باحث سعودي: "ترامب" سيمزج بين القوة الناعمة والصلبة والذكية خلال فترة رئاسته

قدم قراءة لسياسات 3 رؤساء أمريكان "بوش وأوباما وترامب"
باحث سعودي: "ترامب" سيمزج بين القوة الناعمة والصلبة والذكية خلال فترة رئاسته

قال الإعلامي والباحث السعودي الدكتور نايف الحداري: "من المبكر الحديث عن نوع القوة التي ستميز عهد الرئيس ترامب، لكن من المتوقع أن الرئيس ترامب هو من سيمزج بين القوة الناعمة والقوة الصلبة وبالتالي استخدام ما يسمى بـ"القوة الذكية"، وقد تكون المؤشرات المبدئية لسياسة ترامب تدل على أن فترة رئاسته ستشهد تلويح باستخدام القوة إلى جانب استخدام الدبلوماسية والتفاوض في كثير من الملفات.

وأضاف الحداري: "في بداية 2017 وصل الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، كل وعوده الانتخابية كانت تصب في هدف واحد وهو: إعادة أمريكا قوة عظمى من جديد. بالطبع ترامب والحزب الجمهوري يرون أن سياسة أوباما المُتسامحة التي تستخدم الدبلوماسية والتفاوض ساهمت في إضعاف صورة أمريكا في العالم، بعد أن كانت أمريكا هي القطب الأوحد في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي".

عن طبيعة استخدام القوة في السياسة الأمريكية بين آخر ثلاثة رؤساء أمريكيين "بوش الابن، أوباما، ودونالد ترامب"، والتي تنوعت بين "القوة الصلبة" و"القوة الناعمة" و"القوة الذكية"، قال الدكتور الحداري: "خلال فترة رئاسة بوش الابن، والتي بدأت مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، لجأت إدارة بوش الابن إلى استخدام القوة العسكرية "القوة الصلبة" للانتقام من كل من له علاقة بهذا الحادث، طبعًا كانت البداية بغزو أفغانستان معقل تنظيم "القاعدة" وزعيمها ابن لادن واحتلال هذا البلد وإنهاء حكم حركة طالبان، بطبيعة الحال، لم يكتفِ بوش بحرب واحدة، بل غزا العراق للانتقام من صدام حسين ونظامه، وعلى الرغم من أن بوش فشل في إثبات أن العراق لديه أسلحة دمار شامل، فقد فشل كذلك في إثبات وجود علاقة بين النظام العراقي وتنظيم القاعدة".

وأضاف: "أثناء الحربين استخدم الرئيس بوش الخُطب الرنّانة ومصطلحات مثل: محور الشر، الدول المارقة، الحرب الصليبية ... إلخ؛ لتدعيم موقفه ومحاولة التأثير على الرأي العام الأمريكي والغربي تجاه الحرب، والمؤكد أن غزو أمريكا لأفغانستان والعراق لم تجلب الديموقراطية للبلدين، بل زادت الصراع وحِدة الطائفية في تلك البلاد، كما أن كُلفة الحرب على العراق (تحديداً) تجاوزت تريليون دولار".

وأوضح الحداري أن بعد الحرب على العراق أشارت استطلاعات الرأي إلى هبوط شعبية وجاذبية الولايات المتحدة في أكثر من ٣٧ بلدًا حول العالم، وأن أغلبية الأوروبيين يعتقدون أن الحرب على العراق جعلت العالم أخطر، والكراهية ضد أمريكا زادت في كثير من دول العالم، وبالتالي أدى الاستخدام المفرط لـ"القوة الصلبة" إلى تغير صورة أمريكا لدى العالم، وأثر ذلك كثيراً على جاذبيتها لدى كثير من الشعوب التي كانت مُعجبة بالقيم والثقافة الأمريكية. ونتيجةً لذلك يمكن القول: إن القوة الناعمة الأمريكية في عهد الرئيس بوش الابن قد تآكلت بشكل كبير.

يقول "جوزيف ناي" واصفًا تلك الحروب التي كانت علامة مميزة لرئاسة بوش الابن: "الحرب كانت استعراضاً مبهراً للقوة الأمريكية العسكرية، لكنها لم تنجح في جعل أمريكا حصينة ضد الإرهاب".

فترة أوباما
يقول جوزيف ناي: "الاعتماد على القوة الصلبة وحدها في تحقيق أهداف السياسة الخارجية؛ لم يعد عملياً، وأن تكلفتها زادت في القرن الحادي والعشرين".

استخدام القوة العسكرية "القوة الصلبة" في حلّ النزاعات مع الآخرين كان له تأثير كبير على الرئيس الأمريكي الجديد الذي استلم المنصب بعد بوش؛ حيث واجه الرئيس باراك أوباما الكثير من التحديات في بداية رئاسته عام 2008؛ حيث واجه أزمة اقتصادية كبرى بسبب كلفة الحرب العالية في العراق منذ 2003؛ حيث بلغ عجز الموازنة الأمريكية في ٢٠٠٨ حوالي ٥٠٠ مليون دولار، كما واجه أزمة أخرى وهي أزمة الرهن العقاري عام 2008. وبالتالي ونتيجةً لهذه العوامل لجأ أوباما إلى تخفيض الاعتماد على القوة الصلبة والاهتمام بالقوة الناعمة على حساب القوة الصلبة. وشهدت فترة رئاسة سياسات أكثر اعتدالاً وقرارات تميل إلى تغليب الحلول الدبلوماسية وتفعيل أدوات القوة الناعمة؛ حيث سحب معظم القوات الأمريكية المقاتلة من العراق لتكون مهمة القوات الموجودة في العراق تدريب القوات العراقية.

ويوضح الحداري أن فترة رئاسة أوباما شهدت بروز قوى دولية صاعدة مثل الصين وروسيا، وبالأخص شهدت عودة روسيا بقوة إلى الساحة الدولية، وكان أهم مؤشر لعودة روسيا إلى الساحة الدولية هو التدخل العسكري الروسي في سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد.

مستشار الرئيس باراك أوباما يقول جون بيرنان: "سنستخدم القوة الناعمة والدبلوماسية العامة والدعم الاقتصادي لهزيمة المتطرفين، وهذه الوسائل لم يستخدمها من قبل الرئيس بوش الابن".

وكمؤشر واضح لاهتمام إدارة أوباما بـ"القوة الناعمة" في فترة رئاسته، تمّ إنشاء غرفة عمليات "الحروب الناعمة"، كما استخدم أوباما إستراتيجية تحويل المنافسين إلى شركاء مع مراعاة عدم تفوقهم على أمريكا، إضافة إلى ذلك استخدام التفاوض والدبلوماسية في التعامل مع الملف النووي الإيراني، وهو الأمر الذي أغضب حلفاء أمريكا في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث يعتبر أوباما أول رئيس أمريكي بعد أحداث أزمة الرهائن في عام ١٩٧٩ يوجه خطابًا مباشرةً إلى الشعب الإيراني، واستخدم لغة دبلوماسية لوصف القادة الإيرانيين؛ حيث استخدم مصطلح "الجمهورية الإسلامية" بدلاً من "النظام الإيراني".

وبعد أحداث الربيع العربي، يؤكد الحداري: حاول أوباما احتواء التنظيمات الإسلامية التي وصلت إلى الحكم في دول الربيع العربي. كما أعلن أنه سيغلق سجن "غوانتانامو" في أول سنة من رئاسته وتعهد بوقف تعذيب المعتقلين بتهم الإرهاب، لكن أيًّا من تلك الوعود لم تتحقق.

ويقول الحداري: الشيء الذي يمكن استنتاجه أن استخدام أوباما لإستراتيجية "القوة الناعمة" في كثير من الملفات وخصوصاً ملف القضية السورية؛ أثبت فشله وساهم في إطالة مدة الأزمة وبقاء نظام بشار الأسد، وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية لروسيا على حساب أمريكا في المنطقة العربية، حيث تردد أوباما كثيراً في استخدام القوة العسكرية لإسقاط الأسد على الرغم من استخدام الأخير للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org