بونعامة يستكشف مرتكزات الكتابة التاريخية عند سلطان القاسمي في "مؤرخ العصر"

كتب وألّف وحقّق ودقّق وراجع العديد من الكتب والوثائق والمصادر التاريخية
بونعامة يستكشف مرتكزات الكتابة التاريخية عند سلطان القاسمي في "مؤرخ العصر"

حسين أبو السباع

يناقش الكاتب والباحث الأكاديمي الدكتور منّـي بونعامة في كتابه "مؤرخ العصر"، الصادر عن معهد الشارقة للتراث 2016، مرتكزات الكتابة التاريخية عند الشيخ الدكتور "سلطان بن محمّد القاسمي"، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة من خلال دراسة أعماله التاريخية والاستظهار بما حوته من معلومات ومصادر تاريخية متنوعة.
 
ويستهل المؤلف باستعراض السياق العام للدراسة مؤكداً أنَّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمّد القاسمي يُعدّ مؤرخاً من الطراز الأوّل، ومن القلائل الذين ارتادوا حقل التاريخ متسلّحين بمنهج علميّ دقيق وزاد معرفيّ وفير، كتب وألّف وحقّق ودقّق وراجع العديد من الكتب والوثائق والمصادر التاريخية عن تاريخ الخليج العربي بشكل عام، والإمارات العربية بشكل خاص، كما تضمّ أعماله التاريخية مادةً وثائقيةً غنيةً، وهي تتطلب سبحاً طويلاً وغوصاً عميقاً؛ لسبر أغوارها، والوقوف على مختلف تمفصلاتها؛ ممّا ينسجم مع طبيعة هذه الدراسة، التي ترتكز على الأعمال التاريخية.
 
وأشار إلى أنه بالنظر إلى طبيعة المادة التاريخية المدوّنة، يمكننا القول، ومن الوهلة الأولى: "إنّ سلطان القاسمي توافر فيه من الصفات والسمات، ما يجعله مؤرخ العصر، وشيخ المؤرخين العرب، بل أهم مؤرخ عربيّ معاصر؛ لمَا يتّسم به نتاجه التاريخي من غزارة وتنوّع، وما تمتاز به كتابته من دقّة وشمول وتمحيص وعمق تاريخيّ وحسّ مرهف، قلّما نجد له مثيلاً في زماننا".
 
ولئن أجرينا إطلالة على عناوين المدوّنة التاريخية، فإننا سنصادف عمقاً كبيراً يعبّر عن بحرٍ زاخرٍ من العلم، وظلالٍ وارفةٍ من العمل والعطاء، في سنوات طِوال، كرّس فيها مؤرخنا حياته وجهده ونشاطه، خدمةً لمشروعه التاريخي، الهادف إلى كتابة تاريخ منطقة الخليج بشكل عام، وإمارات الساحل العربي "دولة الإمارات العربية المتحدة حالياً" بشكل خاص، وتنقيته من الشوائب، وتنقيحه ممّا علق به من دسائس، من لدن تلامذة المدرسة الاستعمارية ومن حذا حذوهم ولفّ لفّهم وأفاض من حيث أفاضوا؛ سعياً منهم إلى تزييف تاريخ المنطقة، وتحريف القول عن مواضعه؛ خدمةً لمآربهم الشخصية وغاياتهم الآنية، التي تتماشى مع خططهم الاستعمارية؛ لذلك انبرى مؤرخنا للرد عليهم ودحض حججهم الواهية، متسلّحاً بعدّته المنهجية وعتاده الوثائقيّ وأدواته المعرفية، مستظهراً ـ حيناً ـ بما وعته ذاكرته وحوته تقاييده من أخبار وحوادث، عاصرها أو كان شاهد عيان عليها، ومتكئاً ـ أحياناً أخرى ـ على الوثائق الصحيحة، وما تضمنته في تضاعيفها من معلومات موثوق بها، أماط عنها اللثام، وأتحف بها الأفهام؛ فأنارت دروباً كانت معتمة في ليالٍ مظلمةٍ.
 
إنّ الكتابة التاريخية عند مؤرخنا "سلطان القاسمي"، تتأسس على مرتكزات قوية وخصائص فارقة، تنمّ عن مؤرخ مخضرم؛ إذ تقوم على منهجي المقارنة والمقابلة بين الروايات التاريخية، والاعتماد على الوثائق الصحيحة في إعادة بناء الحدث التاريخي وقراءة الماضي بعين فاحصة وقلم جاد ينشد الصدق والموضوعية والحياد، بعيداً عن المواربة والمجاملة والانتقائية، كما تستند ـ في الوقت نفسه ـ إلى ركن شديد، وخلفية إسلامية عريقة، وبُعد قوميّ أصيل، أضفى على الكتابة طابعاً متمايزاً في القراءة والفهم والتوظيف.
 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org