الهجوم على السعودية.. حِيَل وتوجُّهات

الهجوم على السعودية.. حِيَل وتوجُّهات

للهجوم على السعودية فنون، وأساليب ملتوية، ومنهج فوضوي، يهدف لإثارة القلاقل، وبث الشائعات، والتحريض ضد قيادتها للبحث عن علاقة مباشرة، تفتح للمهاجم فرصة للتعريف أكثر بنفسه، وطرح مطالبه، ومحاولة التفاوض حولها.

منذ 19 عامًا تنبه الشيخ عبدالعزيز التويجري ـ رحمه الله ـ لدور الإعلام في توثيق الحقائق، وأهمية جذب صناع الرأي في العالم العربي لمشاهدة التطور الحضاري والتنموي فيالسعودية، وتجاوز ذلك ليكون توثيقًا لتكوين الصورة الذهنية للمملكة بكونها تجمعًا قبليًّا وحضريًّا، أنشأ دولة بقيادة موحِّد لها ومؤسِّس لكيانها، الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه -.

وأصدر التويجري كتابه التاريخي "لسراة الليل.. هتف الصباح"، الذي اعتبرته الدار الناشرة له "دراسة" لعمق محتواه، ودقة وثائقه. وكان الذكاء في جعل أبرز كاتب ومحلل عربي حينها (محمد حسنين هيكل) يكتب مقدمة الكتاب؛ ما ساهم في تخفيف محاولات هجومه الدائم على السعودية،ويسجل الكتاب قوله: "إن الملك عبدالعزيز آل سعود أسس دولة، وأنشأ نظامًا، وتلك مهمة تعهد بها المقادير لرجال، لا يتكررون بسهولة؛ ذلك أن تأسيس الدول، وإنشاء النظم، يحتاجان أول ما يحتاجان إلى إرادة، تستطيع في لحظة استثنائية أن تحرك التفاعل الكيميائي الخلاق بين الجغرافيا والتاريخ؛ ويفجِّر طاقة فعل هائلة".

في فترة إصدار الكتاب وما قبلها، وحتى قبل ثورة الإنترنت، لم تكن شوارع العواصم العربية - وبخاصة القاهرة وبيروت - تتنافس إلا على إصدار كتب، تدعي كشف كواليس الحكم السعودي بصنعة صحفية مثيرة، يكتبها في العادة صحفي الظل، ويشتريها بعض السياح الخليجيين، حتى عرفوا "سر الخلطة"؛ فما عادت تثير شهيتهم؛ فبقيت هذه الكتب المسلوقة على الأرفف والأرصفة حتى تجاوزها العصر؛ وانتهت شعبيتها.

محاولات الضرب تحت الحزام لشهوانيي الشهرة، ولفت الانتباه، بعد ثورات الدول العربية، مارسها بعض الحزبيين والإعلاميين الموالين لهم، ووجدوا ضالتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة تويتر، وبعض محاولات في الواتساب. وشكلت هاتان الوسيلتان منفذًا سهلاً، وانتشارًا واسعًا لوضع الآراء وتبديلها حسب الاحتياج ودواعي المصلحة الحزبية الراهنة، التي تتنوع بين تأييد، وتجييش، وهجوم، ودفاع، إضافة لتبني قضايا مصلحية بالدرجة الأولى.

يركز المهاجم غالبًا على القدح في توجُّه الإعلام السعودي التجاري، المنحصر في مجموعتي MBC وروتانا، وإن كانت الثانية في فترة ارتبطت بمصلحة مباشرة مع بعض الحزبيين في برامجها الإسلامية عبر قناة الرسالة، وبرامج رمضانية على قناة LBC، ولم يُكشف انتماؤهم السياسي إلا بعد أحداث الثورتين المصرية 25 يناير و30 يونيو؛ فبدت العلاقة محتدة، والصراع أوضح؛ ليعجل بإقالة مدير قناة الرسالة طارق السويدان. ولم تكن روتانا دائمًا في مرمى المهاجمين بعد اتباعها سياسة مهادنة، وضيق تأثيرها المحدود فقط في الخليج ومصر.

تصفية الحسابات مع الحكومة السعودية وجدها البعض تنطلق من الهجوم على MBC وذراعها الإخبارية (العربية). وجميع من يستعد للهجوم يجعل ذلك هدفًا يختص بالوسيلة الإعلامية، ويضع عليها بهارات سياسية، تنتقد سياسة الحكومة. وبعد أن يتحقق ما يطمح له من إثارة القلاقل وتجييش التابعين ضد الكيان السياسي يخرج معتذرًا بأنه كان يعني فقط المجموعة وقنواتها.

حِيل دنيئة، وأساليب ساقطة، وتوجُّهات غبية، ينتهجها المهاجمون دون وعي أو حُمْرة خجل، متجاهلين سياسة الإعلام الرسمي السعودي، وفرضه شروطًا تحافظ على التضامن الإسلامي والوحدة واللحمة العربية، لكن خبث مقصدهم جعلهم يركزون على إعلام تجاري خاص، يبحث عن الربح، لكنه يتناغم مع سياسة دول ملاكه، دون أن يكون منبرًا للهجوم على دول الجوار كما تفعل بعض القنوات الخاصة في دول أخرى، تسيطر حكوماتها على إعلامها بالكامل، وفق نظام حكم صارم، يضع أهدافًا سياسية حتى لإعلامه الخاص من قنوات وصحف ومواقع.

أصبحت الحِيل مكشوفة، والأساليب معروفة، والتوجُّهات مفضوحة؛ فخير لمن يريد الهجوم أن يجد طرقًا أخرى أكثرواقعية، وأعمق بحثًا، وأدق وصفًا؛ فما عاد للمرتزقة طريقة لكسب حفنة ريالات للسكوت أو مفاوضة لمكاسب معنوية طارئة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org