المسؤولية الاجتماعية ثقافة مجتمع!!

المسؤولية الاجتماعية ثقافة مجتمع!!

لا شك أن المسؤولية الاجتماعية باتت اليوم تشكل رقمًا مهمًّا في معادلة التنمية والبناء، وهي عنوان تقدُّم المجتمعات ورقيها.

وبالنسبة لنا نحن المجتمع المسلم فهي جزء من ثقافتنا، بل عقيدتنا؛ لأنها مستمدة من التعاون والتكافل والتراحم بين الناس، وهي قيم إسلامية حض عليها الدين في الكتاب والسُّنة.

والملاحَظ أنه في السنوات الأخيرة تنامى الاهتمام بهذا الجانب، سواء من القطاع الخاص أو من المؤسسات الحكومية، التعليمية منها والصحية والخدمية.

كما تنامت ثقافة المسؤولية الاجتماعية بشكل لافت، على الرغم من أنها ما زالت في بداية الخطوات مقارنة مع الدول التي سبقتنا كثيرًا في هذا المضمار. وحينما ننظر إلى مفهوم ومردود المسؤولية الاجتماعية فهي نماء، وبناء، وتكافل، وتكامل، وتعاون بين أطياف المجتمع.

كل جهة، سواء كانت مؤسسة أو فردًا، حينما تقوم بدورها تجاه المجتمع والوطن فإن ذلك يعني أنها تدرك مسؤوليتها وواجبها، وأنها تعلم بوجود ثغرة تستطيع أن تسهم في سدها والتصدي لها، كواجب تعتز به وتفتخر، وليس إجراء روتينيًّا أو ممارسة مفروضة.

من مظاهر المسؤولية الاجتماعية: الإسهام في كل الأعمالالتي تنمي المجتمع، وتساعد على الارتقاء بواقعه الاقتصادي والاجتماعي والصحي والتعليمي، وكذلك كل ما يعزز الوطنية والذود عن حياض الوطن بمسؤولية ووعي وإخلاص ووفاء وصدق، وفق أسس سليمة إيجابية، تحقق الأمن والاستقرار والنماء بعيدًا عن الجهوية والمناطقية والمذهبية والعصبية.

ومن أشكالها المشاركة في برامج التدريب والتأهيل، والاحتفال بالتخرج والتوظيف، وكذلك المشاركة في المناسبات الخاصة بالفئات ذات الظروف الخاصة، ولاسيما المعاقين الذين يشكلون شريحة مهمة في المجتمع، لها إسهامها وطموحها وتطلعاتها، إضافة إلى البرامج الاجتماعية، مثل التوعية بأضرار المخدرات والتدخين، وغيرها من السلوكيات السلبية.. وهذا يفرز سلوكيات إيجابية، مثل الانضباط والمواظبة.. ولا شك أنها قيم ترفد زيادة الإنتاج والتنمية، وتجسد أخلاقيات العمل. وهنا يكون التوازن بين تطبيق برامج المسؤولية الاجتماعية وتنفيذ الاستراتيجية الخاصة بالشركات.

المسؤولية تبدأ بالوعي والارتقاء بالحس الاجتماعي والوطني، ثم التطبيق الذي يصب في البناء وخدمة المجتمعمن نواحٍ عدة. فأنت مثلاً حينما تربي أبناءك تربية سليمة صالحة سوية فهؤلاء هم رصيد الغد، وهم ذخر المجتمع والوطن؛ إذ لا يمكن الفصل بين المجتمع والوطن.

وفي إطار مسؤوليتنا تجاه المجتمع ينبغي التركيز على فئات ذوي الاحتياجات الخاصة الذين هم في واقع الأمر ذوو قدرات خاصة. هذه الفئة تحتاج فقط إلى أن تتبناها الجهات الممارسة للمسؤولية الاجتماعية؛ فهم لديهم الروح الوطنية العالية، ولديهم الحماس للإبداع والإنتاج والإسهام في البناء، وقد أثبتوا كفاءتهم وقدرتهم بجدارة في مختلف المجالات، حتى في المجال الرياضي رفعوا أسهم السعودية عاليًا في كثير من البطولات، ولاسيما الخارجية والمنافسات الدولية.

فتدريب مثل هذه الفئات وتوظيفهم فيهما إضافة نوعية مهمة للإنتاج وللإبداع، وفيهما نقلة لمردود المسؤولية الاجتماعية. وقد بدأت بوادر ذلك تظهر لدى كثير من الجهات التي تنبت العديد من البرامج التي تحقق هذه الأهداف.

كل جهة أو فرد أو كيان لو أدى مسؤوليته الاجتماعية كاملة سوف تصبح ثقافة اجتماعية راسخة، وحتمًا سوف يتغير الكثير من الأشياء، وسوف تقل السلبيات، وتوظَّف الطاقات، ويصحَّح الكثير من السلوكيات والممارسات، ويتطور الفهم الاجتماعي، والحس الوطني، ويتعزز تلاحم المجتمع ونسيجه، وتكثر مظاهر البناء والنماء، وتتجسد ملامح التنمية المستدامة بوضوح.

إذًا، فالمسؤولية الاجتماعية ليست شعارًا فضفاضًا، ولا مجرد تظاهرة إعلامية، ولا يمكن أن تصبح مزايدة بأي حال من الأحوال، بل هي سلوك وممارسة إيجابية نابعة من شعور عميق ومفهوم واسع، يستجيب لنداء الضمير والواجب تجاه المجتمع والوطن.. فكيف نحييها بالشكل الذي يجعل إسهامهاأساسيًّا في التنمية في زمن التحوُّل الوطني؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org