بالأرقام.. كيف يُقاضي السعوديون الجهات الحكومية؟

بالأرقام.. كيف يُقاضي السعوديون الجهات الحكومية؟

 في منتصف يونيو 2015م وأثناء استقباله وفداً من كبار المسؤولين والمهتمين بمكافحة الفساد، قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- إن "أي مواطن يمكنه مقاضاة الملك أو ولي العهد، أو أي فرد من أفراد الأسرة". مضيفاً: "أكبر مُكافح للفساد هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، هي لا تقبل فساداً على أحد، ولا ترضاه على أحد".

في نفس المناسبة روى الملك سلمان أن والده الملك عبدالعزيز تقاضى مع أحد الرعية، وحكم له قاضي الرياض، وتنازل للمدعى عليه. مضيفاً: "نحن في أمن واستقرار، يأتينا المواطن وينادينا باسمنا مجرداً وليس لقبنا، كما فعل الذي تقاضى مع أبي".

حق المواطن

"أبو فهد" كما يناديه الكثير من السعوديين في تعليقهم على أخبار يظهر فيها ناشد أعضاء الهيئة بقوله: "إذا رأيتم شيئاً يضرّ بالمواطن أو بأفراد أو بقبيلة أو ببلدة أو بأي شيء، فأبوابنا مفتوحة وآذاننا مفتوحة وهواتفنا مفتوحة، وكذلك مجلسنا"، وأضاف: رحم الله من أهدى إليّ عيوبي"، وزاد: "يهمني حق المواطن أكثر من حق نفسي".

قبل ذلك ينقل التاريخ مقولة للملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه: "إن من كان له ظلامة على كائن من كان، موظفاً أو غيره، كبيراً أو صغيراً، ثم يخفي ظلامته فإنما إثمه على نفسه، وإن من كان له شكاية، فقد وضع على باب دار الحكومة صندوق للشكايات مفتاحه لدى الملك، وليثق الجميع بأنه لا يمكن أن يلحق المشتكي أي أذى بسبب شكايته المحقة من أي موظف كان".

100 ألف قضية

المتصفح لموقع ديوان المظالم (المحاكم الإدارية) يمكنه قراءة تقرير منشور يؤكد نظر المحكمة المختصة في أكثر من 100 ألف قضية أقامها السعوديون ضد إدارات حكومية في العام المنصرم (2016م).

الأرقام تؤكد أن المحاكم الإدارية بديوان المظالم فصلت في مختلف المناطق والمحافظات في أكثر من 100 ألف قضية خلال العام المنصرم منها 79613 قضية في المحاكم الإدارية، في قضايا إدارية مختلفة مقامة من مواطنين أو موظفين ضد إدارات حكومية، أو قضايا مقامة ضد موظفين حكوميين. هذا فيما يشير الخبر الذي يقود رابطه لمصدره الزميلة صحيفة "المدينة" أن محاكم الاستئناف الإدارية استقبلت 23281 قضية لشكاوى مماثلة خلال تلك الفترة بالعام المنصرم.

تعويضات

على خط التعويضات فإن الكثير من الأحكام التي صدرت لصالح مواطنين في مواجهة جهات حكومية مختلفة منها كما حملت بعض تلك الأحكام تعويضات مجزية وتعويضية لمواطنين، في مواجهة جهات أمنية في عدد من الحالات. ومن ذلك:

- في نوفمبر 2007م ألزم ديوان المظالم شرطة محافظة الطائف بتعويض أحد المواطنين بمبلغ 72 ألف ريال بعد سجنه مدة 103 أيام دون وجه حق؛ بسبب خطأ ارتكبه عمدة أحد الأحياء.

- في يونيو 2010م ألزم ديوان المظالم بمنطقة المدينة المنورة هيئة التحقيق والادعاء العام في المنطقة بتعويض مواطن مادياً بمبلغ 11 ألف ريال، بعد إيقافه على ذمة قضية ثبتت براءته منها شرعاً.

- في يوليو 2011م أصدر ديوان المظالم في جدة حكماً بتعويض مواطن، في دعوى سبق وأن رفعها ضد هيئة التحقيق والادعاء العام وشرطة محافظة جدة، وقضى الحكم بإلزام شرطة جدة تعويض المدعي 152.700 ريال، بعد إيقافه لمدة 1018 يوماً دون محاكمة.

- في سبتمبر 2014م أصدرت المحكمة الجزائية بجدة حكماً يلزم الإدارة العامة للسجون بتعويض مقيم أردني بمبلغ 4.344 ملايين ريال؛ نظير إبقائها عليه في السجن رغم انتهاء مدة محكوميته. بحجة صدور أمر ترحيل بحقه.

- في أبريل 2015م أصدر ديوان المظالم بالرياض حكماً بإلزام أمانة منطقة الرياض بتعويض مواطن أكثر 3.500.000 ريال؛ بسبب تضرره نتيجة مخالفة الأمانة للنظام عبر منح أرض مخصصة لحديقة عامة قريبة من أملاكه لأحد التجار.

- في ديسمبر 2015 أصدر ديوان المظالم بالمنطقة الشرقية حكماً بتعويض مواطن 327.500 ألف ريال؛ جراء خطأ في تحديد أرضه، وذلك بعد أن قام بالبناء على أرض لا يملكها تم تحديدها بالخطأ على أنها أرضه من قبل مسّاح البلدية.

- في أغسطس 2016م: نشر مواطن مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي كشف فيه عن حصوله على تعويض وقدره 18 ألف ريال بعد تضرر سيارته من إهمال إحدى الشركات القائمة على مشاريع إصلاح الطرق بالمملكة، بعدما ألزمت الجهة المعنية المقاول بذلك.

- في ديسمبر 2016م قضت المحكمة الإدارية في الباحة بإلزام إدارة مرور المنطقة بدفع 156 ألف ريال لمواطن، بعدما تم حبسه واحتجاز مركبته على خلفية حادث مروري دون مسوغ نظامي.

تطوير متسارع

يُذكر أنه في أغسطس 2007 قامت المملكة العربية السعودية بإجراء تعديلات تُسرّع إجراءات مقاضاة الجهات الحكومية. وشمل ذلك تطويرات إصلاحية في اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية، بإضافة 7 فقرات جديدة على اللائحة، وتعديل 15 من فقراتها، وحذف اثنتين أخريين منها. حيث شملت تلك التعديلات حذف فقرة من اللائحة التنفيذية تنصّ على أن "الدعوى لا تُسمع على الجهات الحكومية، إلا بإذن من المقام السامي بسماعها"، حيث يكفل حذف هذه الفقرة مقاضاة الجهات الحكومية من دون أخذ إذن المقام السامي.

كما شملت التعديلات مسألة حق الزوجة في إقامة دعواها في بلدها أو بلد الزوج، ليسري الحكم في ذلك على دعاوى الحضانة والزيارة في الأحوال الشخصية. وهو ما اعتبره القانونيون انتصاراً للأسرة والمجتمع، في ظل وجود آباء وأزواج متلاعبين، غالباً ما كانوا يقفون خلف تعطيل القضايا الخاصة بالمسائل الزوجية.

لا حصانة لمسؤول

يقول رئيس ديوان المظالم الشيخ الدكتور خالد بن محمد اليوسف في حوار مع صحيفة "سبق" إنه ما من شروط محددة لإلغاء قرارات صادرة من وزراء، ومسؤولين، وجهات حكومية تجاه قضايا عامة. وليس ثمة اشتراطات يضيفها الديوان عدا ما قررها النظام، فمتى ما تحققت الشروط وانتفت الموانع النظامية؛ فليس هناك ما يحول دون نظر قضاء الديوان، وفحصه للعمل محل التظلم بغض النظر عن مصدر القرار".

يُذكر أيضاً أن ديوان المظالم يتكوَّن من عدة محاكم منها: "المحكمة الإدارية العليا"، و"محاكم الاستئناف الإدارية" و"المحاكم الإدارية"، ويمكن للمتظلم تقديم دعواه على أي جهة وفق خطوات نظامية سهلة ومرنة وشفافة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org