المنطقة الحرة في سيناء.. واجهة اقتصادية عالمية تنقل الخليج لـ"المتوسط"

"وعد الشمال" يصافح العالم
المنطقة الحرة في سيناء.. واجهة اقتصادية عالمية تنقل الخليج لـ"المتوسط"

ربما في المنطق الاقتصادي - وخصوصًا في وقتنا الحالي - يُعتبر توقيع 21 اتفاقية بين بلدَيْن أيًّا كانت الروابط بينهما، وبمثل هذه المستويات التي وقَّعها الشقيقتان (السعودية ومصر)،أمرًا خارج المعايير الاقتصادية؛ إذ سيحصد البلدان نتيجة ذلك مكاسب على أعلى مستوى، وعائدات ينتظر أن يكون لها أعلى مردود؛ لرفع مستوى المعيشة، إضافة إلى جوانب تنضم إلى ما وراء الخبر؛ إذ سيعالج ذلك بعض الملفات السياسية الناتجة من إشكاليات اقتصادية.   

ستكون المنطقة الحرة في سيناء نقطة تحوُّل؛ إذ ستسهم الاتفاقية في نقل سيناء إلى الواجهة الاقتصادية العالمية، بعدما كانت حاضرة في مانشيتات الأحداث لظروف الاعتداءات الإرهابية في أغلبها.   

يقول الخبير الاقتصادي الدكتور فاروق عبد الحي في تصريح صحفي:"إقامة المنطقة الحرة في سيناء لن تعمل فقط على تنمية المنطقة، ولكنها ستضعها على خريطة المناطق التجارية الكبرى في المنطقة، خاصة أنها سوف تساعد على ربط كل صناعات السعودية في الشمال بها".   إن ما ستقدمه الاتفاقية التي أقرها البلدان سيفيد سيناء التي تؤكد كتابات التاريخ السياسي أنها تعاني إشكاليات اقتصادية جمة وظروفًا معينة؛ جعلت منها هدفًا للتطرف والإرهاب. 

أما فكرة المنطقة الحرة فهي موجودة، لكنها عاشت على هامش التاريخ حتى جاء خادم الحرمين الشريفين -وفقه الله- مع أخيه الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ ليجعل الحلم حقيقة، بعدما بقيت مجرد فكرة، منذ طرحت لأول مرة عام 2009؛ إذ ينظر لها الآن فعلاً لتكون نبع الحلول الجذرية لأهالي المنطقة نفسها، ولتحضر كواجهة اقتصادية عالمية، تحضر فيها السعودية بثقلها الاقتصادي ومنتجها النفطي، وكذلك النفط الخليجي؛ ليطلا على أوروبا من خلال المتوسط في مفاجأة للاقتصاد العالمي، ستغير في الكثير من الموازين الاقتصادية.   

ووفقًا للاتفاقية، فأبرز نقاط المنافع التي سيقدمها برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لسيناء تشمل اتفاقيات لمعالجة ثلاثية لمحطات الصرف الصحي، وطرق تنموية، تفوق أكثر من 100كم، وطريق النفق – طابا. كما أن الجامعة (جامعة الملك سلمان) إحدى الثمار المهمة جدًّا، وسيتبعها كنتيجة تلقائية تطوير البيئة المحيطة، وتطوير تجمعات زراعية وقنوات لنقل المياه.

 يقول تقرير لـ"التعاون الدولي" نقلاً عن د. سحر نصر وزيرة التعاون الدولي منسقة الجانب المصري في المجلس التنسيقي المصري – السعودي: "إن القيمة الإجمالية للاتفاقيات التي وُقّعت خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى القاهرة تبلغ نحو 25 مليار دولار، وإنها تمول من صندوق الاستثمارات العامة السعودي والصندوق السعودي للتنمية؛ لتشمل منافع هائلة، تضم محطة كهرباء غرب القاهرة بـ 100 مليون دولار".

 المنطقة الحرة التي وقَّعتها "سحر" مع نجم الحراك السعودي ومهندسه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان شملت إعداد الدراسات والجدوى الاقتصادية لإنشاء المنطقة، التي تتضمن ميناء بحريًّا، بهدف الاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة في هذه المنطقة.  

سيضخ الصندوق السعودي للتنمية وتنمية سيناء قرابة 1.7 مليون دولار، وهي - كما تقول د. سحر - "هذه الاتفاقيات تأتي استكمالاً للاتفاقيتين اللتين شهد الرئيس السيسي وخادم الحرمين الشريفين توقيعهما الخميس، ضمن مشروع تنمية سيناء، الخاصتين بإنشاء جامعة الملك سلمان بن عبد العزيز بمدينة الطور، و9 تجمعات سكنية بشبه جزيرة سيناء".   

وأوضحت الوزيرة أن الاتفاقية الأولى تتضمن إنشاء 4 وصلات فرعية لربط طريق محور التنمية بالطريق الساحلي بطول 61 كيلومترًا، بقيمة 50 مليون دولار. والاتفاقية الثانية تتضمن إنشاء طريق محور التنمية بطول 90 كيلو بقيمة 80 مليون دولار؛ من أجل خدمة التجمعات السكنية الجديدة في شرق قناة السويس، وربطها بالدلتا غرب القناة.   

وتشمل الاتفاقية استكمال الجامعة بقيمة 50 مليون دولار، والتجمعات السكنية في سيناء بقيمة 113 مليون دولار، ورصف طرق بقيمة 66 مليون دولار.

فيما ستشمل الاتفاقية السابعة محطة معالجة ثلاثية للصرف الصحي بقيمة 210 ملايين دولار. وتهدف الاتفاقيات إلى توفير مياه الزراعة من خلال استغلال مياه مصرف لاستصلاح أراضٍ زراعية بمساحة 250 مليون مكعب.

والاتفاقية التاسعة تتضمن إنشاء طرق النفق طابا بقيمة 280 مليون دولار؛ لربط مدينة طابا ورأس النفق بغرب قناة السويس. والاتفاقية العاشرة مشروع تطوير طريق عرضي (1) بقيمة 114 مليون دولار.   

من ناحية أخرى، فقد وصف خبير التجارة الدولية الدكتور فواز العملي في مقابلة مع قناة "العربية" ما حدث خلال الأيام الثلاثة الماضية من زيارة الملك سلمان إلى مصر بأنه أثلج صدر الدولتين؛ لأن ما تم تحقيقه يفوق ما لم تحققه اتفاقية التجارة الحرة بين الدول العربية في ربع قرن.   

وأضاف: "دول الخليج تستورد 73 % من المواد الاستهلاكية عبرأوروبا، وستمر هذه المنتجات من أوروبا إلى مصر، ثم عبر الجسر البريإلى أسواق الخليج كافة".

بناء منطقة تجارة حرة في سيناء سيكون محفزًا للدول الأوروبية والصين لتحويل مصانعها إلى سيناء، ومنها التصدير إلى الدول العربية.   

وعودة إلى تطوير المنطقة الحرة في سيناء، وما سيعود على سيناء كلها، فإن المراقبين يرون ذلك نقلة لتحويل المنطقة إلى واحدة من أهم المناطق الاقتصادية في العالم؛ إذ ستعمل على تشجيع الاستثمارات المشتركة من خلال تطوير البنية التحتية، وجذب الرساميل العالمية، وتوفير بيئة عمل منافسة، تستثمر أهمية الجغرافيا وقيمة التاريخ العريق.  

الجانب الآخر المهم هو أن هذه المنطقة الحرة ستكون منفذًا عالميًّا للصناعات والاقتصاد السعودي، خاصة لمشروع "وعد الشمال"، أبرز مشاريع التعدين مؤخرًا في السعودية، وبوابة تصدير عالمية.   

الحلم الذي رسمه خادم الحرمين الشريفين وأخوه الرئيس عبدالفتاح السيسي كان يبدو خيالاً قبل أيام، لكنه الآن في موعد من التاريخ، والتاريخ الجميل.  

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org