بعد مرور عام على عاصفة الحزم.. "المخلوع" خارج معادلة مصالح اليمن

اقتصر ظهوره على قنوات إيرانية واتسمت حواراته بالتناقض
بعد مرور عام على عاصفة الحزم.. "المخلوع" خارج معادلة مصالح اليمن

كشف الظهور الأخير لمخلوع اليمن علي صالح على قناة "روسيا اليوم" عن المأزق الذي يعيشه المخلوع، بعد أن تحول إلى صفر على شمال المعادلة السياسية في البلاد، بعد أن كان الرقم الصعب طيلة ٣ عقود من الزمن.

ويعدّ هذا الظهور هو السادس للمخلوع إعلامياً خلال فترة قصيرة، رغم اقتصار ظهوره على قناتي "الميادين" الإيرانية الهوى والهوية، وقناة "روسيا اليوم"، وتعود كثافة ظهوره إلى محاولاته الإيحاء بأنه ما زال موجوداً في المشهد السياسي اليمني بعد مرور عام على انطلاق عاصفة الحزم التي كتبت نهاية مسيرة ومشروع الراقص على رؤوس الثعابين، كما كان يطلق على نفسه أثناء وجوده في الحكم رئيساً لليمن.

خلط الأوراق

حديث المخلوع حمل جملة من التناقضات، وكان لافتاً اهتزازه وتشتته وعدم اتزانه ومحاولته توجيه الحديث نحو الإساءة للمملكة العربية السعودية عبر جملة اتهامات باطلة. حاول المخلوع خلط الأوراق في توقيت مؤتمر الكويت الذي يبحث حلاً سياسياً ينهي العملية الانقلابية بعد إعلان الميليشيات عن استسلامها واستعدادها لتسليم مؤسسات الدولة وأسلحة الجيش المنهوبة ومغادرة المناطق التي تحتلها.

إحدى رسائل المخلوع المتناقضة التي كشفت عن عدم توازنه هي حديثه عن الرغبة في إنجاح حوار الكويت وإرساله وفداً؛ لبحث آلية تطبيق قرار مجلس الأمن ٢٢١٦ وإعلانه رفضه لشرعية الرئيس "هادي" المستمدة حسب قوله من القرار ٢٢١٦. وفي ذات الوقت يطرح مقترحاً لتطبيق القرار عبر حكومة انتقالية وقوات متعددة الجنسيات تمثل الامم المتحدة في استعادة سلاح الجيش الذي نهبته الميليشيات.

وفي حين تحدّث المخلوع عن حكومة وحدة وطنية وانتخابات وفق الدستور السابق، ورفضه لمخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية كمرجعية، يعود ويناقض نفسه ويطالب بعودة حكومة "بحاح"؛ لكونها تملك شرعية توافقية مستمدة من المبادرة الخليجية والتوافق الوطني، وكونها تستند لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني.

وأيضاً يناقض المخلوع نفسه بحديثه عن رفض حزبه الحوار مع وفد الشرعية؛ لكون هذا الوفد يمثل الرياض يطالب في ذات الفقرة بالحوار مباشرة مع المملكة العربية السعودية؛ لكونها من تقود التحالف ومن يساند الشرعية.

مطلوب للشعب

وخلافاً لكل الحوارات التي أجريت مع المخلوع صالح منذ بداية حرب التحالف العربي المساند للشرعية في اليمن افتقر المخلوع للغة السياسية وعملية اللعب وخلط الأوراق، وبدا خالي اليدين من أية أوراق يرميها على الطاولة سوى ورقة الانكسار والشعور بقلة الحيلة وفقدان القدرة على الفعل والتأثير.

لم يكن المخلوع المسكون بعشق السلطة والجاه والتفرد بالقرار يتوقع أن يصل إلى خاتمة مهينة حوّلته من رئيس اليمن وقائد الجيش ورئيس الحزب الأكبر في البلاد والزعيم المدعوم من دول الخليج... حولته إلى مطلوب للشعب اليمني يتخفى في بدرومات وغرف مظلمة، ويعيش مطارداً بلعنات شعبه الذي ضحى به من أجل نزوات أنانية وانتقامية خاصة لا تستقر إلا في صغار النفوس والهمم.

ورغم تظاهره أحياناً بالشجاعة والقدرة على مواصلة الحرب حتى لو انتهى السلاح يعود ليطالب بالسماح له بالخروج من اليمن للعلاج وإسقاط العقوبات المفروضة عليه من قبل مجلس الأمن هو ونجله "أحمد" الذي كان يعدّه لخلافته في حكم اليمن.

مسيرة انتهازية

وحين كان مذيع قناة "روسيا اليوم" يختتم حواره مع المخلوع وتوديعه أطلق المخلوع رسالة هي الأهم في كل محاور المقابلة التلفزيونية، وكانت الرسالة هي إعلان المخلوع استعداده لترك العمل السياسي نهائياً إذا استعادت البلاد الأمن والاستقرار والأمان؛ حسب وصفه.

هذه الرسالة كانت عبارة عن موافقة المخلوع بشكل علني على مطالب التحالف والشرعية بإنهاء الدور السياسي للمخلوع، وترك قيادة حزب المؤتمر وتشكيل قيادة جديدة للحزب ستتمثل بالرئيس "هادي" والقيادات الاخرى التي تركت المخلوع وأعلنت مساندتها للرئيس "هادي" والشرعية وعددها كبير جداً. وجاء إعلان المخلوع هذا مشفوعاً برجاء، وإن حمل نبرة تحدٍّ بأن يبقى في اليمن، ولا يتم مطالبته بمغادرة البلاد مرغماً، بل حسب رغبته سواء للعلاج أو للسياحة كما قال.

ويكتشف المتابع لحوارات المخلوع وعمليات ظهوره إعلامياً منذ بداية الانقلاب كيف تراجع منسوب القوة في الطرح ابتداءً من خطاب تهديده للرئيس "هادي" بعدم وجود منفذ يهرب منه غير البحر، حين كانت قواته وميليشيات الحوثي تتجه إلى عدن لإكمال عملية الانقلاب، وكيف انتهى الحال بطاغية اليمن إلى التوسل للسماح له بالخروج من البلاد لتلقي العلاج، واستعداده للتخلي عن العمل السياسي بشكل نهائي.

ويمكن اعتبار الظهور الأخير للمخلوع النهاية الحتمية لمسيرة انتهازية ودموية وتخريبية قادها زعيم الانقلاب ومهندس تفريخ الجماعات الإرهابية طيلة ٤٠ عاماً، حوّل فيها اليمن إلى حلبة لتصارع مشاريعه ومخططاته، في حين يقف هو متفرجاً ومنتشياً بانشغال الجميع عنه بمشاريعه ومؤامراته.

وقد وصلت الحالة النفسية بالمخلوع إلى أن يفصح عن غضبه من تحرير محافظة حضرموت من وجود تنظيم "القاعدة" بإنكار حقيقة وجود القاعدة، مكذباً نفسه حين اتهم التحالف والمملكة العربية السعودية قبل فترة بسيطة بتسليم حضرموت للقاعدة.

هل يتوقع المخلوة ان تنتهي مسيرته هكذا بالموت سياسياً والاستسلام دون عقاب أو محاكمة من قبل الشعب اليمني داخل او خارج اليمن، أم إن مصير ديكتاتور الصرب الشهير يقضّ مضجعه كل ليلة؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org