعبد الرحمن بن عوف  يجلس وسط غلمانه فلا يميزه أحدٌ من الناس عنهم لتشابه هيئتهم جميعًا!!.

6ـ رحمته صلى الله عليه وسلم بأصحاب الهموم والأزمات:

لا يخلو بشر من هموم وأكدار وأزمات تنغص عيشه، ويحتاج معها لنفس رحيمة ويد حانية، وهكذا كان الهدي النبوي، ويلخص ذلك عثمان بن عفان بقوله: "إنا والله قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر، وكان يعود مرضانا ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير" [رواه أحمد].

فالمريض يزوره: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ"[رواه البخاري ومسلم].

ويبشره كما قال لأم العلاء رضي الله عنها : "أَبْشِرِي يَا أُمَّ الْعَلَاءِ، فَإِنَّ مَرَضَ الْمُسْلِمِ يُذْهِبُ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ كَمَا تُذْهِبُ النَّارُ خَبَثَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ" [رواه أبو داود].

ويبشِّر الفقير بقوله صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الْأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا" [رواه مسلم].

ويرحم المدين ويتوسَّط له عند الغرماء ليأخذوا قسطًا، ويؤخروا الباقي، قال أبو سعيد الخدري : "أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ" فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِغُرَمَائِهِ: خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ" [رواه مسلم].

7ـ رحمته صلى الله عليه وسلم في مجال العبادة:

عن أنس  قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال: "ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فَتَرتْ تعلَّقت. فقال: النبي صلى الله عليه وسلم : لا حلُّوه، ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد" [رواه البخاري].

وشكا رجل إليه صلى الله عليه وسلم ، قائلا: والله يا رسول الله، إني لأتأخَّر عن صلاة الغداة [أي: صلاة الصبح] من أجل فلان ممَّا يُطيل بنا. فما رأيتُ رسول الله في موعظة أشدَّ غضبًا منه يومئذ، ثم قال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ؛ فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ، وَالْكَبِيرَ، وَذَا الْحَاجَةِ" [رواه البخاري ومسلم].

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم عند الجمرة وهو يُسْأَلُ، فقال رجل: يا رسول الله نحرتُ قبل أن أرمي ؟ قال: ارمِ ولا حرج. قال آخر: يا رسول الله: حلقت قبل أن أنحر؟ قال: انحر ولا حرج، فما سئل عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: افعلْ ولا حَرَج"[رواه البخاري ومسلم].

8ـ رحمته صلى الله عليه وسلم مع الأسرى:

عندما يقع الأسير في أيدي خصومه فهو معرض لصنوف الانتقام، وهنا تجلَّت مظاهر الرحمة في تعامل رسول الله  مع الأسرى: فها هي سفانة ابنة حاتم الطائي التي أُسِرت في حرب مع قبيلة طيِّئ، فجُعِلَت في حظيرة بباب المسجد، فمرَّ بها رسول الله؛ فقامت إليه، وكانت امرأةً جَزْلة [أي: عاقلة]؛ فقالت: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامْنُنْ علَيَّ مَنَّ الله عليك، فقال رسول الله: "قَدْ فَعَلْتُ، فَلا تَعْجَلِي بِخُرُوجٍ حَتَّى تَجِدِي مِنْ قَوْمِكِ مَنْ يَكُونُ لَهُ ثِقَةً حَتَّى يُبَلِّغَكِ إلَى بِلادِكِ، ثُمَّ آذِنِينِي".

تقول ابنة حاتم الطائي: وأقمْتُ حتى قَدِمَ رَكْبٌ من بَلِيٍّ أو قضاعة، وإنما أُرِيد أن آتي أخي بالشام، فجئتُ فقلتُ: يا رسول الله، قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقةٌ وبلاغ. قالت: فكساني، وحَمَلَني، وأعطاني نفقة، فخرجتُ معهم حتى قَدِمْتُ الشام [أخرجه الطبري].

وهنا وقفة مع هذا الموقف العظيم؛ نرى فيه بوضوح هذا التعامل الإنساني الرحيم من رسول الله لها إذ كره أن تخرج منفردة وحيدة، فطلب منها ألاَّ تتعجَّل بالخروج حتى تجد من قومها مَنْ يكون ثقة فتسير معه.

9ـ رحمته صلى الله عليه وسلم بغير المسلمين:

رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام كما وصفه ربه بأنه رحمةٌ للعالمين وليس لفئة ولا لطائفة محدودة من البشر ، ويتفاوت الناس في اغترافهم من معين رحمته.

ومن رحمته بغير المسلمين أنه لم يجبر أحدًا على الدخول في الإسلام؛ قال الله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) [البقرة:256].

ولم يكن اختلاف الملَّة دافعاً للغلظة والإساءة ، كلا بل كان صلى الله عليه وسلم يزورهم ويدعوهم: فها هو أنس  يقول: "كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏فَمَرِضَ؛ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ‏ صلى الله عليه وسلم ‏يَعُودُهُ؛ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ؛ فَقَالَ لَهُ: "أَسْلِمْ"؛ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ؛ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ ‏أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم ؛ ‏فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ‏ صلى الله عليه وسلم ‏وَهُوَ يَقُولُ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ" [رواه البخاري].

ويحذر من ظلْمهم أو انتقاصهم حقوقهم فيقول: "ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة" [رواه أبو داود].

ويحفظ لهم عهدهم؛ قال صلى الله عليه وسلم : "من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما" [رواه البخاري].

وبالرغم من إيذائهم له صلى الله عليه وسلم ، قيل له صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ! ادع على المشركين. قال "إني لم أبعث لعانًا. وإنما بعثت رحمة" [رواه ومسلم].

10ـ رحمته صلى الله عليه وسلم بالحيوان:

بل إن رحمة رسول الله  تجاوزت البشر لتصل إلى الحيوان، من الدوابِّ والأنعام، والطير والحشرات، فنرى في سيرته أنه يخبر عن زانية غفر الله لها حيث تحركت الرحمة في قلبها لكلب"[رواه البخاري ومسلم].

وتتجاوز رحمته البهائم إلى الطيور الصغيرة التي لا ينتفع بها الإنسان كنفعه بالبهائم، ولننظر إلى رحمته بعصفور! حيث يقول رسول الله: "مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا عَبَثًا‏ عَجَّ ‏إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّ فُلاَنًا قَتَلَنِي عَبَثًا، وَلَمْ يَقْتُلْنِي لِمَنْفَعَةٍ"[رواه النسائي].

إنها الرحمة المتجرِّدة عن أي هوًى، والتي ليس من ورائها نفع دنيوي ولا هدف شخصي، فما أروعها من رحمة تمسح الآلام وتخفِّف الأحزان.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org