باهمام لـ"سبق": الحرمان من النوم سبب للسعوديين الأورام و"تعكير" المزاج.. وهذه حقيقة "جنّي" الجاثوم

"مدير طب وأبحاث النوم":  وضعية النوم التي نصح بها "الرسول" أثبت صحتها الطب الحديث
باهمام لـ"سبق": الحرمان من النوم سبب للسعوديين الأورام و"تعكير" المزاج.. وهذه حقيقة "جنّي" الجاثوم

- الأحلام نشاط غريب للمخ.. وهذا الفرق بين أحلام الرجال والنساء "المفزعة"

- جميع اضطرابات النوم المعروفة عالميًا موجودة في مجتمعنا.. والسهر مشكلة كل الأعمار

- البعض يركل ويضرب ويقفز من السرير وهو نائم ويتسبب بإصابات خطيرة للزوجة.. وعندما يستيقظ لا يتذكر

- "الجلطات" تحدث بين الـ ٦ صباحاً و١٢ ظهراً والسبب "الكورتيزول" وضغط الدم

- "القيلولة" والغفوات القصيرة التي لا تتجاوز نصف ساعة تعدل المزاج والذاكرة والقلب

- البعض ينام ساعات قليلة ويستيقظ في مواعيدهم صباحًا بكل نشاط وحيوية

"نعاس" ١٢٪‏ من السائقين في السعودية سبب الحوادث .. و"المميتة" تزداد في الساعات المتأخرة من الليل

- حادثتا تشيرنوبل النووية في روسيا وتسرب غاز بوبال في الهند سببهما الإجهاد والنعاس

- الكلام أثناء النوم مشكلة بعض السعوديين.. وعلاجها في مشاكل التنفس

- الأبحاث أكدت أن قلة النوم أثر على تحصيل طلاب المدارس في الرياض وطلاب كلية الطب بجامعة الملك سعود

أجرى الحوار/ شقران الرشيدي : يقول الأستاذ الدكتور أحمد سالم باهمام، أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم، ومدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم، بكلية الطب، في جامعة الملك سعود :"ثبت علمياً أن بعض "الجلطات" تحدث ما بين الساعة ١٢ فجراً إلى الساعة ٦ صباحاً، وانقطاع النفس أثناء النوم من مسببات حدوثها. وفي العموم تحدث أكثر الجلطات بين الساعة ٦ صباحاً إلى ١٢ ظهرًا، وهو الوقت الذي تزيد الساعة البيولوجية فيه إفراز هرمون الكورتيزول الذي يرفع ضغط الدم". مؤكدًا في حواره مع "سبق" على الأحلام هي نشاط خاص وغربب للمخ، وأن أحلام الرجال تختلف عن أحلام النساء. موضحاً أن الأبحاث التي أجريت على طلاب المدارس في الرياض وطلاب كلية الطب في جامعة الملك سعود، أكدت أن نقص النوم يؤثر في التحصيل الدراسي عند الطلاب. كما أظهرت الأبحاث أن حوادث السيارات المميتة تزداد في الساعات المتأخرة من الليل وليس في أوقات الذروة.

ويتناول الحوار عدداً من المحاور حول اضطرابات النوم، ومشاكله، وتقطع التنفس، وحقيقة "الجاثوم"، والأحلام وغيرها، فإلى تفاصيله:

** كيف يمكن تعريف النوم، وأهميته للإنسان؟

النوم عملية معقدة يحدث خلالها العديد من العمليات الفيزيولوجية، وهو راحة لأعضاء الجسد، ولكي نفهم النوم، وأي مشاكل قد تحدث خلاله، فإننا نحتاج لمراقبة بعض المؤشرات الفيزيولوجية خلال النوم من خلال الموجات الكهربائية في الدماغ، وحركات العضلات، والتنفس من خلال الفم وفتحتي الأنف، والشخير، ومعدل وانتظام دقات القلب، وحركات الساقين، وحركات الصدر والحجاب الحاجز، ومعدل الأكسجين في الدم ومعدل طرد ثاني أوكسيد الكربون من الجسم.

والنوم ضروري لكل وظائف الجسم.

** طيب.. وما هي الآثار السلبية التي تنتج عن نقص النوم؟

نقص النوم ينتج عنه نقص في التركيز، والذاكرة، وبطء في ردة الفعل، واتخاذ القرارات الصحيحة، كما أنه يسبب زيادة النعاس في النهار، وتعكر المزاج. وقد أظهر أكثر من بحث، أحدها أجريناه على طلاب المدارس في الرياض وطلاب كلية الطب في جامعة الملك سعود أن نقص النوم يؤثر في التحصيل الدراسي عند الطلاب. كما أظهرت الأبحاث أن حوادث السيارات المميتة تزداد في الساعات المتأخرة من الليل وليس في أوقات الذروة، ويعزى ذلك إلى نعاس ونوم السائق أثناء القيادة. كما أنه يُعتقد أن الكثير من الكوارث التي حدثت حديثًا للإنسانية مثل حادثة تشيرنوبيل في الاتحاد السوفيتي وحادثة تسرب غاز بوبال في الهند نتجت بسبب سوء في التقدير واتخاذ القرار من العاملين بسبب النعاس والإجهاد. وعزا ١٢٪‏ من السائقين في السعودية حوادث مركباتهم إلى نعاسهم خلال القيادة. وتشير الأبحاث إلى أن الاستيقاظ المتواصل لمدة ٢٤ ساعة يوصل القدرة العقلية لاتخاذ القرار السريع والصحيح عند الإنسان إلى نفس الدرجة عند المخمور. ونقص النوم عملية تراكمية، فمثلاً عدم الحصول على نوم كافٍ لعدة ليال يؤثر تأثيرًا مشابهًا للبقاء مستيقظًا لمدة أربع وعشرين ساعة متواصلة.

** ما هي حقيقة ما يسمى شلل النوم أو ما يسمى شعبياً "الجاثوم"؟

"الجاثوم" أو شلل النوم يحدث للبعض خلال مرحلة الأحلام، ويستغرق من ثوانٍ إلى عدة دقائق، وخلالها يحاول بعض المرضى أثناء نومهم طلب المساعدة أو حتى البكاء لكن دون جدوى، وتختفي هذه الأعراض مع مرور الوقت أو عندما يلامس أحد المريض أو عند حدوث ضجيج حوله. وقد خلق الله سبحانه وتعالى آلية تعمل لتحمينا من تنفيذ أحلامنا؛ تدعى هذه الآلية ارتخاء العضلات، وارتخاء العضلات يعني أن جميع عضلات الجسم تكون مشلولة خلال مرحلة الأحلام ما عدا عضلة الحجاب الحاجز، وعضلات العينين. وهذه آلية حماية حتى لا يقوم النائم بتنفيذ الجزء الحركي من الحلم مثل الشجار أو الحركات السريعة أو القفز، فإن آلية ارتخاء العضلات تضمن لك بقاء النائم في سريره لأن حركته قد تسبب له أو لمن ينام بجانبه الأذى. وتنتهي هذه الآلية بمجرد انتقال النائم إلى مرحلة أخرى من مراحل النوم أو استيقاظه من النوم، إلا أنه وفي بعض الأحيان يستيقظ النائم خلال مرحلة حركة العين السريعة، في حين أن هذه الآلية ارتخاء العضلات لم تكن قد توقفت بعد؛ وينتج عن ذلك أن يكون في كامل وعيه، ويعي ما حوله، ولكنه لا يستطيع الحركة بتاتًا. وبما أن الدماغ كان في طور الحلم فإن ذلك قد يؤدي إلى هلوسات مرعبة وشعور المريض باقتراب الموت أو ما شابه ذلك.

** البعض يرعبه تأثيرات "الجاثوم"، فما أبرزها على الإنسان؟

قد يظن البعض أن ساعة الموت قد حانت، والبعض الآخر يعتقد أن هنالك "جنّي" يضغط على صدره إلا أن ذلك ليس له أي أساس علمي كما أنه لم يثبت حدوث أي حالة وفاة خلال شلل النوم أو الجاثوم، وينصح عند دهم "الجاثوم" القيام بمحاولة تحريك العينين أو الوجه من جهة إلى أخرى للتسريع بانتهاء الأعراض، وعلى من يعانون من ذلك أن يدركوا أنهم غير مصابين بأي مرض عقلي أو مرض عضوي خطير، ومن المعروف أن الضغط النفسي والتوتر إضافة إلى عدم كفاية النوم يزيد من حدوث هذه الأعراض.

** ما حقيقة أن أغلب "الجلطات" التي يتعرض لها الإنسان تحدث في ساعات متأخرة من الليل؟

ثبت علمياً أن بعض "الجلطات" تحدث ما بين الساعة ١٢ فجراً إلى الساعة ٦ صباحاً، وانقطاع النفس أثناء النوم من مسببات حدوث الجلطات الليلية. وفي العموم تحدث أكثر الجلطات بين الساعة ٦ صباحًا إلى ١٢ ظهرًا، وهو الوقت الذي تزيد الساعة البيولوجية فيه إفراز هرمون الكورتيزول الذي يرفع ضغط الدم.

** تشير الكثير من الدراسات إلى وجود اضطرابات النوم في المجتمع السعودي، ما هي أبرز مشاكل النوم عند السعوديين؟

جميع اضطرابات النوم المعروفة عالميًا موجودة عند السعوديين، ولكن هناك أموراً خاصة تظهر في المجتمع السعودي، فالسهر مشكلة شائعة في جميع المراحل العمرية في المجتمع السعودي، كما أن السمنة الشائعة في المجتمع السعودي زادت من نسبة توقف التنفس اثناء النوم.

** هل لمشكلة السهر الشائعة علاقة بيتعاطى البعض حبوب منومة لكي يستطيع النوم، وهل لها تأثيرات صحية سلبية؟

الحبوب المنومة التي تستخدم للنوم لها آثار جانبية كثيرة ويجب أخذها تحت إشراف طبي دقيق.

** إلى أي مدى يعاني كثير من السعوديين "رجالاً ونساءً" من تقطع النوم؟

تقطع النوم مشكلة شائعة، وليست خاصة بالسعوديين، ولها أسباب كثيرة قد تكون عضوية أهمها مشاكل التنفس أثناء النوم أو الحركات الدورية للأطراف، كما أن مشاكل أخرى مثل ارتجاع الحمض من المعدة إلى المريء أو آلام المفاصل قد تسبب ذلك.

** حسناً.. الكلام أثناء النوم، ما هي أسبابه، وهل له علاج فعال؟

الكلام أثناء النوم مشكلة شائعة نسبياً، وفي الغالب لا تحتاج للعلاج، ولكنها في حالات قد تنتج عن اضطرابات أخرى في النوم مثل الشخير وانقطاع التنفس أثناء النوم، وفي حال علاج مشاكل التنفس عند المصابين بانقطاع التنفس تختفي مشكلة الكلام اثناء النوم.

** هل للأرق المزمن، وقلة النوم ليلاً علاج فعال؟

للأرق أسباب كثيرة يمكن وضعها تحت ٣ مجموعات كبيرة وهي الأسباب العضوية، وهذه في حال علاجها تتحسن الحالة، والأسباب النفسية مثل الاكتئاب، وأسباب سلوكية؛ وهي الأكثر شيوعاً. لذلك يجب علاج الأرق متزامناً مع الاضطراب المصاحب له.

** يعاني الكثير في الأيام الأولى عند عودتهم من الإجازة للعمل أو الدراسة من اضطراب النوم، كيف يمكن التخلص من هذه المعاناة؟

قد يعاني كثير من الناس من بعض الأعراض خلال الأيام الأولى من بدء الدوام؛ مثل قلة النشاط خلال النهار، آلام في الجسم، الصداع، تعكر المزاج، نقص في الشهية، آلام في المعدة وحموضة، واضطراب الجهاز الهضمي. وللأسف لا توجد أي استراتيجية أو أسلوب علاجي يمكنه التخلص من هذه المشكلة بصورة فاعلة خلال يوم واحد، ولكن لا بد من محاولة الاستعداد للنظام الجديد في النوم والاستيقاظ عدة أيام قبل بدء الدوام.

** ما هي فوائد القيلولة بعد الظهر؟

أظهرت الأبحاث الحديثة فوائد عديدة للقيلولة حيث تحسن القيلولة من المزاج، وتقلل الشعور بالنعاس والتعب، وتنشط القدرات العقلية مثل التحليل المنطقي، وردة الفعل. وأظهرت الأبحاث كذلك أن أفضل علاج للشعور بالنعاس هو الحصول على غفوة قصيرة، حيث إن تأثير الغفوة يفوق تأثير المنبهات مثل القهوة أو الأدوية المنبهة، كما أن الغفوة حسّنت من الأداء العقلي مقارنة بالأدوية المنبهة. كما أظهرت الأبحاث الحديثة تأثيرات إيجابية للغفوات على القلب، والجهاز الدوري للإنسان، وكذلك فوائد مهمة للذاكرة. وفي هذا المقام نقصد الغفوات القصيرة التي لا تتجاوز نصف ساعة لا أكثر.

** هناك اضطرابات تحدث خلال النوم تؤدي إلى تحرك النائم، وهو لا يعي ما حوله.. ما هي الأسباب؟

قد يحلم البعض أنه في صراع مع شخص آخر للدفاع عن نفسه فيقفز من السرير، وقد يضرب زوجته في الفراش بجانبه أو قد يسقط ويؤذي نفسه، وهذا الاضطراب يعرف باضطراب السلوكي، والحركي أثناء الأحلام، وفي بعض الحالات ينفّذ النائم الحركات التي يقوم بها في نومه، فمثلاً قد يقوم النائم بالركل والضرب أو القفز المفاجئ من السرير أو الحديث والصراخ، وقد ينتج عنه إصابات خطيرة للنائم أو لمن يشاركه السرير، في العادة الزوجة، وهذا الاضطراب يصيب الرجال أكثر من النساء. وبعض الأدوية النفسية، ومضادات الاكتئاب قد تسبب المشكلة، وكذلك قد تظهر الأعراض عند المدمنين على الكحول عند توقفهم المفاجئ، ولا يتذكر المريض في العادة ما حدث، ولا يستعيد إدراكه مباشرة حال إيقاظه.

** هل يوجد ما يسمى "الحرمان من النوم" في المجتمع السعودي؟

نعم.. أصبح نقص ساعات النوم أو ما يعرف طبيًا بالحرمان من النوم ظاهرة عالمية، وهي منتشرة جدًا في مجتمعنا بسبب السهر ليلاً حتى ساعات متأخرة والاستيقاظ مبكرًا بسبب بدء المدارس والدوام في ساعات مبكرة. ويمكن اعتبار الحرمان من النوم مشكلة شائعة جدا، وإن كان الطب الحديث قد نبهنا إلى الأهمية الكبيرة للنوم، فإن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قد نبهنا قبل ذلك بكثير إلى أهمية النوم للجسد في أكثر من حديث منها حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه في صحيح البخاري حين كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينصح عبدالله رضي الله عنه حيث كان مما قال له "وَقُمْ وَنَمْ فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا". ويرتبط نقص النوم بالإصابة بسرطان القولون، ونزلات البرد، والجلطات، والسكري، وضعف مناعة الجسم، وظهور الأورام، وهي أقوى عند السيدات من الرجال. وقد لا تنطبق على من تحتاج أجسامهم ساعات نوم أقل، فهناك أشخاص يحتاجون ساعات نوم أقل من غيرهم، ويستيقظون صباحًا في مواعيدهم وبدون استخدام ساعة المنبه كما أنهم يشعرون بالنشاط والحيوية طوال اليوم.

**تستحوذ الأحلام على اهتمام الكثير من الناس لما يرون فيها من انعكاس للواقع أو المستقبل، فما هي الاحلام؟

تعتبر الأحلام نوعاً من النشاط العقلي الذي يحدث داخل المخ خلال النوم، وتعتبر مرحلة الأحلام مرحلة مهمة لصفاء الذهن وللذاكرة الإجرائية. وتستهوي الأحلام العلماء والباحثين لما تمثله من نشاط خاص وغريب للمخ، ويتفاوت محتوى الحلم من أفكار وصور بسيطة إلى قصص مطولة يصعب التفريق بينها وبين الحقيقة، وقد تتضمن الكثير من النشاط الجسدي. والذي يظهر أن الأحلام في غالب الأمر تعكس التجارب اليومية التي مر بها الإنسان؛ وأوضحت الدراسة التي أجريت في جامعة "مونتريال" واعتمدت على استفتاءات شارك فيها 300 شخص من الجنسين، أن الرجال في العادة تنتابهم كوابيس مزعجة عن الحرائق والفيضانات والحروب والكوارث. وفي المقابل فإن كوابيس النساء المفزعة تكون عن المشاحنات والمشاجرات البسيطة والأكاذيب والخيانة. وعادة ما تهتم السيدات بمحتوى الأحلام أكثر بكثير من الرجال.

** هل فعلاً لوضعية النوم تأثير على الجسم، وأن الدماغ يتخلص من النفايات خلال النوم؟

لقد نهى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عن النوم على البطن في عدة أحاديث صحيحة منها حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مُضْطَجِعًا عَلَى بَطْنِهِ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ ضِجْعَةٌ لَا يُحِبُّهَا اللَّهُ". وفي دراسة علمية قام بها باحثون من جامعة ستوني بروك في نيويورك، أظهرت نتائج مثيرة جداً تتعلق بوضعية النوم. فقد درس الباحثون تأثير وضعية النوم على فعالية الدماغ في التخلص من النفايات الخلوية في أوضاع النوم المختلفة كالنوم على الجنب، والنوم على الظهر، والنوم على البطن. ووجد الباحثون أن فعالية الجهاز الليمفاوي الدماغي لفلترة الدماغ من النفايات كانت في أعلى مستوياتها عند نوم على الجنب، وفي أسوأ حالاتها عند النوم على البطن.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org