"الملالي وإجرام السفارات".. قتلى أمريكان وطرد بريطاني والسعودية تظهر مرتين

تاريخ من التواطؤ والغوغائية.. اقتحام ودهشة وعقوبات.. تخريب حج وسجن ومفاوضات
"الملالي وإجرام السفارات".. قتلى أمريكان وطرد بريطاني والسعودية تظهر مرتين

واصلت إيران الضرب بكل الأعراف الدولية والقوانين الدبلوماسية عرض الحائط، عندما أفسحت الطريق لعدد من الغوغائيين لاقتحام مبنى السفارة السعودية في طهران والعبث به، وإشعال النار في أجزاء منه، بعد محاولات مماثلة لاقتحام القنصلية السعودية في مدينة مشهد؛ وذلك بعد إعلان السعودية، أمس السبت، تنفيذ أحكام الشرع في 47 إرهابياً، بينهم نمر النمر؛ هذه الواقعة التي يقف وراءها تاريخ من الإجرام ساندته "الملالي" منذ قيام ثورة الخميني في إيران وترصده "سبق".

ماركة مسجلة

هذا التصرف غير الأخلاقي، اعتادت عليه إيران منذ أن تربع "الملالي" على عرشها، وبات اقتحام السفارات وإيذاء مندوبي الدول إحدى الماركات المسجلة باسمهم حصرياً؛ غير عابئين باتفاقية فيينا 1961م التي ذكرت في مادتها رقم 22 أن السفارات بين الدول تتمتع مبانيها بالحرمة، وليس لممثلي الحكومة المعتمد لديها الحق في دخول مباني السفارة؛ إلا إذا وافق على ذلك رئيس البعثة، وعلى الدولة المعتمد لديها التزام خاص باتخاذ كل الوسائل اللازمة لمنع اقتحام أو الإضرار بمباني البعثة، وبصيانة أمن البعثة من الاضطراب أو من الحط من كرامتها.

تاريخ من التواطؤ

ويسجل التاريخ العديد من التصرفات السافرة للإيرانيين ضد البعثات الدبلوماسية منذ ثورة الخميني الشهيرة، ولا يجد أولئك الغوغائيون في العادة مَن يردعهم؛ بل إن الدول المتضررة، أكدت أن هناك تواطؤاً بين الأمن الإيراني ومقتحمي السفارات لتحقيق أهداف غير أخلاقية.

أزمة رهائن واشنطن

وهي أزمة دبلوماسية حدثت بين إيران والولايات المتحدة؛ عندما اقتحمت مجموعة من الطلاب في إيران السفارة الأمريكية بها؛ دعماً للثورة الإيرانية، واحتجزوا 52 مواطناً أمريكياً لمدة 444 يوماً من 4 نوفمبر 1979م حتى 20 يناير 1981م.

8 قتلى أمريكان

وبعد فشل محاولات الولايات المتحدة للتفاوض على إطلاق سراح الرهائن، قامت الولايات المتحدة بعملية عسكرية لإنقاذهم في 24 إبريل 1980؛ ولكنها فشلت وأدت إلى تدمير طائرتين ومقتل ثمانية جنود أمريكيين وإيراني مدني واحد، وانتهت الأزمة بالتوقيع على اتفاقات الجزائر في الجزائر يوم 19 يناير 1981، وأُفرِج عن الرهائن رسمياً في اليوم التالي، بعد دقائق من أداء الرئيس الأمريكي الجديد رونالد ريجان اليمين.

دهشة وعقوبات

ووُصفت الأزمة بأنها حادثة محورية في تاريخ العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، وسط دهشة العالم أجمع من ذلك الهجوم غير المبرر والمنتهك لكل الأعراف الدولية، وكانت بداية فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على إيران.

تخريب الحج واحتلال السفارة

وفي منتصف عام 1987م، وبعد أن عاث الإيرانيون بموسم الحج فساداً، وقابلتهم قوات الأمن السعودي حينها بصرامة، وأوقفت محاولاتهم القذرة لتخريب الحج، هاجمت مجموعة كبيرة من الإيرانيين مقر سفارة المملكة في طهران، وقامت باحتلالها واحتجاز الدبلوماسيين السعوديين بداخلها، ومن ثم الاعتداء عليهم من قِبَل بعض المجموعات.

اعتداء وسجن ومفاوضات

وكان القنصل السعودي في طهران رضا عبدالمحسن النزهة، من بين الذين تعرضوا للاعتداء أثناء قدومه من دبي إلى طهران، وقد أدى الاعتداء لإصابته بشرخ في القرنية بعد تهشم نظارته؛ مما استدعى إخضاعه بقرار من الأطباء لعملية جراحية؛ بيْد أن رجال الحرس الثوري قاموا بإخراجه من المستشفى قبل العملية بساعة واحدة، وساقوه إلى السجن؛ ليحتجز بعد ذلك في السجن لمدة أربع وعشرين ساعة، ثم أطلق سراحه بعد مفاوضات بين المملكة وإيران.

اقتحام الآلاف ووفاة

وبدأت تفاصيل واقعة عام 1987م، بأن قامت مجموعة كبيرة -بلغت أعدادها الآلاف- برشق السفارة بالحجارة والعصي، ثم تمكنوا من الدخول إلى فناء السفارة، واحرقوا ثلاثة من سيارات السفارة بعد تحطيمها بالكامل، واقتحموا بعد ذلك المكاتب، وأتلفوا غرفة الاتصالات والتلكس، وعبثوا بأوراقها، وأضرموا النيران في أثاث السفارة، بعد تحطيم نوافذها وأبوابها، وقاموا بضرب الدبلوماسيين الموجودين داخلها، ثم قاموا بخطفهم إلى جهات مجهولة لمدة أربع وعشرين ساعة، وأُطلق سراحهم بعد ذلك بناء على المفاوضات بين الحكومتين، وقد نُقل أحد الدبلوماسيين وهو مساعد الغامدي إلى المستشفى؛ لإصابته بكسور في ساقه وصدمة نفسية شديدة، وتوفي "الغامدي" بعد نقله إلى المملكة متأثراً بإصابته، وأدى ذلك حينها إلى أزمة حادة بين البلدين.

هجوم على سفارة بريطانيا

ولم يردع الإيرانيون أي وازع أخلاقي، وواصلوا هجومهم على السفارات غير عابئين بالأنظمة والقوانين؛ ففي مطلع 2011م اقتحم طلبة إيرانيون مبنى السفارة البريطانية في طهران، خلال تجمع للطلبة المنتمين إلى الباسيج، بعد يوم من مصادقة مجلس صيانة الدستور الإيراني على قرار البرلمان الأخير القاضي بتخفيض مستوى العلاقات مع بريطانيا.

تداعيات خطيرة

وحذر، حينها، رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، إيران من " تداعيات خطيرة" لإخفاقها في حماية البعثة الدبلوماسية البريطانية، عندما اقتحم المتظاهرون الغاضبون مقر السفارة في طهران.

عمل إجرامي

وقال "كاميرون"، في بيان: إن "الهجوم على السفارة البريطانية في طهران مُشين وغير مبرر، وفشل الحكومة الإيرانية في الدفاع عن الممتلكات والطواقم البريطانية أمر مخزٍ"، وطالَبَ بضرورة محاسبة المسؤولين عن هذا "العمل الإجرامي"؛ مؤكداً أن الحكومة البريطانية ستتخذ إجراءات صارمة.

طرد سفير الملالي

وطردت الحكومة البريطانية السفير الإيراني، وانقطعت العلاقات قرابة العامين والنصف، وعادت بتمثيل دبلوماسي صغير، بعد أن قدمت حكومة طهران العديد من الضمانات لسلامة أفراد البعثة.

اعتداء جديد على سفارة المملكة

ويصعب على الإيرانيين إخفاء حقدهم على المملكة، ومحاولة زعزعة أمنها بطريقة أو أخرى؛ لذلك عندما تحرك عدد من الهمجيين، مساء أمس، في القنصلية السعودية بمشهد، لم يحرك عناصر الأمن ساكناً، وتركوهم يعبثون بها لتمتد الهجمات إلى السفارة السعودية في طهران؛ حيث أشعلوا فيها النيران، ودخلوا إليها، وعبثوا بمحتوياتها، وسرقوا بعض أجهزتها وسط صمت الأجهزة الأمنية التي تركتهم يعبثون، وألقوا على السفارة قنابل حارقة؛ مما أدى إلى اشتعال النيران بها، ورشقوا مبنى السفارة بالزجاجات الحارقة، وتمكنوا من اقتحام السور ودخول حرم المقر قبل أن تتحرك الشرطة متأخرة.

همجية وغوغائية

هذه الاعتداءات الغادرة على السفارات، تؤكد همجية التعامل الإيراني، وتحريكها للغوغائيين في ممارسات لا أخلاقية بعيدة عن واجبات الضيافة التي تُحتمها الأنظمة والقوانين المعتمدة في مختلف دول العالم.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org